الأربعاء، 12 يوليو 2017

مضحكات الأخبار ومبكياتها

مضحكات الأخبار ومبكياتها

تطالعنا في بعض الأحيان بعض الأخبار الطريفة من هنا وهناك، وهي أخبار تدفعنا للابتسام، وتأتي عادة في آخر النشرات، في محاولة ربما لتخفيف حدة الشعور بالذنب لدى المعدين، بسبب الكآبة التي تنهال علينا أثناء استماعنا لما يحدث لنا وحولنا.

بعض الأخبار استمعت إليها واعتبرت أنها من إحدى تلك الطرائف، وبعضها الآخر عندما قرأتها على مواقع التواصل ظننتها تعبيراً عن خفة ظل البعض وسخريتهم الدائمة من الأوضاع القائمة، ولكنها ويا للعجب كانت أخباراً صحيحة.

أذكر مثلاً أنني ضحكت عندما علمت بأن إحدى التهم التي يحاكم عليها الرئيس محمد مرسي هي التخابر مع حماس ظناً مني أنها نكتة، ولكن المفاجأة ألجمتني ولم أدر ماذا أقول عندما علمت أن هذا خبر صحيح، وأنه لا يمت للنكات بصلة، فعقلي حينها لم يكن مستوعباً لدرجة التصهين التي انحدر إليها نظام السيسي.

خبر آخر ظننته من إحدى الطرائف الفيسبوكية والتويترية وهو قرار الدول التي تحاصر قطر بمعاقبة مواطنيها الذين يتعاطفون مع قطر، ولو بتغريدة، بعقوبات شتى، من غرامة إلى سجن إلى سحب جنسية.

بدا الأمر مضحكاً فعلاً، ولكنه ويا للعجب مجدداً كان حقيقياً وحقيقياً بشكل فج.

ومرة أخرى وجدت صعوبة في التصديق بأن بعض الأنظمة لدينا لم تكتف بإعادة المكارثية فقط، وإنما هي تعيدها بهذا الشكل الكاريكاتوري الذي يناسب الأزمة من مبتدئها.

واحدة من آخر هذه الطرائف كانت قائمة المطالب التي أشهرتها هذه الدول بوجه قطر، فهي مطالب مثيرة للضحك بقدر ما هي مثيرة للشفقة، فمثلاً أحد هذه المطالب هو تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، وقد أوصلت دول الحصار هذه المطالب من خلال الكويت ، ولكن الكويت غير مطالبة بمثل هذا! فإذا كان هذا مطلباً خليجياً فلم يفرض على قطر وحدها وتستثنى الكويت وعُمان مثلاً؟!

ثم هنالك إغلاق القاعدة التركية، وقد أتت هذه القاعدة بعد حدوث الأزمة، فكيف صارت سبباً من أسبابها، أو شرطاً من شروط إنهائها؟!

وهنالك مطلب أن تكف قطر عن التدخل في أمور هذه الدول الداخلية.. هكذا! وهو مطلب يثير التقزز أكثر مما يثير الضحك؛ نظراً لأنه يأتي من دول دأبت على التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأخرى بأقذر الأساليب وأحطها، دول ما توانت في استخدام المال السياسي... دول تدخلت ضد شعوب وأوطان بأكملها فدمرتها، ووأدت ثوراتها، وقتلت شبابها، وشردت شعوبها..ولكن على رأي المثل (اللي استحوا ماتوا).


يبقى مطلب إغلاق شبكة قنوات الجزيرة هو المطلب الذي استحوذ على نصيب الأسد من الاهتمام من ضمن قائمة المطالب، وهو مطلب مضحك مبك في آن معاً، فلدى هذه الدول بدل الشبكة شبكات، وبدل القناة قنوات، وهي قنوات تم إنشاؤها أساسا لتنافس الجزيرة، فمجرد وضع هكذا مطلب يعني اعترافاً ضمنياً بأنهم مهزومون مفلسون إعلامياً على الأقل، ثم إن هذه الأنظمة بوضع هكذا مطلب تعيد التأكيد على أنها ذات عقلية قروسطية لا تنتمي لعصرنا ولا لطريقة تفكيره.

ولكن المحزن أكثر هو ذاك الجيش من المسبحين بحمد ولي الأمر الذي يدافع عن هذه الأنظمة وعن قراراتها وسياساتها بكل ما أوتي من لي حقائق وتخوين وسباب وشتائم، وسواء أكانوا مأجورين أم كانوا مقتنعين فعلياً بما يقولون فالأمر يبعث على الأسى ليس إلا.

يبقى واقعنا هو أكثر المضحكات المبكيات، فمفارقاته لا تنتهي، فقد انقلب كثير من المفاهيم، وديس كثير من المبادئ، وتحول كثير من المسلمات، وصار الأبيض أسود، والأسود أبيض، وما عاد أحدنا يعرف عدوه من صديقه.

فهل نحن فعلاً أمة ضحكت من جهلها الأمم؟!





ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/haneefa-anwar-bader/story_b_17425810.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات