بعد دخول العرب إلى الشام والرافدين ومصر وفارس، وانتقالهم للعيش في الأمصار، واختلاطهم مع العجم، ومع انبساط الدنيا لهم، وابتعاد الكثير منهم عن دينهم، فشا اللحن الأعجمي في اللسان العربي شيئاً فشيئاً، وغابت الكثير من مفردات اللغة العربية ومعانيها لقلّة تداولها، وذلك لحلول كلماتٍ أعجمية مكانها.
مع العودة للدين لاحقاً، وجد الكثيرون أنفسهم مع كتابٍ غامض، أمام كتابٍ لم يعودوا يفهمون الكثير من معاني مفرداته: كتاب الله عز وجل.
في رحلة سبر الماضي والبحث عن آثار القرون الأولى، لعب العجم الدور الأكبر في تقصّي وتدوين الروايات الشفهية التي كانت تلوكها الألسن، وتنتقل من جيلٍ إلى جيل، مئات آلاف الروايات والأحاديث، أعرابٌ وفرسٌ ورومٌ وأهل كتاب، وذلك في ظل سماحة الدولة العباسية مع العجم الذين داهنوا العباسيين وأصَّلوا تراثاً وتاريخاً بنفاقهم لهم ولرموزهم، وأصبح ما كان هراءً بالأمس، جزءاً معلوماً من الدين، جزءاً أصبح يتضخم مع مرور الزمان وتشظّي الدولة العباسية، وتفشّي الفقر والجهل والفوضى، وحلول دول الشعوبية وسيطرتها وتحكمها.
تعريفات:
للتعرف على حقيقة الحور العين، وعن حقيقة وجود الجنس في جنة الخلد.. فلا بدّ أن نعود بقلبٍ سليم، ودون أهواءٍ وآراءٍ مسبقة إلى كتاب الله عز وجل فقط، دون البحث في المعاجم أو الأحاديث الموضوعة.
وقد فصَّل الله تعالى في كتابه العزيز، الذي يفسر بعضه بعضاً حقيقة الحور العين في مواضع متعددة من كتابه العزيز، الذي لا يدرك معاني مفرداته إلا المطهرون:
(بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
(لِتُبَيِّنَ): أي أنزلنا إليك القرآن لتظهره بالبلاغ للناس حتى يعلموا بيان الآيات التي نزلت سابقاً.
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ).
أ- الزوجان = النفس الواحدة:
من أوجه جمال مفردات القرآن الكريم أنها تأتي من مقام الكمال في البلاغة، وروعة التلميح الذي يكتنفه الكثير من التصريح، قطاف ثمارها لا ينتهي، ومداد معانيها نبعٌ لا ينضب من العطاء.
ومن هذه المفردات "النفس الواحدة".
وقد وصف الله تعالى في كتابه العزيز آدم وزوجه بالنفس الواحدة، كذلك هو اجتماع كل رجلٍ وامرأة، وما كان ذلك إلا من باب اختلافهما واحتياج كل منهما للآخر كل بحسب خصائصه.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً).
من المعروف أن الرجل لوحده لا يستطيع الإنجاب وكذلك المرأة، والنفس الواحدة هنا هي آدم وزوجه، وذلك لتناظرهما وتساويهما في الخلق؛ حيث خلقهما الحق سبحانه وتعالى من نفس الطين اللازب، وأتى التناظرُ أيضاً عندما ميّز بينهما في نوع الجنس ليكمِّلا بعضهما، فجعل آدم الذكَرَ، وجعل الخلق النظير له هو الأنثى الحاضنة في أحشائها للنوع البشري.
وهذا هو معنى: خلق منها زوجها.
أي: جعل من تلك النفس الواحدة المخلوقة من الطين: الذكر، وجعل منها الأنثى.
زوج (ذكر) + زوج (أنثى) = النفس الواحدة.
قال تعالى: ﴿فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى﴾، والغريزة القوية التي وضعها الله سبحانه فينا هي لضمان لحفظ النوع البشري واستمراره على الأرض.
ومع تكاثر البشر، وبعث الرسل، وضع سبحانه الضوابط الشرعية التي تحكم العلاقة بين جانبي النفس الواحدة عبر النكاح، وأُضيف به إلى معنى (زوج) بعدٌ جديد:
التناظر والتساوي في حمل التزامات أيمان النكاح المُغلظة المشتركة.
وهنا لا بد من تلخيص معاني زوج التي مرت معنا:
التناظر والتساوي في أصل الخلق.
التكامل باختلاف الجنس.
التناظر والتساوي في التزامات أيمان النكاح.
- تسمية الرجل كزوج في القرآن الكريم:
(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ).
- تسمية المرأة كزوج: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ).
ومن كل شيءٍ، خلق الحق سبحانه زوجين:
الحج (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).
قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ).
وسبحان الله، حتى في الذرة تجد الزوجين: الإلكترونات والبروتونات.
إذاً، هي تناظرية تحْكمُ الخلق والكون تنبعُ من الحاجة والتكامل والفائدة.
(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ).
نرى في الآية الكريمة حشراً للظالمين من الرجال والنساء مع أقرانهم في الظلم والكفر.فكل كافرٍ، رجلاً كان أم امرأة، يُحشر مع زوجه، أي مع قرينه: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ).
أما المؤمنون:
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
الذين آمنوا المذكورون في الآية هم من الرجال والنساء، والأزواج المطهرة للرجال والنساء أيضاً، أي يُحشرُ الرجل المؤمن مع نظيرته في الإيمان والعمل الصالح في الدنيا، وتُحشرُ المرأة المؤمنة مع نظيرها الرجل في الإيمان والعمل الصالح.
* مُّطَهَّرَةٌ: لا يعرقون أو يتبولون، لا حيض ولا مَنيَ ولا جنس.
المعنى ذاته نجدهُ أيضاً في قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً).
ب- الفعل: زوَّجَ
يقول الحق تبارك وتعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ* وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ).
معنى "زُوّجت" هنا هو صُنِّفَتْ وحُددت لقوله تعالى:
(وكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)، أي: يقسم الناس لثلاثة أقسام يوم الحساب: السابقون بالإيمان وفعل الخير، والمقتصدون الأقل درجةً من السابقين، والظالمون لأنفسهم:
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).
ويقول الله تعالى أيضاً: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُور * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً).
معنى قوله تعالى (يُزَوِّجُهُمْ):
هو منح التوائم من الذكور والإناث، أو الذكور والإناث لمن يشاء الله سبحانه من عباده.
وقال سبحانه:
(هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ).
الزوجية هنا هي النقيضان:
الحميم، هو ماءٌ مغلي، والغسَّاق هو ماء شديد البرودة، و(الغاسق) هو الصقيع.
(وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ)، أي: خليطٌ من البارد والحار.
زَوَّجْنَاكَهَا: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا)، أي: جعلناها زوجاً لك. وهذا في الدنيا.
لماذا لم يستخدم الشارع سبحانه الفعل (أنكح) هنا، وهو الفعل الذي يعبر عن العقد والعلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة في شريعة القرآن؟
لأن الفعل (أنكَحَ) هنا لا يجوز من الله تعالى باتجاه أحدٍ من عباده، فلا يُنكِحُ الله تعالى فلاناً لفلانة، بل يجعلهما زوجاً وزوجة وفق شريعته المُنزلة بالنكاح الذي شرَّعهُ.
مع العودة للدين لاحقاً، وجد الكثيرون أنفسهم مع كتابٍ غامض، أمام كتابٍ لم يعودوا يفهمون الكثير من معاني مفرداته: كتاب الله عز وجل.
في رحلة سبر الماضي والبحث عن آثار القرون الأولى، لعب العجم الدور الأكبر في تقصّي وتدوين الروايات الشفهية التي كانت تلوكها الألسن، وتنتقل من جيلٍ إلى جيل، مئات آلاف الروايات والأحاديث، أعرابٌ وفرسٌ ورومٌ وأهل كتاب، وذلك في ظل سماحة الدولة العباسية مع العجم الذين داهنوا العباسيين وأصَّلوا تراثاً وتاريخاً بنفاقهم لهم ولرموزهم، وأصبح ما كان هراءً بالأمس، جزءاً معلوماً من الدين، جزءاً أصبح يتضخم مع مرور الزمان وتشظّي الدولة العباسية، وتفشّي الفقر والجهل والفوضى، وحلول دول الشعوبية وسيطرتها وتحكمها.
تعريفات:
للتعرف على حقيقة الحور العين، وعن حقيقة وجود الجنس في جنة الخلد.. فلا بدّ أن نعود بقلبٍ سليم، ودون أهواءٍ وآراءٍ مسبقة إلى كتاب الله عز وجل فقط، دون البحث في المعاجم أو الأحاديث الموضوعة.
وقد فصَّل الله تعالى في كتابه العزيز، الذي يفسر بعضه بعضاً حقيقة الحور العين في مواضع متعددة من كتابه العزيز، الذي لا يدرك معاني مفرداته إلا المطهرون:
(بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
(لِتُبَيِّنَ): أي أنزلنا إليك القرآن لتظهره بالبلاغ للناس حتى يعلموا بيان الآيات التي نزلت سابقاً.
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ).
أ- الزوجان = النفس الواحدة:
من أوجه جمال مفردات القرآن الكريم أنها تأتي من مقام الكمال في البلاغة، وروعة التلميح الذي يكتنفه الكثير من التصريح، قطاف ثمارها لا ينتهي، ومداد معانيها نبعٌ لا ينضب من العطاء.
ومن هذه المفردات "النفس الواحدة".
وقد وصف الله تعالى في كتابه العزيز آدم وزوجه بالنفس الواحدة، كذلك هو اجتماع كل رجلٍ وامرأة، وما كان ذلك إلا من باب اختلافهما واحتياج كل منهما للآخر كل بحسب خصائصه.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً).
من المعروف أن الرجل لوحده لا يستطيع الإنجاب وكذلك المرأة، والنفس الواحدة هنا هي آدم وزوجه، وذلك لتناظرهما وتساويهما في الخلق؛ حيث خلقهما الحق سبحانه وتعالى من نفس الطين اللازب، وأتى التناظرُ أيضاً عندما ميّز بينهما في نوع الجنس ليكمِّلا بعضهما، فجعل آدم الذكَرَ، وجعل الخلق النظير له هو الأنثى الحاضنة في أحشائها للنوع البشري.
وهذا هو معنى: خلق منها زوجها.
أي: جعل من تلك النفس الواحدة المخلوقة من الطين: الذكر، وجعل منها الأنثى.
زوج (ذكر) + زوج (أنثى) = النفس الواحدة.
قال تعالى: ﴿فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى﴾، والغريزة القوية التي وضعها الله سبحانه فينا هي لضمان لحفظ النوع البشري واستمراره على الأرض.
ومع تكاثر البشر، وبعث الرسل، وضع سبحانه الضوابط الشرعية التي تحكم العلاقة بين جانبي النفس الواحدة عبر النكاح، وأُضيف به إلى معنى (زوج) بعدٌ جديد:
التناظر والتساوي في حمل التزامات أيمان النكاح المُغلظة المشتركة.
وهنا لا بد من تلخيص معاني زوج التي مرت معنا:
التناظر والتساوي في أصل الخلق.
التكامل باختلاف الجنس.
التناظر والتساوي في التزامات أيمان النكاح.
- تسمية الرجل كزوج في القرآن الكريم:
(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ).
- تسمية المرأة كزوج: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ).
ومن كل شيءٍ، خلق الحق سبحانه زوجين:
الحج (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).
قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ).
وسبحان الله، حتى في الذرة تجد الزوجين: الإلكترونات والبروتونات.
إذاً، هي تناظرية تحْكمُ الخلق والكون تنبعُ من الحاجة والتكامل والفائدة.
(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ).
نرى في الآية الكريمة حشراً للظالمين من الرجال والنساء مع أقرانهم في الظلم والكفر.فكل كافرٍ، رجلاً كان أم امرأة، يُحشر مع زوجه، أي مع قرينه: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ).
أما المؤمنون:
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
الذين آمنوا المذكورون في الآية هم من الرجال والنساء، والأزواج المطهرة للرجال والنساء أيضاً، أي يُحشرُ الرجل المؤمن مع نظيرته في الإيمان والعمل الصالح في الدنيا، وتُحشرُ المرأة المؤمنة مع نظيرها الرجل في الإيمان والعمل الصالح.
* مُّطَهَّرَةٌ: لا يعرقون أو يتبولون، لا حيض ولا مَنيَ ولا جنس.
المعنى ذاته نجدهُ أيضاً في قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً).
ب- الفعل: زوَّجَ
يقول الحق تبارك وتعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ* وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ).
معنى "زُوّجت" هنا هو صُنِّفَتْ وحُددت لقوله تعالى:
(وكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)، أي: يقسم الناس لثلاثة أقسام يوم الحساب: السابقون بالإيمان وفعل الخير، والمقتصدون الأقل درجةً من السابقين، والظالمون لأنفسهم:
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).
ويقول الله تعالى أيضاً: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُور * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً).
معنى قوله تعالى (يُزَوِّجُهُمْ):
هو منح التوائم من الذكور والإناث، أو الذكور والإناث لمن يشاء الله سبحانه من عباده.
وقال سبحانه:
(هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ).
الزوجية هنا هي النقيضان:
الحميم، هو ماءٌ مغلي، والغسَّاق هو ماء شديد البرودة، و(الغاسق) هو الصقيع.
(وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ)، أي: خليطٌ من البارد والحار.
زَوَّجْنَاكَهَا: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا)، أي: جعلناها زوجاً لك. وهذا في الدنيا.
لماذا لم يستخدم الشارع سبحانه الفعل (أنكح) هنا، وهو الفعل الذي يعبر عن العقد والعلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة في شريعة القرآن؟
لأن الفعل (أنكَحَ) هنا لا يجوز من الله تعالى باتجاه أحدٍ من عباده، فلا يُنكِحُ الله تعالى فلاناً لفلانة، بل يجعلهما زوجاً وزوجة وفق شريعته المُنزلة بالنكاح الذي شرَّعهُ.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/ahmad-mohammad-baghdadi/post_15767_b_17848046.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات