(1)
حيارى، وكؤوسنا مترعة إلى آخرها بالأسئلة، لا نعرف باباً كي نطرقه، ولا سبيلاً لنمشيه، نسير إلى الله عرجاً ومكاسير نبحث عن الجبر واليقين.
أأحسن أن أشق عن صدري فأعرف داعي الإخلاص من موطن النفاق؟ أيعرف العقل إدراك الله بالحس والمادة والمشاهدة والإعجاز؟
لا أبصر إلا اللافتة فوق رأسي، (إنما أنا أود إقامة الديانة في صدري.. بناء أعمدة نفسي على بصيرة، فيصير كياني متين العُرى، ويستوي بالحق على ما سَلِمْ من الفطرة، أن أصوغ نسختي من الإجابة عن سؤال: ماذا أفعل في وسع هذا الكون؟ أُداوم الطرق على الباب علّه يُفتح لي، وأحمل مُراد الله، منّي، في قلبي لأبدأ السعي؟
فإن استويت قائمةً، ذهبت أتلمس كل شبر تطأه خطاي المترددة أزرع به فسيلة كل وقت، عساي أزهر، وتزهر ورود مشقة الطريق، تبلغنا "مقعد صدق عند مليك مُقْتَدِرْ").
(2)
يتلو الشيخ من قوله "أَوَمَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا" ويذكر الوعد "أن لهم دار السلام".
نحن نعرف أن الإيمان محله اللطيفة الربانية ذات الشعور، وأنه نور الله الذي يجعله لمن يريد أن يحييه، لكن ما السبيل يا رب؟ مهما امتلأ الرأس عنك لا تملأ القلب مثقال ذرة بك، بحبك، بيقين وجودنا المتعلق بأستارك.
أسهو في أمر الدنيا حتى يأتي قوله: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
دلنا بك عليك يا حِرز اللاجئين، اهدنا الصراط المستقيم، فكل السبل تشابهت علينا وإنا إن شاء جلالك لمهتدون.
نرجو أن تأتي لحظة الفتح فنقول: "إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"، ولكنا عبادك حقت عليهم سنتك أن "لولا هدانا الله ما اهتدينا"، نسألك الهدى، والنُسُّك، والصراط والمستقيم، وأن تحيينا حياة طيبة لنلقى وجهك طيبين.
(3)
كنت أتخبط خوف الفتن حتى أشرق على قلبي نور قولك "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره"، وأتممت نعمتك اليوم بفتح آية "فلا يكن في صدرك حرج منه".
نحن؛ من نحن؟ نحسب أنفسنا الغرباء القابضين على دينهم كجمر من نار، وقد نكون الأدعياء الذين تُسَعّرُ بهم النار يسبقون بعذابهم خطايا العالمين، إن أُعطينا دعاء ليلة وقيام ركعة حسبنا أننا مُهتدون، تردد ألسنتنا أن الفضل لك، والقلب مشرب هواه مُعجَب بعمله الشحيح.
وإن أعطيتنا رِزق ذِكركْ وسط قلة غافلين، رفعنا رؤوسنا كالطواويس نرتفع بها على الخلق، وإن شهدنا فتنة وخشينا الزَّلَقْ، ألبسنا أنفسنا لباس التقوى ليعلم المفتونون أننا منزهون عن أدرانهم.
أنقول هذا لأنفسنا ونحاسبها ونؤوب؟ لا يا رب، بل تأخذنا العزة بالإثم، ونهرب إلى دار الرياء ظانين أننا نصدح بدينك.
يا ربّ أمرْتَ بالقسط فأعنّا أن نقيم وجوهنا عند كل مسْجِدِ ولا تحرمنا أن ندعوك، وأنزلن بقلوبنا الإخلاص نرفع الأكف مخلصين لك الدين كما بدأتنا نعود.
(4)
كانت ليلة الخامس والعشرين، أول ليلة قدر أشهدها في بيت من بيوتك، وفي جماعة لم ينقطع ذرف دموعها عند آيات الأعراف، من ذاق عرف، وقد ذقت معنى الحرمان والإبعاد طويلاً، فبينما عبادك يدقون باب التضرع والرجاء، أنا أقف في مؤخر الصف جامدة العين لاهية القلب، لم يغِب عني عظمة المعنى، لكن القلب في قفصه لم يتحرر بعد.
تعلمنا أن العبد الطيب هو مَن تستوي عبادته، والفائز هو الشهيد في سبيلك، لكنهم لم يحدثونا عن الحياة في سبيلك يا رب، عن مقام الصديقين الذي وُصِف به أنبياؤك وأتقياؤك، لم يشرحوا لنا أن الصِّدّيقين هم مَن عاشوا في سبيل الله وهو أشق الجهاد، ولذا كانت أمارات الفتح في تصورنا هي بكاء ساعة ورزقاً في دعاء.
يأتي الشيخ موضع الكشف "أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً" وقلبي يمتلئ بمزيد من الأسئلة، بعد سنوات بقي سؤالي الأكبر قائماً: كيف أحيا بالله وكيف أكون نفساً بأمة فأقيم الوعد الحق في الدنيا كي ألقاه في الآخرة؟
من عاش على شيء مات عليه، وماذا عن واهني الخطى يا رب؟ أتشفع لهم نوازع بذلِ تضيق عن حيازتها الصدور؟
اجعل لنا من حيرتنا هدى به تُفَتّح لنا أبواب السماءِ يا رب.
(5)
يكبر الشيخ ويتلو ويترنم حتى يأتي قوله: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية" فأذكر الحجارة التي استوت بقلبي وقطعتني عن رجائك.
لو كان بيدي أمر شيء من قلبي، لسألتك أن لا تحرمني ساعة دعاء والقلب مجموع عليه.
"معلقة أرواحنا بأستار فتحك، اعفُ عنا وعافنا، وأول العفو من حاجاتنا أن تلملم جراحنا بجَبْرِك وتؤتينا اليقين".
حيارى، وكؤوسنا مترعة إلى آخرها بالأسئلة، لا نعرف باباً كي نطرقه، ولا سبيلاً لنمشيه، نسير إلى الله عرجاً ومكاسير نبحث عن الجبر واليقين.
أأحسن أن أشق عن صدري فأعرف داعي الإخلاص من موطن النفاق؟ أيعرف العقل إدراك الله بالحس والمادة والمشاهدة والإعجاز؟
لا أبصر إلا اللافتة فوق رأسي، (إنما أنا أود إقامة الديانة في صدري.. بناء أعمدة نفسي على بصيرة، فيصير كياني متين العُرى، ويستوي بالحق على ما سَلِمْ من الفطرة، أن أصوغ نسختي من الإجابة عن سؤال: ماذا أفعل في وسع هذا الكون؟ أُداوم الطرق على الباب علّه يُفتح لي، وأحمل مُراد الله، منّي، في قلبي لأبدأ السعي؟
فإن استويت قائمةً، ذهبت أتلمس كل شبر تطأه خطاي المترددة أزرع به فسيلة كل وقت، عساي أزهر، وتزهر ورود مشقة الطريق، تبلغنا "مقعد صدق عند مليك مُقْتَدِرْ").
(2)
يتلو الشيخ من قوله "أَوَمَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا" ويذكر الوعد "أن لهم دار السلام".
نحن نعرف أن الإيمان محله اللطيفة الربانية ذات الشعور، وأنه نور الله الذي يجعله لمن يريد أن يحييه، لكن ما السبيل يا رب؟ مهما امتلأ الرأس عنك لا تملأ القلب مثقال ذرة بك، بحبك، بيقين وجودنا المتعلق بأستارك.
أسهو في أمر الدنيا حتى يأتي قوله: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
دلنا بك عليك يا حِرز اللاجئين، اهدنا الصراط المستقيم، فكل السبل تشابهت علينا وإنا إن شاء جلالك لمهتدون.
نرجو أن تأتي لحظة الفتح فنقول: "إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"، ولكنا عبادك حقت عليهم سنتك أن "لولا هدانا الله ما اهتدينا"، نسألك الهدى، والنُسُّك، والصراط والمستقيم، وأن تحيينا حياة طيبة لنلقى وجهك طيبين.
(3)
كنت أتخبط خوف الفتن حتى أشرق على قلبي نور قولك "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره"، وأتممت نعمتك اليوم بفتح آية "فلا يكن في صدرك حرج منه".
نحن؛ من نحن؟ نحسب أنفسنا الغرباء القابضين على دينهم كجمر من نار، وقد نكون الأدعياء الذين تُسَعّرُ بهم النار يسبقون بعذابهم خطايا العالمين، إن أُعطينا دعاء ليلة وقيام ركعة حسبنا أننا مُهتدون، تردد ألسنتنا أن الفضل لك، والقلب مشرب هواه مُعجَب بعمله الشحيح.
وإن أعطيتنا رِزق ذِكركْ وسط قلة غافلين، رفعنا رؤوسنا كالطواويس نرتفع بها على الخلق، وإن شهدنا فتنة وخشينا الزَّلَقْ، ألبسنا أنفسنا لباس التقوى ليعلم المفتونون أننا منزهون عن أدرانهم.
أنقول هذا لأنفسنا ونحاسبها ونؤوب؟ لا يا رب، بل تأخذنا العزة بالإثم، ونهرب إلى دار الرياء ظانين أننا نصدح بدينك.
يا ربّ أمرْتَ بالقسط فأعنّا أن نقيم وجوهنا عند كل مسْجِدِ ولا تحرمنا أن ندعوك، وأنزلن بقلوبنا الإخلاص نرفع الأكف مخلصين لك الدين كما بدأتنا نعود.
(4)
كانت ليلة الخامس والعشرين، أول ليلة قدر أشهدها في بيت من بيوتك، وفي جماعة لم ينقطع ذرف دموعها عند آيات الأعراف، من ذاق عرف، وقد ذقت معنى الحرمان والإبعاد طويلاً، فبينما عبادك يدقون باب التضرع والرجاء، أنا أقف في مؤخر الصف جامدة العين لاهية القلب، لم يغِب عني عظمة المعنى، لكن القلب في قفصه لم يتحرر بعد.
تعلمنا أن العبد الطيب هو مَن تستوي عبادته، والفائز هو الشهيد في سبيلك، لكنهم لم يحدثونا عن الحياة في سبيلك يا رب، عن مقام الصديقين الذي وُصِف به أنبياؤك وأتقياؤك، لم يشرحوا لنا أن الصِّدّيقين هم مَن عاشوا في سبيل الله وهو أشق الجهاد، ولذا كانت أمارات الفتح في تصورنا هي بكاء ساعة ورزقاً في دعاء.
يأتي الشيخ موضع الكشف "أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً" وقلبي يمتلئ بمزيد من الأسئلة، بعد سنوات بقي سؤالي الأكبر قائماً: كيف أحيا بالله وكيف أكون نفساً بأمة فأقيم الوعد الحق في الدنيا كي ألقاه في الآخرة؟
من عاش على شيء مات عليه، وماذا عن واهني الخطى يا رب؟ أتشفع لهم نوازع بذلِ تضيق عن حيازتها الصدور؟
اجعل لنا من حيرتنا هدى به تُفَتّح لنا أبواب السماءِ يا رب.
(5)
يكبر الشيخ ويتلو ويترنم حتى يأتي قوله: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية" فأذكر الحجارة التي استوت بقلبي وقطعتني عن رجائك.
لو كان بيدي أمر شيء من قلبي، لسألتك أن لا تحرمني ساعة دعاء والقلب مجموع عليه.
"معلقة أرواحنا بأستار فتحك، اعفُ عنا وعافنا، وأول العفو من حاجاتنا أن تلملم جراحنا بجَبْرِك وتؤتينا اليقين".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mai-abdelghany/post_15418_b_17457952.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات