الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

"أخيراً سأشتري منزلاً".. تسريبات تكشف تخصيص أستراليا مبالغ ضخمة لردع اللجوء

"أخيراً سأشتري منزلاً".. تسريبات تكشف تخصيص أستراليا مبالغ ضخمة لردع اللجوء

أنفقت الحكومة الأسترالية "الكثير من المال" على شركةٍ تقف وراء حملةٍ يُموِّلها دافعو الضرائب لردع طالبي اللجوء الذين يصلون على متنِ القوارب للبلاد، وقد حقَّقَت هذه الشركة ربحاً يُقدَّر بأكثر من 277 ألف دولار في ثلاثة أيام عمل، بحسب ما كشفته صحيفة الغارديان البريطانية.

تقرير للغارديان وصف هذا المال الذي أنفقته الحكومة الأسترالية لتنفير اللاجئين بالمال اللعين، لافتاً إلى أن تجديد عقد الشركة يتم دون مناقصة سنوية.
وذكر التقرير أن شركة ستات للاستشارات - Statt Consulting الواقعة في سنغافورة على ما لا يقل عن 15 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأستراليين لإدارة حملة إعلانية في أفغانستان وباكستان بهدف إقناع طالبي اللجوء المُحتَمَلين بعدم محاولة السفر إلى أستراليا، وفقاً للغارديان.





سأشتري منزلاً







وأظهرت وثائق جديدة متعلقة بمناقصة الحملة الإعلانية أن أستراليا وقَّعت عقداً مع شركة ستات لإصدار "منشورات مطبوعة" مقابل أقل من مليون دولار فقط في الفترة من فبراير/شباط وإلى يونيو/حزيران عام 2017 بعد إعلان الحكومة الأسترالية عن توقيع اتفاق جديد مع الولايات المتحدة لإعادة توطين اللاجئين الموجودين في جزر ناورو ومانوس في المحيط الهادئ عبر نقلهم إلى الولايات المتحدة.

وتُثير رسالةٌ إلكترونية، أطلعت عليها الغارديان، تساؤلات حول هامش أرباح شركة ستات من تعاقداتها مع الحكومة الأسترالية في ظل حزب العمال والتحالف الليبرالي القومي اللذين توليا الحكومة في الفترة من 2011 وحتى 2017.
وتنص قوانين عمليات شراء السلع والخدمات الحكومية على ضرورة أن "يحصل المسؤولون على قيمةٍ تعادل المال المدفوع" للشركات ووضعت معايير صارمة لضمان تحقق هذه القيمة.

وتُظهِر رسالةٌ إلكترونية، تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، رينيه لو كوسان، مديرة شركة ستات للاستشارات، وهي تناقش تقسيم توزيعات الأرباح عليها وعلى المدراء الآخرين بالشركة.

وكتبت رينيه: "بما أننا صادقون بشأن انحيازاتنا، يمكنني القول أن عملاءنا أغدقوا علينا الكثير من المال خلال الشهور القليلة الماضية لدرجة جعلتني أشعر أن هذا أكثر وقتٍ يمكن أن نحصل خلاله على توزيعات أرباح. أضف إلى ذلك حقيقة أننا تمكَّنَّا من تحقيق أرباحٍ إضافية بقيمة 277 دولار ألف أميركي أمس مقابل ثلاثة أيام عمل فقط".

وتابعت: "أنا على وشك شراء منزلٍ".

وكان المبلغ المذكور (277 ألف دولار) يعادل ما قيمته 292 ألف دولار أسترالي في ذلك الوقت.





أعمال سرية






وقال لوك فالكنر، مدير بشركة ستات، لصحيفة الغارديان: "بالنظر إلى طبيعة عملنا والتزامات السرية تجاه عملائنا، لا نستطيع التعليق على تفاصيل عملنا. لقد حصلنا على عقودنا بالنيابة عن الحكومة الفيدرالية الأسترالية عبر مزايدة علنية وتنافسية".

وأضاف: "تخضع هذه العقود لبرنامج صارم لضمان مدى امتثال الشركة بالقوانين، ويشمل هذا مراجعة خارجية لأنشطة الشركة للتأكُّد من مدى امتثالها للقوانين ومدى تلبية أنشطتها لأهدافٍ مُحدَّدة بدقة. بالإضافة إلى ذلك، تخضع أعمالنا لعملية تدقيق حسابية بواسطة شركةٍ مستقلة سنوياً، وكانت آخر مراجعة حسابية لأنشطة الشركة في فبراير/شباط 2017. تُطبق معايير الشفافية على جميع تعاملاتنا المالية طوال الوقت وهي معلومات متاحةٌ لعملائنا".

ووافقت وكالة الجمارك الأسترالية على مد فترة التعاقد مع شركة ستات لأكثر من 10 مرات، لتبلغ القيمة الإجمالية لفترات العمل عبر عقدٍ واحد حوالي 15 مليون دولار، وفقاً لما جاء في وثائق أخرى كُشِفَ عنها بموجب قانون حرية المعلومات.

وبرَّرت الوكالة لجوئها إلى مد عقد عمل الشركة بأن ستات قد اُختيرت في الأصل في عام 2012 "لأنها قادرةٌ على تقديم أفضل قيمةً ممكنة مقابل المال المدفوع بعد مرورها بعملية تنافسية للحصول امتياز تنفيذ أنشطة اتصالات خارج أستراليا وفي الشرق الأوسط".

ويعمل نظام تبادل الرسائل المعقد لشركة ستات بطريقةٍ تشبه عمليات الأجهزة الاستخباراتية أكثر من أي فريق اتصالات تقليدي. فقد أطلقت الشركة على أنشطتها الأسترالية اسم مُشفر وهو "Auspipe" وأنشأت بوابةً رقمية على الإنترنت حتى تتمكن الحكَّومة الأسترالية من الولوج مباشرةً إلى البيانات المُجمَّعة بواسطة شركة ستات.





أنشطتها






واشترت الشركة مساحات إعلانية في الراديو والتلفاز في أفغانستان، وإيران، وباكستان. ونشرت إعلاناتٍ مطبوعةً في المجلات المحلية ووسائل الإعلام وأنتجت رواياتٍ مصوّرةً ووزعتها في مختلف أنحاء أفغانستان. وعلاوة على ذلك، عقدت حوارات وندوات في العاصمة الأفغانية كابول وعبر البلاد في محاولةٍ لإقناع السكان المحليين بعدم محاولة السفر إلى أستراليا على متنِ القوارب.

في إحدى الحالات، دفعت شركة ستات لشركة مقاولات فرعية مقابل إيصال دفاتر تدوين إلى أفغانستان باعتبارها "منتجاً جديداً" مع وضع رسالة الحكومة الأسترالية على الغلاف الأمامي والخلفي للدفاتر.
وتقول إحدى وثائق عام 2015: "سيمنح هذا الحملة الإعلانية تأثيراً أطول ووجهاً واضحاً للغاية، ويمكن توزيعها على طلاب المدارس الثانوية والجامعات في المناطق المثيرة للاهتمام بالنسبة لنا".

وفي حالةٍ أخرى، أُبرم تعاقدٌ مع شركة ستات لإدارة حملةٍ إعلانية مكثفة في وسائل الإعلام المحلية الإيرانية في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2013، عندما وضعت حكومة التحالف الأسترالية برئاسة توني أبوت سياسات هجرة متشددة. وتوضح وثائق حكومية داخلية أن الشركة حصلت على
409 آلاف و554 دولاراً أسترالياً مقابل تنفيذ جزءٍ من عملها لإنتاج إعلان تلفزيوني مدته 30 ثانية وعرضه في وقت الذروة على التلفزيون الإيراني.






إهمال طبي متعمد






وكانت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" قد قالتا في أغسطس/آب 2016 إن نحو 1200 رجل وامرأة وطفل لجؤوا إلى أستراليا ونُقلوا قسرا إلى دولة ناورو، الجزيرة النائية في المحيط الهادئ، يعانون من انتهاكات خطيرة ومعاملة لاإنسانية وإهمال. يبدو أن فشل الحكومة الأسترالية بمعالجة الانتهاكات الخطيرة سياسة متعمدة لردع مزيد من طالبي اللجوء من الوصول إلى البلاد على متن القوارب.

وحسب المنظمتين يواجه اللاجئون وطالبو اللجوء في ناورو – معظمهم محتجز هناك منذ 3 سنوات – إهمالاً منهجياً من قبل الكوادر الصحية وغيرهم من مقدمي الخدمات الذين عيّنتهم الحكومة الأسترالية، فضلاً عن اعتداءات سكان ناورو المتكررة بلا عقاب.

وبالعودة لتحقيق الغارديان فقد ذكرت أن شركة ستات بدأت في تلقي عقودٍ حكومية في عام 2011 من وكالة الجمارك الأسترالية، والتي أصبحت حالياً جزءاً من قوات حرس الحدود الأسترالية. وطُلِبَ منها في البداية إجراء بحثٍ عن أنماط الهجرة وإعادة التوطين.

وحصلت الشركة أيضاً على أعمالٍ من حكوماتٍ أخرى، من بينها بريطانيا، وكندا، وهولندا، وسويسرا.

كان عامل الوقت في صف شركة ستات. فقد تمكنت من وضع نفسها في موقعٍ محوري عندما أصبحت الهجرة تشكل قضيةً رئيسية في أستراليا مجدداً.

وكانت حكومة حزب العمال برئاسة جوليا جيلارد تعمل على تنفيذ توصيات لجنة خبراءٍ في عام 2012 وتسعى إلى تنفيذ الحل الماليزي، والذي يتضمن جعل ماليزيا مركزاً لاستقبال طالبي اللجوء إلى أستراليا والبت في طلباتهم.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، قُدِّمَت دعوةٌ لشركة ستات لتقديم عرضٍ مختصرٍ لوكالة الجمارك، تشرح خلاله "أكثر الرسائل فاعليةً وأفضل أساليب إيصالها" لإدارة برنامج نشر رسائل على نطاقٍ واسع عبر الشرق الأوسط. بعدها بوقتٍ قصير، حصلت الشركة على العقد.

ويشمل العمل المُوكل للشركة شراء مساحاتٍ إعلانية في بعض البلاد عبر الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إدارة حملاتٍ مباشرة. ويتضمَّن عمل الشركة عقد جلساتٍ نقاشية مع أعضاء المجتمع المحلي في أفغانستان لمواصلة الجهود الحكومية لمنع طالبي اللجوء من محاولة السفر إلى أستراليا.
وتُقدم الوجبات الخفيفة والمشروبات في بعض المناطق في أفغانستان -جميعها ممولة من قبل أستراليا- حيث ستعقد شركات المقاولات الفرعية، الذين تعاقدت معهم شركة ستات، لقاءاتٍ مع المجتمع المحلي.

واستمر عقد امتياز الشركة خلال الحكومة الثانية لحزب العمال برئاسة كيفن رود، والتي طبقت سياسة "اللا ميزة" على طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى البلاد على متنِ القوارب - وهي سياسة تنص على البت في طلبات اللجوء في الفترة الزمنية المعتمدة في دولٍ أخرى مجاورة دون حصول اللاجئين على أي امتيازات مثل الإقامة المؤقتة، وتوسَّعت الحكومة أيضاً في نظام احتجاز المهاجرين خارج أستراليا في جزر نورو ومانوس بعد تنفيذ سلسلة من التغييرات.

وتشير الوثائق إلى أن إدارة أستراليا للعقد المبرم مع شركة ستات لم تتمتع بوضعٍ قانوني مستقر في بعض الأوقات.
فقد وافق المسؤولون في إحدى الحالات على مواصلة إنتاج شركة ستات لمحتوى إعلاني بتكلفة 25 ألف دولار دون وجود عقدٍ رسمي نظرا لتأخر تجديد العقد بسبب إجازة رسمية في البلاد.





لا مناقصات علنية






وفي الوضع الطبيعي، تخضع عملية عقد أية مناقصة لمعاييرٍ مشددة، وفقاً لقواعد الكومنولث لعمليات شراء السلع والخدمات. لكن يمكن إعفاء وكالة الجمارك من بعض هذه القواعد لأن الخدمة المقدمة عبارةٌ عن حملةٍ إعلانية "والتي ستُدار بأسلوب خدمات التعهيد وستستهدف عملاء خارج الأراضي الأسترالية".

ومع كل مدٍ لعقد شركة ستات، كانت وكالة الجمارك تُلمح إلى أنها ستُجري مناقصةً علنيةً قريباً. لكن طوال مدة العقد، التي سجلتها الوثائق، لم يحدث هذا، حسب الغارديان.

وقال متحدث باسم وكالة الجمارك إنه قد شُكّلت لجنةٌ حالياً لإدارة أنشطة الاتصالات المُنفذة خارج أستراليا.

وأضاف المتحدث: "ليس لدى الوكالة أي تعليقٍ بشأن الرسائل الإلكترونية المتبادلة المزعومة والقادمة من منظمة خارجية. كانت شركة ستات للاستشارات تعمل لصالح دائرة الجمارك وحماية الحدود الأسترالية عبر أوامر شراء مباشرة متوافقة مع القواعد الإرشادية للكومنولث الخاصة بعمليات الشراء".

وتابع المتحدث باسم الوكالة: "في عام 2014، شكلت قوة تنفيذ مهام عملية الحدود السيادية، التابعة للوكالة، لجنةً من الشركات المزودة للخدمات لإدارة حملات علاقات عامة مناهضة لتهريب البشر خارج أستراليا. ومنذ ذلك الوقت، تلجأ قوة تنفيذ المهام التابعة للوكالة إلى هذه اللجنة عندما ترغب في شراء أي خدمات لتنفيذ أنشطة إعلانية مناهضة تهريب البشر خارج أستراليا. وتتعاون شركة ستات حالياً مع الوكالة عبر ترتيبات هذه اللجنة".

وبعد توصلها إلى اتفاق مع الولايات المتحدة ينص على انتقال اللاجئين من معسكر الاحتجاز الأسترالي في جزيرة نورو إلى الولايات المتحدة، كثّفت الحكومة الأسترالية جهود حملتها الإعلانية في أفغانستان مجدداً، والتي شملت روايات مصورة وإعلانات في الراديو والتلفزيون.

وقال المتحدث باسم وزارة الهجرة: "تعد الجهود الإستراتيجية للإعلام حجراً رئيسياً في عمليات مكافحة تهريب البشر وإن الفضل في نجاح عملية الحدود السيادية في خفض عدد الرحلات البحرية غير الشرعية إلى أستراليا بنحوٍ لافت يرجع جزئياً إلى الحملات الإعلانية المُكثّفة وواسعة النطاق والمتكررة، التي تهدف إلى مكافحة تهريب البشر".


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/08/01/story_n_17649570.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات