السبت، 26 أغسطس 2017

خلذلان الثورات.. ليميز الهُ الخبيثَ من الطيبِ

خلذلان الثورات.. ليميز الهُ الخبيثَ من الطيبِ

يتحدث الكثيرون اليوم عن الجوانب المظلمة والوجه الأسود للربيع العربي، وتأثيره على حياة الشعوب ونمائها، وتدمير الحضارات والبِنى التحتية لمختلف الدول العربية، لكنهم غفلوا أو تغافلوا عن الثمار والإيجابيات التي أحدثتها تلك الانتفاضات، ونسوا أنّ أمر الله وقدره محقق لا محالة بثوراتٍ أو بدونها.

خذلان تلك الثورات من جهة، والتآمر عليها لتدمير أهدافها من جهة أخرى، كشف اللثام عن الكثير من الأنظمة التي تصف نفسها صديقة للسوريين وغيرهم، فأصبحت الأوراق مكشوفة، وأصبح الكذب والنفاق واضحاً وعلنيّاً للجميع.

إعلامٌ طبّل وزمر، ودعم بالمليارات بل وأكثر قدمته تلك الدول لقادةٍ أثبتوا اليوم أنهم سيرحلون لا محالة، ولن يرضى بهم الشعب الذي قدم كل ما يملك في سبيل نيل حريته وكرامته، قبل أن يتسلق على قضيته مسؤولون وملثمون، كلّ همهم اقتسام المناطق ورفع الرايات المضادة لراية الثورات، ومخالفة أهدافها ومبادئها الأساسية.

حرب الداعمين في سوريا لم تعُد تخفى حتى على الأطفال، الذين دفعوا الثمن الأكبر، لمؤامرات العالم ضد الثورة وقضية الحق والعدالة، ودعموا نظاماً مجرماً قاتلاً، عاث في دماء الشعوب لسنوات طويلة.

من المحيط إلى الخليج، تصرّ الأنظمة العربية على طعن الثورة السورية في خاصرتها، وتوجيه كل الأسلحة ضدها، بمن فيهم داعش وهيئة تحرير الشام، وقبلهم قوات سوريا الديمقراطية.

لم يكتفوا بذلك، بل فعلوا المستحيل، لتنصيب قادة مجهولين على فصائل ومناطق كثيرة في ليلة وضحاها، بل وراحوا يلمعونهم في وسائل الإعلام، وقدموا الأكاذيب والوعود بالمناطق الآمنة والتسليح، وبأن أيام الأسد باتت معدودة.

لولا تلك الثورات، ولولا انتفاضة السوريين، لبقيت الشعوب العربية والعالمية مغشوشة بحكامها وأنظمتها، وظنوا أنها فعلاً تدعم قضايا الحرية والعدالة، وهي على عكس ذلك تماماً، لو أتيح لها أن تعيد العرب إلى عصور الذل والانتدابات والنكسات، لما انتظرت ساعة واحدة.

فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، ودول غربية عدة، ادعت مساندة الشعوب العربية، ووقوفها إلى جانب قضاياها العادلة، فيما راحت تبث السموم وتفعل المستحيل؛ لتساعد الأنظمة العربية في القضاء على كل مَن يفكر في الخروج عن حظيرة الطاعة.

الأمر ذاته ينطبق على الدول الآسيوية والأميركية، وغيرها من الدول التي ظهرت حقيقة أنظمتها المتلونة على هوى المثليين الشواذ واللوبيات اليهودية المتطرفة.

لم يعد يخفى على أحد أن داعش والنصرة تماماً كـ"قسد" والـ"بي كي كي" وغيرها، صنيعة الغرب وأميركا، هدفها الأول والأخير ضرب كل مَن يفكر في إسقاط الأنظمة المستبدة.

لا يختلف الحال مع مسؤولي الائتلاف والقادة الحاليين للفصائل الثورية، الذين مُوّلوا ودعموا ليس لأجل الثورة، بل لتحقيق مصالحهم الشخصية التي تناسب رؤية العالم في تعامله العدائي المبطن مع الثورات العربية.

من أين لنا أن نكشف كل تلك الأنظمة والدول، لولا الربيع العربي، وفضيحة العالم في اختلاق ودعم الثورات المضادة، آخرها في مصر وليبيا، كيف لا وقد أدى اختلاف مصالح الداعمين إلى أزمة خليجية قطرية، وأحياناً التضارب في المصالح الغربية الأميركية.

لربما كانت الآية القرآنية: "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب" الأكثر إعجازاً في هذا الزمان الذي تكشف فيه الأحداث الحقائق واللثام عن الأقنعة والوجوه المزيفة.





ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/ameen-mera-/-_13001_b_17771990.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات