الاثنين، 14 أغسطس 2017

اليوم الذي بكت فيه مصر

اليوم الذي بكت فيه مصر

مع إشراقة صباح الرابع عشر من أغسطس/آب عام 2013 بدأ جنود الجيش المصري وقوات الأمن بالانتشار في شوارع القاهرة، استعداداً لمهمة وطنية خالصة اختزلت الوطن بأكمله في فرد مطلق.

لم يكن طيران الجيش المصري الذي قصف الكيان الصهيوني ذات يوم من أيام ما قبل كامب ديفيد بعيداً عن المشهد في ميدان رابعة، في ذلك الصباح الدموي.

وبموازاة ذلك كانت قنوات التلفزيون المصرية تزف للشعب البشری علی هيئة أخبار عاجلة طغی عليها اللون الأحمر القاني.

أولی بشارات المهمة الوطنية تمثلت في السيطرة علی ميدان النهضة بعد تصفية مائة روح مصرية، وانطلق جيش الفاتحين الجدد في مهمتهم الرئيسية للسيطرة علی ميدان رابعة غير آبهين بالموت؛ لأنه كان حليفهم في مواجهة الآلاف من جموع الشعب المغلوب علی أمره.

انطلقوا ليرووا الأرض بدماء طاهرة ستظل حرمتها تلعنهم جيلاً بعد جيل، ومضوا حاملين راية الموت من أجل الفرد لا من أجل الوطن، إنه يوم كامل من معركة الظلم الذي حل بمصر.

لم يكن العدو خارجياً يرتدي قبعة نابليون، أو مستوطن قدم إلی "أورشليم"، بل كان خليطاً من جماهير مصرية تسلحت بالسلمية حتی اللحظات الأخيرة.

اقتحم جنود الوطن رابعة في وضح النهار، واستهلكوا كثيراً من الذخيرة الحية التي جاءت إلی مصر بنية الدفاع عن الشعب، فأغواها العسكر كما أغواهم كبيرهم من قبل، وشارف النهار علی الغروب، ومعه ارتقت ألفان وخمسمائة روح طاهرة إلی السماء تشكو إلی بارئها ظلم العسكر وتخاذل وصمت العالم السفلي.

وما هي إلا لحظات حتی جاءت بشری إعلام سحرة فرعون تعلن نجاح الجيش في إحراق خيم المعتصمين والمشفی الميداني الذي يحوي آلاف الضحايا بعد أن أحرق قلوب الأمهات علی فلذات أكبادهن، وقلوب المحبين علی أحبابهم.

كان سلاح الجو حاضراً طوال الوقت متفاخراً بقدرة قناصيه علی إصابة الهدف المنهك بدقة، وأجد العذر لغياب سلاح البحرية؛ نظراً لانعدام ممر مائي يصل رابعة بالبحر!

يتساءل كثيرون عن حجم الكارثة التي حلت بمصر، وما إذا كان ضرورياً سفك هذا الكم الهائل من الدماء في سبيل كرسي زج بصاحبه في السجن وانتزع الحكم منه عنوة بعد أن اختاره الشعب رئيساً لمصر؟

لقد أثبت جنود مصر شجاعتهم وبسالتهم، ويا ليتها كانت في سيناء، أو في صحراء النقب، لكنها لم تكن إلا مجرد معركة خزي وعار سقط فيها الجيش والأمن أخلاقياً.

بارك بعض عرب الخليج ما حصل ويا ليته لم يكن نابعاً من شماتة بإرادة الشعب المصري وكرامته، وصمت بعض العرب عما حدث، ويا ليت صمتهم كان تعبيراً عن الرفض، لكنه كان رضا عن مذبحة لم يستوعبها تاريخ مصر منذ الهيروغليفية.

ربما كان الشعب المصري يستحق القتل لمجرد أنه يدين بالإسلام أولاً، ولأنه عربي ثانياً، ولأنه رفض الخضوع للانقلاب ثالثاً، وعلى كل سيخلد التاريخ اسم رابعة رغم كاتبيه، وسيذكر أن مصر بكت حزناً لرحيل المدنية عنها يوم شيعتها دموع الملايين إلی حضن العسكر، الحضن الذي يقف بوجه الثورة ألف مرة؛ ليعيدها إلی مربع الصفر مستخدماً معادلة غير متكافئة وقانوناً فوق القانون.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/monzer-fouad/story_b_17734066.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات