كنت منهكاً ولم أستطع إنقاذ جثة أبي، كان القصف شديداً، وفي طريق العودة اختفى أثر الجثمان ولا أتمنى إلا دفنه".. هكذا روى صادق أحمدوفيتش، النائب البرلماني في دولة البوسنة والهرسك بالعاصمة سراييفو، كيف كان الناجي الوحيد من عائلته التي فقد منها 100 شخص بينهم والده.
مراسلة "هاف بوست"، شاركت في إحياء الذكرى السنوية لضحايا الإبادة الجماعية بدولة البوسنة والهرسك، وسارت مع الآلاف في مسيرة السلام السنوية نحو مدينة سربرنيتسا.
صادق أحمدوفيتش، 47 عاماً، طبيب من قلائل نجوا من المجزرة، ولم يستسلم لما رآه حتى صعد إلى أن يكون نائباً في البرلمان البوسني، إلا أن تفاصيل ما حدث معه لا تزال عالقة في ذهنه.
صادق لا يزال يعيش بأمل العثور على جثة أبيه في الغابات القريبة من "سربرنيتسا"، حيث وقعت أكبر جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي شهدتها أوروبا، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
أحمدوفيتش، يحكي أنه كان هالكاً لا محالة عندما وقعت مدينة "سربرنيتسا" في يد قوات صرب البوسنة المدعومة من صربيا في يوليو/ تموز 1995، حيث كان يعمل طبيباً في المستشفى العسكري في تلك المدينة الصغيرة منذ بداية الحرب عام 1992، وبعدها فرَّ مع قرابة 15 ألف شخص من البوشناق الذكور باتجاه الغابة في محاولة للنجاة.
مدينة "سربرنيتسا" تقع في منطقة بوتوشاري، شرقي البوسنة، كانت تحت حماية قوات حفظ السلام الهولندية التابعة للأمم المتحدة، حيث أعلنت أنها منطقة آمنة لسكان البوسنة، في 16 أبريل/ نيسان 1993، ما أدى لنزوح آلاف المدنيين من المدن المجاورة إليها طلباً للأمان، لتتحمل بذلك الأمم المتحدة المسؤولية الجسيمة قبل وأثناء وقوع المجزرة.
مذبحة "سربرنيتسا" نفذتها قوات الجيش والبوليس من صرب البوسنة بحق الذكور من المسلمين، لكل من بلغ 12 عاماً حتى 77 عاماً، وفي كتاب صدر حديثاً في البوسنة اطلعت عليه "هاف بوست"، يذكر أن الصرب الذين كانوا جيران وزملاء في الفصول الدراسية لمسلمي البوسنة تحولوا بعد إعلان الحرب لجنود، وشاركوا في قتل رفاق الأمس من البوشناق.
الكتاب الذي صدر العام الماضي بمناسبة ذكرى "سربرنيتسا"، يؤكد أن القوات الصربية نقلت الرجال المسلمين، بعد أن فصلتهم عن زوجاتهم وأطفالهم، في حافلات كانت تستخدم قبل الحرب لنقل العاملين لمصانعهم، بل واستخدمت حافلات المدارس أيضاً لنقل الضحايا للسجون وأماكن الإعدامات، بعد أن استولت على بطاقات هوياتهم وحقائبهم، مما أدى لصعوبة التعرف على الضحايا فيما بعد.
ظهور رائحة الموت
بالعودة إلى أحمدوفيتش، يحكي أنه "كان سعيد الحظ"، لأنه استطاع النجاة، رغم أن رائحة الموت كانت تحوم حوله، ومع 50 شخصاً سلكوا طريق النجاة عبر السير في الغابات لأيام طويلة دون طعام أو مؤن.
"الطريق كان معقداً جداً وصعباً ووعراً للغاية"، هكذا وصف "أحمدوفيتش" طريقه في الغابات هرباً من الموت المحدق به.
وأضاف: "في الطريق، رأينا جثثاً لقرابة 10 آلاف بوشناقي مسلم، كانوا متواجدين في المنطقة الآمنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في سربرنيتسا".
"سرنا 100 كيلومتراً من سربرنيتسا حتى وصلنا إلى "توزلا"، رغم القصف ومحاولات الاغتيال المتتالية التي تعرضنا لها، حيث ارتكب الصرب كل أساليب القتل الممكنة من قنص مباشر وذبح"، يواصل "أحمدوفيتش" حديثه.
وتابع: "رأينا في الطريق مجموعات كبيرة وأخرى صغيرة من الضحايا، تم تعذيبهم حتى الموت".
"عدة أيام نسير على أرجلنا دون جدوى، وكأن الطريق إلى توزلا بات مستحيلاً"،
ويحكي أنه رأى والده وقد كان جثة هامدة بعد إصابته في القصف المتواصل، إلا أنه كان منهكاً للدرجة التي لم يستطع أن يذهب إليه ويدفنه.
وقبل الوصول، وبعد السير لأكثر من 70 كيلومتراً، حيث مدينة "جيبا" الآمنة، التي كانت تحت سيطرة القوات المسلحة البوسنية، بدأ الهجوم المكثف على المدينة.
الوصول إلى جيبا.. المحطة الثانية
يحكي أحمدوفيتش، أنه وصل "جيبا"، وقد استهلك نفسياً وجسدياً، ورغم ذلك، لم يستسلم، وذهب سريعاً إلى المستشفى الميداني للمساعدة في علاج المصابين.
بيد أن وقتاً قليلاً لم يمر حتى قصفت قوات صرب البوسنة المدينة بشكل مكثف، ما أدى لسقوطها في يد الصرب، وحينها أصيب داخل المستشفى، وتم نقله مع مصابين آخرين إلى "سراييفو".
وفي "سراييفو"، التي كانت منعزلة تماماً عن باقي المناطق ولا توجد بها أي اتصالات، عاش لمدة شهرين قبل أن يخرج منها عن طريق النفق، ليصل إلى عائلته في "توزلا"، أمه وزوجته وابنه الرضيع الذي كان عمره آنذاك 7 أشهر وأخواته البنات.
وقبل أن يصل إليهم، حاول جاهداً أن يصل إلى جثة والده حيث تركها، إلا أنه لم يستطع، فقد اختفى أثرها، مع جثث آخرين، منهم كثير من أفراد عائلته ومعارفه.
عدالة لم تتحقق
أحمدوفيتش، بعد 22 عاماً من المجزرة، يرى أن العدالة لن تتحقق أبداً في البوسنة، لأنهم إذا جمعوا كل الحقائق المتعلقة بالجريمة، وهي كثيرة جداً، فمن المستحيل محاسبة كل من قام بهذا الكم من جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب.
"العدالة ربما تحققت بحدها الأدنى في المحاكمات التي تمت في البوسنة، وفي محكمة لاهاي الدولية، ولكن إذا فكرنا في كيفية قتل ودفن 10 آلاف شخص خلال عدة أيام فقط، فإن هذه العملية تحتاج لمشاركة ما لا يقل عن 15 لـ20 ألف جندي صربي، وبالتأكيد لن تتم محاسبة كل هؤلاء الأشخاص"، هكذا ضرب النائب البوسني مثالاً لاستحالة تطبيق العدالة في بلاده.
ليس هذا فحسب، بل إن مدينة "سربرنيتسا"، التي وقعت بها المجزرة، بقيت بعد الحرب تحت حكم أولئك الذين قاموا بالجريمة، لذلك يرى أحمدوفيتش أن "الظلم في البوسنة مؤسسي"، ويستمد قوته من اتفاقية "دايتون" للسلام التي أوقفت الحرب بين القوات الصربية والبوسنية.
"أحد أهداف الحرب، كان إفقاد البوشناق المسلمين لدولتهم وقتل أكبر عدد ممكن منهم، وهو ما تحقق بعد إعدام 100 ألف مسلم بوشناقي خلال سنوات الحرب الثلاث، وهجرة ثلث الناجين بسبب الإرهاب الذي تعرضوا له خلال الحرب، وقرار عدد كبير منهم بعدم العودة مرة أخرى للبوسنة"، لذلك يرى "أحمدوفيتش"، ضرورة محاكمة المتورطين في جرائم الحرب.
اتفاقية ظالمة لوقف القتل
ومعاهدة "دايتون"، هي اتفاقية سلام وقعها قادة صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك بعد سنوات الحرب، قسَّمت البوسنة إلى دولتين هما: فدرالية البوسنة والهرسك، وتضم المسلمين وكروات البوسنة، وجمهورية صرب البوسنة المعروفة بـ"صربسكا".
ويتحدث البرلماني البوسني عن "دايتون"، فيقول: "لم تحقق آمال البوشناق المسلمين في البوسنة، لأن الدستور الذي مرر مع الاتفاق ليس عادلاً، ولكن لأجل السلام في البوسنة والهرسك وافق الرئيس الراحل علي عزت بيجوفيتتش، ووقع على هذه الاتفاقية حتى تتوقف عمليات القتل".
وفي ظل اتفاقية السلام، يأمل "أحمدوفيتش" أن يتم تحقيق العدالة وتنضم دولة البوسنة والهرسك للاتحاد الأوروبي، وهو ما يساعد على إزاحة بعض الظلم الذي مرر في اتفاقية "دايتون".
"هاف بوست"، طرحت تساؤلاً: "لماذا تعاطف المجتمع الدولي مع اليهود بعد وقوع الهولوكوست، بينما لم تعترف بعض الدول بمذبحة سربرنيتسا كجريمة تطهير عرقي وإبادة جماعية؟"، وأجاب "صادق أحمدوفيتش": "(إسرائيل) لديها دعم أكبر من المجتمع الدولي والقوى العظمى في العالم الغربي والمسيحي، في حين أن المسلمين في البوسنة والهرسك ليس لديهم ذلك الدعم".
وأضاف آسفاً: "لدينا عالم إسلامي متفكك، ومسلمون ليسوا متحدين، ولا يمكن أن يكون لديهم قوة مؤثرة لتحقيق العدالة للمسلمين في البوسنة".
"ونتيجة لضعف المسلمين وتفككهم، فإن العدالة لا يمكن أن تتحقق في البوسنة، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي أدت لأحكام مسبقة ونظرة سلبية تجاه المسلمين عموماً"، يضيف "أحمدوفيتش".
مستقبل البوسنة
بعد 22 عاماً على انتهاء الحرب، يرى أحمدوفيتش، أنه تم الحفاظ على البوسنة؛ ولكن ليست هذه البوسنة التي يريدها والتي يحلم بها.
"لكن لدي أمل وإيمان في المستقبل أن تصبح البلاد التي يحبها كل سكانها من المسلمين البوشناق والمسيحيين أفضل، وسيتم إحراز تقدم على طريق الحرية والعدالة".
وعلى صعيد العلاقة بين البوسنيين والصرب فإن هناك تحركات إيجابية خصوصاً في صربيا التي هندست لهذه الحرب. "أحد المرشحين للرئاسة قبل الانتخابات الأخيرة بيومين صرح أنه في سربرنيتسا حصلت جريمة تطهير عرقي للبوشناق، وشخص بهذا الرأي والفكر حصل على حوالي نصف مليون، وهو عدد كبير من الأصوات. وهذا أمر كان لا يمكن تخيله قبل 10 سنوات"، بحسب النائب في البرلمان البوسني "صادق أحمدوفيتش".
مراسلة "هاف بوست"، شاركت في إحياء الذكرى السنوية لضحايا الإبادة الجماعية بدولة البوسنة والهرسك، وسارت مع الآلاف في مسيرة السلام السنوية نحو مدينة سربرنيتسا.
صادق أحمدوفيتش، 47 عاماً، طبيب من قلائل نجوا من المجزرة، ولم يستسلم لما رآه حتى صعد إلى أن يكون نائباً في البرلمان البوسني، إلا أن تفاصيل ما حدث معه لا تزال عالقة في ذهنه.
صادق لا يزال يعيش بأمل العثور على جثة أبيه في الغابات القريبة من "سربرنيتسا"، حيث وقعت أكبر جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي شهدتها أوروبا، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
أحمدوفيتش، يحكي أنه كان هالكاً لا محالة عندما وقعت مدينة "سربرنيتسا" في يد قوات صرب البوسنة المدعومة من صربيا في يوليو/ تموز 1995، حيث كان يعمل طبيباً في المستشفى العسكري في تلك المدينة الصغيرة منذ بداية الحرب عام 1992، وبعدها فرَّ مع قرابة 15 ألف شخص من البوشناق الذكور باتجاه الغابة في محاولة للنجاة.
من مدينة آمنة.. لمجزر للبشر
مدينة "سربرنيتسا" تقع في منطقة بوتوشاري، شرقي البوسنة، كانت تحت حماية قوات حفظ السلام الهولندية التابعة للأمم المتحدة، حيث أعلنت أنها منطقة آمنة لسكان البوسنة، في 16 أبريل/ نيسان 1993، ما أدى لنزوح آلاف المدنيين من المدن المجاورة إليها طلباً للأمان، لتتحمل بذلك الأمم المتحدة المسؤولية الجسيمة قبل وأثناء وقوع المجزرة.
مذبحة "سربرنيتسا" نفذتها قوات الجيش والبوليس من صرب البوسنة بحق الذكور من المسلمين، لكل من بلغ 12 عاماً حتى 77 عاماً، وفي كتاب صدر حديثاً في البوسنة اطلعت عليه "هاف بوست"، يذكر أن الصرب الذين كانوا جيران وزملاء في الفصول الدراسية لمسلمي البوسنة تحولوا بعد إعلان الحرب لجنود، وشاركوا في قتل رفاق الأمس من البوشناق.
الكتاب الذي صدر العام الماضي بمناسبة ذكرى "سربرنيتسا"، يؤكد أن القوات الصربية نقلت الرجال المسلمين، بعد أن فصلتهم عن زوجاتهم وأطفالهم، في حافلات كانت تستخدم قبل الحرب لنقل العاملين لمصانعهم، بل واستخدمت حافلات المدارس أيضاً لنقل الضحايا للسجون وأماكن الإعدامات، بعد أن استولت على بطاقات هوياتهم وحقائبهم، مما أدى لصعوبة التعرف على الضحايا فيما بعد.
ظهور رائحة الموت
بالعودة إلى أحمدوفيتش، يحكي أنه "كان سعيد الحظ"، لأنه استطاع النجاة، رغم أن رائحة الموت كانت تحوم حوله، ومع 50 شخصاً سلكوا طريق النجاة عبر السير في الغابات لأيام طويلة دون طعام أو مؤن.
"الطريق كان معقداً جداً وصعباً ووعراً للغاية"، هكذا وصف "أحمدوفيتش" طريقه في الغابات هرباً من الموت المحدق به.
وأضاف: "في الطريق، رأينا جثثاً لقرابة 10 آلاف بوشناقي مسلم، كانوا متواجدين في المنطقة الآمنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في سربرنيتسا".
"سرنا 100 كيلومتراً من سربرنيتسا حتى وصلنا إلى "توزلا"، رغم القصف ومحاولات الاغتيال المتتالية التي تعرضنا لها، حيث ارتكب الصرب كل أساليب القتل الممكنة من قنص مباشر وذبح"، يواصل "أحمدوفيتش" حديثه.
وتابع: "رأينا في الطريق مجموعات كبيرة وأخرى صغيرة من الضحايا، تم تعذيبهم حتى الموت".
"عدة أيام نسير على أرجلنا دون جدوى، وكأن الطريق إلى توزلا بات مستحيلاً"،
ويحكي أنه رأى والده وقد كان جثة هامدة بعد إصابته في القصف المتواصل، إلا أنه كان منهكاً للدرجة التي لم يستطع أن يذهب إليه ويدفنه.
وقبل الوصول، وبعد السير لأكثر من 70 كيلومتراً، حيث مدينة "جيبا" الآمنة، التي كانت تحت سيطرة القوات المسلحة البوسنية، بدأ الهجوم المكثف على المدينة.
الوصول إلى جيبا.. المحطة الثانية
يحكي أحمدوفيتش، أنه وصل "جيبا"، وقد استهلك نفسياً وجسدياً، ورغم ذلك، لم يستسلم، وذهب سريعاً إلى المستشفى الميداني للمساعدة في علاج المصابين.
بيد أن وقتاً قليلاً لم يمر حتى قصفت قوات صرب البوسنة المدينة بشكل مكثف، ما أدى لسقوطها في يد الصرب، وحينها أصيب داخل المستشفى، وتم نقله مع مصابين آخرين إلى "سراييفو".
وفي "سراييفو"، التي كانت منعزلة تماماً عن باقي المناطق ولا توجد بها أي اتصالات، عاش لمدة شهرين قبل أن يخرج منها عن طريق النفق، ليصل إلى عائلته في "توزلا"، أمه وزوجته وابنه الرضيع الذي كان عمره آنذاك 7 أشهر وأخواته البنات.
وقبل أن يصل إليهم، حاول جاهداً أن يصل إلى جثة والده حيث تركها، إلا أنه لم يستطع، فقد اختفى أثرها، مع جثث آخرين، منهم كثير من أفراد عائلته ومعارفه.
عدالة لم تتحقق
أحمدوفيتش، بعد 22 عاماً من المجزرة، يرى أن العدالة لن تتحقق أبداً في البوسنة، لأنهم إذا جمعوا كل الحقائق المتعلقة بالجريمة، وهي كثيرة جداً، فمن المستحيل محاسبة كل من قام بهذا الكم من جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب.
"العدالة ربما تحققت بحدها الأدنى في المحاكمات التي تمت في البوسنة، وفي محكمة لاهاي الدولية، ولكن إذا فكرنا في كيفية قتل ودفن 10 آلاف شخص خلال عدة أيام فقط، فإن هذه العملية تحتاج لمشاركة ما لا يقل عن 15 لـ20 ألف جندي صربي، وبالتأكيد لن تتم محاسبة كل هؤلاء الأشخاص"، هكذا ضرب النائب البوسني مثالاً لاستحالة تطبيق العدالة في بلاده.
ليس هذا فحسب، بل إن مدينة "سربرنيتسا"، التي وقعت بها المجزرة، بقيت بعد الحرب تحت حكم أولئك الذين قاموا بالجريمة، لذلك يرى أحمدوفيتش أن "الظلم في البوسنة مؤسسي"، ويستمد قوته من اتفاقية "دايتون" للسلام التي أوقفت الحرب بين القوات الصربية والبوسنية.
"أحد أهداف الحرب، كان إفقاد البوشناق المسلمين لدولتهم وقتل أكبر عدد ممكن منهم، وهو ما تحقق بعد إعدام 100 ألف مسلم بوشناقي خلال سنوات الحرب الثلاث، وهجرة ثلث الناجين بسبب الإرهاب الذي تعرضوا له خلال الحرب، وقرار عدد كبير منهم بعدم العودة مرة أخرى للبوسنة"، لذلك يرى "أحمدوفيتش"، ضرورة محاكمة المتورطين في جرائم الحرب.
اتفاقية ظالمة لوقف القتل
ومعاهدة "دايتون"، هي اتفاقية سلام وقعها قادة صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك بعد سنوات الحرب، قسَّمت البوسنة إلى دولتين هما: فدرالية البوسنة والهرسك، وتضم المسلمين وكروات البوسنة، وجمهورية صرب البوسنة المعروفة بـ"صربسكا".
ويتحدث البرلماني البوسني عن "دايتون"، فيقول: "لم تحقق آمال البوشناق المسلمين في البوسنة، لأن الدستور الذي مرر مع الاتفاق ليس عادلاً، ولكن لأجل السلام في البوسنة والهرسك وافق الرئيس الراحل علي عزت بيجوفيتتش، ووقع على هذه الاتفاقية حتى تتوقف عمليات القتل".
وفي ظل اتفاقية السلام، يأمل "أحمدوفيتش" أن يتم تحقيق العدالة وتنضم دولة البوسنة والهرسك للاتحاد الأوروبي، وهو ما يساعد على إزاحة بعض الظلم الذي مرر في اتفاقية "دايتون".
"هاف بوست"، طرحت تساؤلاً: "لماذا تعاطف المجتمع الدولي مع اليهود بعد وقوع الهولوكوست، بينما لم تعترف بعض الدول بمذبحة سربرنيتسا كجريمة تطهير عرقي وإبادة جماعية؟"، وأجاب "صادق أحمدوفيتش": "(إسرائيل) لديها دعم أكبر من المجتمع الدولي والقوى العظمى في العالم الغربي والمسيحي، في حين أن المسلمين في البوسنة والهرسك ليس لديهم ذلك الدعم".
وأضاف آسفاً: "لدينا عالم إسلامي متفكك، ومسلمون ليسوا متحدين، ولا يمكن أن يكون لديهم قوة مؤثرة لتحقيق العدالة للمسلمين في البوسنة".
"ونتيجة لضعف المسلمين وتفككهم، فإن العدالة لا يمكن أن تتحقق في البوسنة، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي أدت لأحكام مسبقة ونظرة سلبية تجاه المسلمين عموماً"، يضيف "أحمدوفيتش".
مستقبل البوسنة
بعد 22 عاماً على انتهاء الحرب، يرى أحمدوفيتش، أنه تم الحفاظ على البوسنة؛ ولكن ليست هذه البوسنة التي يريدها والتي يحلم بها.
"لكن لدي أمل وإيمان في المستقبل أن تصبح البلاد التي يحبها كل سكانها من المسلمين البوشناق والمسيحيين أفضل، وسيتم إحراز تقدم على طريق الحرية والعدالة".
وعلى صعيد العلاقة بين البوسنيين والصرب فإن هناك تحركات إيجابية خصوصاً في صربيا التي هندست لهذه الحرب. "أحد المرشحين للرئاسة قبل الانتخابات الأخيرة بيومين صرح أنه في سربرنيتسا حصلت جريمة تطهير عرقي للبوشناق، وشخص بهذا الرأي والفكر حصل على حوالي نصف مليون، وهو عدد كبير من الأصوات. وهذا أمر كان لا يمكن تخيله قبل 10 سنوات"، بحسب النائب في البرلمان البوسني "صادق أحمدوفيتش".
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/08/01/story_n_17647280.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات