الاثنين، 31 يوليو 2017

الأجانب سعداء وأبناء البلد يصارعون للبقاء.. هكذا انعكست الإجراءات الاقتصادية على الاستثمار في مصر

الأجانب سعداء وأبناء البلد يصارعون للبقاء.. هكذا انعكست الإجراءات الاقتصادية على الاستثمار في مصر

اضطر رجال الأعمال المصريون، مثل إبراهيم سودان، إلى اللجوء إلى السوق السوداء للبحث عن الدولار قبل عام لدفع ثمن الواردات، حين كانت البلاد تعاني نقصاً حاداً في العملة الأجنبية.

لكن البنوك اليوم امتلأت بالدولارات، وتم القضاء على السوق السوداء للدولار - نتيجة قرار القاهرة بتعويم الجنيه قبل ثمانية أشهر، وذلك للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وكان تخفيض قيمة العملة أحد الإجراءات السياسية الحساسة التي اتخذتها الحكومة، كشرط من شروط صندوق النقد الدولي، وساعدت على جذب المستثمرين الأجانب إلى السوق المحلي.

ولكن بالنسبة لرجال الأعمال المصريين، أدى حل تلك المشكلة إلى ظهور مجموعة جديدة من التحديات: ارتفاع التضخم وارتفاع تكاليف الاقتراض. تسببت هذه المشكلات في اضطرار بعض الشركات إلى إرجاء خططها التوسعية، بما في ذلك مصنع الريادة للأجبان المملوك لإبراهيم سودان، حسب تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.

فقد أجلت شركته خططاً لفتح مصنع عصير مع شريك أجنبي "حتى نعرف إلى أين نحن ذاهبون"، كما يقول، مشيراً إلى ارتفاع أسعار الفائدة والتكاليف المتزايدة للطاقة والنقل ومواد التعبئة والتغليف. يقول سودان: "لقد ارتفعت أسعار كل شيء بطريقة مخيفة".

ليست شركته هي الوحيدة التي تعاني. فقد تُركت الشركات التي عليها ديون بالعملات الأجنبية مكشوفة بعد أن فقد الجنيه نصف قيمته بعد تعويمه. وقد شهد المصنعون الذين يعتمدون على المدخلات المستوردة انخفاض رأس مالهم العامل بنسبة تصل إلى النصف. كما ضرب التضخم الذي بلغ نحو 30% القوة الشرائية لعملاء الشركات.

يقول عمر الشنيطي، العضو المنتدب لمجموعة ملتيبلز، وهي شركة مساهمة خاصة ومصرف استثماري: "من يستطيع أن يدير عملاً ناجحاً في ظل هذه المعدلات؟ الناس يقترضون لرأس المال العامل، ولكن الخطر لا يشجع على استثمار رأس المال على المدى الطويل. وعليك أن تحقق أرباحاً مستدامة تتراوح بين 30 و35 % حتى تحصل على قروض تتراوح فوائدها بين 22 و24%".

سبق وأن قام البنك المركزي هذا الشهر برفع سعر الفائدة على القروض فجأة إلى 19.75 %- وهي الزيادة الثانية له هذا العام 2017.

ويصر صندوق النقد الدولي على رفع أسعار الفائدة وضرورة إجراء الإصلاحات، التي تشمل فرض ضريبة القيمة المضافة وتخفيض دعم الطاقة. وفي الأسبوع الماضي، صرف الصندوق الشريحة الثانية البالغة 1.25 مليار دولار من القرض البالغ 12 مليار دولار.

وقال كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر: "أصبحت مصر في وضع أفضل من العام الماضي 2016، وأعتقد أنها اتخذت بالفعل أصعب الخطوات على مستوى الاقتصاد الكلي وما تبقى هو الاستمرار [في تنفيذ الإصلاحات]. لكن الأمر لا ينطوي على الكثير من التعديلات الكبيرة، وبالتأكيد ليس خلال الأشهر القليلة المقبلة".

وقال إن هناك حاجة إلى زيادات في أسعار الفائدة لتخفيف توقعات التضخم الذي يتوقع أن ينخفض ​​إلى ما بين 11 و 13 في المائة بحلول منتصف عام 2018 "مع استمرار السياسات القوية".

وتوقع محللو السوق في مصر موجة تضخمية جديدة عقب خطوة الحكومة بزيادة أسعار الوقود في نهاية يونيو/حزيران 2017 ، وقد تكون الطبقة المتوسطة أكثر عرضة من سواها لآثارها، على الرغم من الإعلان عن انخفاض معدل التضخم السنوي في مايو/أيار إلى 30.9% مقابل 32,9% في الشهر السابق، في أول تراجع منذ تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ما أفقده نصف قيمته.

وأشارت فايننشيال تايمز إلى أنه مع ازدياد التدفقات الخارجية وازدياد التحويلات المالية، ارتفعت احتياطيات النقد الأجنبي من 19 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول 2016 إلى 31 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران 2017.

ويقول المصرفيون أيضاً إنهم لاحظوا اهتمام الشركات الأجنبية بالاستثمار في الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم العربي.

ولكن هذه الإيجابيات لا توفر سوى القليل من الارتياح لسودان وآخرين في القطاع الخاص. يقول سودان إنه مع استيراد أكثر من 60% من مدخلات شركته، فإن تكاليف إنتاج الشركة قد تضاعفت. غير أنها لم تتمكن من تحميل هذه الزيادات للمستهلكين الذين يتعرضون أيضاً لارتفاع تكاليف المعيشة في بلد يعاني من انتشار الفقر.

وقال سودان: "لقد رفعنا الأسعار بمعدل 15% في المتوسط، ​​لأن القدرة الشرائية للمستهلكين لا يمكن أن تتحمل أكثر من ذلك، في حين أن الزيادة كانت يجب أن تتعدى 30 %".

كما لم تتمكن شركته من الاستفادة من ضعف الجنيه لتعزيز الصادرات لأن الأسواق التقليدية لصناعة الأغذية المصرية -ليبيا وسوريا واليمن- تعاني من الصراعات.



البيروقراطية





ويقول رجال الأعمال إنهم يريدون سياسات أكثر دعماً من الحكومة، بما في ذلك تدابير لخفض البيروقراطية ومعالجة الاحتكارات التي تشوه السوق.

تقول سحر نصر، وزيرة الاستثمار المصرية، إن هذه المشاكل يتم تناولها في قانون الاستثمار الجديد الذي يوفر حوافز ضريبية ويهدف إلى الحد من الروتين.

وقالت: "يمكن للمستثمرين توقع انخفاض البيروقراطية والروتين، وسياسة استثمارية واضحة، وسهولة الحصول على فرص الاستثمار. [يوفر القانون] قدراً أكبر من الشفافية والمساءلة وحوافز مقنعة للاستثمار في المناطق المتأخرة والقطاعات الواعدة".

لكن آنجوس بلير، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة فاروس هولدينغز، وهو بنك استثماري، يقول إنه "من الضروري أن تنخفض أسعار الفائدة في أسرع وقت ممكن".

ويضيف: "بدون استثمارات القطاع الخاص، سيبقى النمو الاقتصادي دون المستوى، ولن يكون هناك تحسن في أرقام التوظيف".




المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/07/31/story_n_17641076.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات