من أهم المحتفلين بالنصر كان رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي أعلن النصر من نينوى، إيذاناً بتحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش، الذي طال انتظاره.
العراقيون ليسوا لوحدهم مَن احتفل بالنصر "العظيم"، بل العالم أجمع، كون المحافظة كانت المقر الأهم للتنظيم في العراق.
الجنرال المثير للجدل لبعض العراقيين، ولكافة دول الخليج قاسم سليماني، هنَّأ بدوره الشعب العراقي ونسب النصر لـ"الحشد الشعبي"، واعتبر بلده من أهم أسباب النصر لدعمه اللامحدود للحشد الشعبي"، في إبعاد متقصّد لفكرة الدولة العراقية (التي يمثّلها السيد العبادي نفسه، ومؤسسات الرئاسة والحكومة والبرلمان والجيش)، وفي تركيز على الجانب الجهاديّ الشيعيّ.
وكان التأكيد البليغ على وجه معيّن للبلاد قول الجنرال إن العراق "لن يسمح ببقاء أي قوّات أجنبية طامعة"، وهو يعني، بالضرورة، أن إيران، هي خارج تعريف "القوّات الأجنبية الطامعة"، أو أن العراق نفسه هو مقاطعة إيرانية، وهذا ما جاء في رأي صحيفة القدس العربي.
قيس الخزعلي، زعيم ميليشيا العصائب، استخدم مناسبة التحرير لدعم الرؤية الطائفية للحدث، قائلاً إن "على المكوّن السني أن يعرف أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وهنالك من سبب إراقة الدماء في البلاد"، ويفهم من الكلام أن تنظيم "الدولة" هو تعبير عن "المكوّن السنّي"، وأن الانتصار عليه هو انتصار على ذلك "المكوّن"، متناسياً أو متعمداً إخفاء سبب سقوط الموصل الحقيقي، وكأن المواطن "السني" هو مَن أدخل هذا التنظيم الإرهابي، الذي عاث فساداً بأرضه وليس بأرض السيد قيس الخزعلي!
برغم كل ما سبق، تستمر الاحتفالات والاستعراضات العسكرية، ومن حق العالم أجمع الاحتفال بالنصر على هذا التنظيم "الوحشي"، الذي وصل صيت إرهابه للمشرق والمغرب، والذي يستخدم أساليب منظمة باسم الدين الإسلامي، ونظاماً يتعارض مع القوانين الأممية والمحلّية، وفرض نفسه بالقوّة، وما كان ليزول بغير القوّة.
لن أسترسل كثيراً بهذا المقال عن حجم الدمار والخراب الذي حل نتيجة التنظيم، أو نتيجة التحرر منه، برغم تطرقي البسيط له لضخامته، بل سنتحدث عن مآلات ما بعد التحرير، وأين تتجه البوصلة الموصلية والأنبارية والتكريتية بعد ما تحررت المدن؟ وهل اتعظ أهل تلك المناطق بما جرى؟ وهل ستتخذ الحكومة تدابير لعدم تكرار ذلك وتزيل ما تسبب بإدخال هذا التنظيم؟ كل تلك التساؤلات هي أهم من الإعمار والبناء؛ حيث إن العراق بلد غني بثرواته الطبيعية، ومنوع بموارده، وسيعاد العراق أفضل مما كان عليه، والتجارب والحروب السابقة أكدت ذلك، لكن التخوف مما ستصل إليه الأمور لاحقاً.
الإحصائيات التي تم تداولها تتحدث عن تعرّض المدينة، أثناء "تحريرها"، لتدمير بنسبة 80٪ تشمل 9 مستشفيات من أصل 10، و76 مركزاً صحياً من أصل 98، وكل جسور المدينة، وتدمير 308 مدارس و12 معهداً وجامعة، و4 محطات كهرباء، و6 محطات للمياه، ومعمل أدوية، و63 دار عبادة بين مسجد وكنيسة، و212 معملاً وورشة، و29 فندقاً، ومعامل الغزل والنسيج والكبريت والإسمنت والحديد.
التصريحات والتكهنات التي بدأت تُطرح حالياً في الشارع العراقي لا تستند إلى أساس المواطنة، بل تقوم على أسس مختلفة يصعب أن تجمع العراقيين وتلملم شتاتهم، بدءاً من أجندات القوى الكبرى التي ساهمت في الانتصار، من "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية (الدول الأجنبية الطامعة بتعريف سليماني)، إلى إيران التي تشرف على مجريات المعارك العسكرية والسياسية.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن العراقي المسكين من أبناء تلك المناطق المحررة أي عونٍ أو بارقة أملٍ يرى بعض المتصيدين بالماء العكر ممن يدسون السم بالعسل تهديداً وخطفاً وإرهاباً في أحيان كثيرة.
الأمم المتحدة تجهز حالها لتقديم نصائح للعراقيين بإحقاق العدالة والمصالحة، وإلا فإن بلدهم مرشح "لمزيد من العنف والمعاناة"، وكذلك منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان العالمية التي تتحدّث عن الجحيم الذي عاشه العراقيون على يد كل الأطراف، بما فيها "التحالف الدولي"، ومع بقاء رأي الأمم المتحدة والمنظمات حبراً على ورق، يعاد التساؤل الذي يحتاج لإجابة: هل اتعظ العراقيون من مصابهم؟!
العراقيون ليسوا لوحدهم مَن احتفل بالنصر "العظيم"، بل العالم أجمع، كون المحافظة كانت المقر الأهم للتنظيم في العراق.
الجنرال المثير للجدل لبعض العراقيين، ولكافة دول الخليج قاسم سليماني، هنَّأ بدوره الشعب العراقي ونسب النصر لـ"الحشد الشعبي"، واعتبر بلده من أهم أسباب النصر لدعمه اللامحدود للحشد الشعبي"، في إبعاد متقصّد لفكرة الدولة العراقية (التي يمثّلها السيد العبادي نفسه، ومؤسسات الرئاسة والحكومة والبرلمان والجيش)، وفي تركيز على الجانب الجهاديّ الشيعيّ.
وكان التأكيد البليغ على وجه معيّن للبلاد قول الجنرال إن العراق "لن يسمح ببقاء أي قوّات أجنبية طامعة"، وهو يعني، بالضرورة، أن إيران، هي خارج تعريف "القوّات الأجنبية الطامعة"، أو أن العراق نفسه هو مقاطعة إيرانية، وهذا ما جاء في رأي صحيفة القدس العربي.
قيس الخزعلي، زعيم ميليشيا العصائب، استخدم مناسبة التحرير لدعم الرؤية الطائفية للحدث، قائلاً إن "على المكوّن السني أن يعرف أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وهنالك من سبب إراقة الدماء في البلاد"، ويفهم من الكلام أن تنظيم "الدولة" هو تعبير عن "المكوّن السنّي"، وأن الانتصار عليه هو انتصار على ذلك "المكوّن"، متناسياً أو متعمداً إخفاء سبب سقوط الموصل الحقيقي، وكأن المواطن "السني" هو مَن أدخل هذا التنظيم الإرهابي، الذي عاث فساداً بأرضه وليس بأرض السيد قيس الخزعلي!
برغم كل ما سبق، تستمر الاحتفالات والاستعراضات العسكرية، ومن حق العالم أجمع الاحتفال بالنصر على هذا التنظيم "الوحشي"، الذي وصل صيت إرهابه للمشرق والمغرب، والذي يستخدم أساليب منظمة باسم الدين الإسلامي، ونظاماً يتعارض مع القوانين الأممية والمحلّية، وفرض نفسه بالقوّة، وما كان ليزول بغير القوّة.
لن أسترسل كثيراً بهذا المقال عن حجم الدمار والخراب الذي حل نتيجة التنظيم، أو نتيجة التحرر منه، برغم تطرقي البسيط له لضخامته، بل سنتحدث عن مآلات ما بعد التحرير، وأين تتجه البوصلة الموصلية والأنبارية والتكريتية بعد ما تحررت المدن؟ وهل اتعظ أهل تلك المناطق بما جرى؟ وهل ستتخذ الحكومة تدابير لعدم تكرار ذلك وتزيل ما تسبب بإدخال هذا التنظيم؟ كل تلك التساؤلات هي أهم من الإعمار والبناء؛ حيث إن العراق بلد غني بثرواته الطبيعية، ومنوع بموارده، وسيعاد العراق أفضل مما كان عليه، والتجارب والحروب السابقة أكدت ذلك، لكن التخوف مما ستصل إليه الأمور لاحقاً.
الإحصائيات التي تم تداولها تتحدث عن تعرّض المدينة، أثناء "تحريرها"، لتدمير بنسبة 80٪ تشمل 9 مستشفيات من أصل 10، و76 مركزاً صحياً من أصل 98، وكل جسور المدينة، وتدمير 308 مدارس و12 معهداً وجامعة، و4 محطات كهرباء، و6 محطات للمياه، ومعمل أدوية، و63 دار عبادة بين مسجد وكنيسة، و212 معملاً وورشة، و29 فندقاً، ومعامل الغزل والنسيج والكبريت والإسمنت والحديد.
التصريحات والتكهنات التي بدأت تُطرح حالياً في الشارع العراقي لا تستند إلى أساس المواطنة، بل تقوم على أسس مختلفة يصعب أن تجمع العراقيين وتلملم شتاتهم، بدءاً من أجندات القوى الكبرى التي ساهمت في الانتصار، من "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية (الدول الأجنبية الطامعة بتعريف سليماني)، إلى إيران التي تشرف على مجريات المعارك العسكرية والسياسية.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن العراقي المسكين من أبناء تلك المناطق المحررة أي عونٍ أو بارقة أملٍ يرى بعض المتصيدين بالماء العكر ممن يدسون السم بالعسل تهديداً وخطفاً وإرهاباً في أحيان كثيرة.
الأمم المتحدة تجهز حالها لتقديم نصائح للعراقيين بإحقاق العدالة والمصالحة، وإلا فإن بلدهم مرشح "لمزيد من العنف والمعاناة"، وكذلك منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان العالمية التي تتحدّث عن الجحيم الذي عاشه العراقيون على يد كل الأطراف، بما فيها "التحالف الدولي"، ومع بقاء رأي الأمم المتحدة والمنظمات حبراً على ورق، يعاد التساؤل الذي يحتاج لإجابة: هل اتعظ العراقيون من مصابهم؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/abd-al-latif-al-zaidy-/story_b_17515162.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات