الاثنين، 1 يناير 2018

إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل.. جرأة أميركية وجبن عربي وإسلامي

إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل.. جرأة أميركية وجبن عربي وإسلامي

اختار رئيس الولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب، لحظة سياسية دقيقة يمر بها الوطن العربي والإسلامي، للاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وعلى الرغم من الحماقات التي لا يكف ترامب عن ارتكابها، فإنه أظهر في هذا الاعتراف -هو وإدارته- نوعاً من الحنكة.

فهذا الإعلان جاء في ظل الخلافات المستمرة بين المغرب والجزائر حول الصحراء المغربية، والحرب الأهلية بليبيا واليمن والصومال، ونزاع مصر مع السودان وإثيوبيا حول مياه نهر النيل، والاقتتال الدائر في سوريا، وحالة الاضطراب وعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي التي تشهدها بلاد الرافدين والأردن ولبنان جراء الحرب على تنظيم الدولة الإرهابي في العراق والشام، وكذا استقبال عدد مهول من اللاجئين الفارين من ساحات القتال ومن جحيم الحرب التي تشهدها سوريا منذ أكثر من 6 سنوات.

وقد شكَّلت مقاطعة 12 دولة عربية وإسلامية دولة قطر، بقيادة المملكة العربية السعودية، في الخامس من يونيو/حزيران 2017، بدعوى تمويل الإرهاب واحتضان الإرهابيين والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية - آخر مسمار يُدق في نعش العالَمين العربي والاسلامي، لتنضم بذلك دول الخليج بدورها إلى مصاف الدول المتصارعة والمتطاحنة فيما بينها، فضلاً عن الصراعات القائمة أصلاً منذ عقود بين الفلسطينيين والاحتلال الصهيوني الغاشم، بالإضافة الى التطبيع العربي والاسلامي غير المسبوق مع إسرائيل على المستويَين السياسي والاقتصادي.

انشغال العرب والمسلمين بعضهم ببعض بشكل كبير، وإهمالهم قضية فلسطين عامة والقدس خاصة، أسهم من قريب ومن بعيد في جعل الطريق معبدة ومفروشة بالورود أمام الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليتجرأ ويعلن أن القدس عاصمة لإسرائيل وعزمه نقل سفارة بلاده إليها، في تحدٍّ صارخ للمواثيق الدولية، خصوصاً قرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأيضاً في تحدٍّ لجميع زعماء العالم، خاصة منهم ملوك وأمراء ورؤساء وزعماء الدول العربية والإسلامية الذين أظهروا فشلهم الذريع في مواجهة قرارات الولايات المتحدة؛ ومن ثم الانصياع والولاء لها، واكتفوا بالاجتماع كعادتهم وإصدار بيان مشترك ينددون ويستنكرون ويشجبون ويستهجنون فيه ما جاء على لسان رئيس أقوى دولة في العالم، وأجمعوا على أن مثل هذه الخطوات ستسهم في تقويض عملية السلام، دون أي إجراء عملي وميداني يُذكر!

ووقوفاً عند القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي التي عُقدت يومه الخميس 7 ديسمبر/كانون الأول 2017 والتي دعا اليها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان؛ من أجل بحث سبل الرد على القرار الأميركي، كان من اللافت للنظر مستوى التمثيل المنخفض لدول عديدة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، التي أرسلت وزراء دولة لتمثيل بلدانها، بالإضافة إلى الجمهورية المصرية، التي شهدت علاقتها مع تركيا في السنوات الأخيرة توترات وخلافات.

هذا وسجل المغرب حضوراً ضعيفاً رغم أنه يتولى رئاسة لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، وقد اكتفت الرباط بإيفاد كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وانتهج المغرب خلال القمم العربية والإسلامية الأخيرة نهج التمثيلية المنخفضة؛ تعبيراً منه عن احتجاجه على القمم العربية والإسلامية، التي لم تعد تنتج أي قرارات صارمة في القضايا التي تتداولها.

وقد عكس مستوى التمثيل المنخفض، خصوصاً لدى المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والجمهورية المصرية، مدى أهمية قضية القدس بالنسبة لهم، بحكم أن هاته الدول تلعب دوراً جوهرياً؛ بل أساسياً في القضية الفلسطينية عموماً وقضية القدس على وجه الخصوص، وقد أكد بالملموس غيابهم عن أشغال القمة الآنية تواطؤهم بشكل أو بآخر مع قرار رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب، الأمر الذي يوحي بانقسام وفقدان الدول العربية والإسلامية جمعاء البوصلة وتأثيرها في العالم.

للأسف الشديد والعميق، عدم اتخاذ أي إجراء قوي يصب في مصلحة فلسطين، يبشر بأن الشعب الفلسطيني سيستمر في المعاناة ودفع الضريبة وتأدية الثمن باهظاً نتيجة طغيان وتجبُّر الاحتلال الصهيوني الغاشم واستمراره في مصادرته أراضي الفلسطينيين، وإقامة المزيد المستوطنات، والاعتقالات العشوائية، والعبث بمقدسات أرض ثالث الحرمين من جهة، ونتيجة تخاذل وتواطؤ ناتج بالأساس عن جبن حكام العرب والمسلمين.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/taha-el-moujahid/post_16662_b_18920420.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات