الاثنين، 14 أغسطس 2017

لأننا لسنا آلهة

لأننا لسنا آلهة

ملحوظة: التدوينة بالعامية المصرية


(إننا في الحياة لا نتعامل مع آلهة، بل مع أشخاص عاديين مثلنا رجال ونساء، يتسمون بالاستقرار والاضطراب، والقوة والضعف والشهرة وعدمها، أشخاص تتصارع في مجرى دمائهم يومياً قوى الخير والشر).

نيلسون مانديلا اللي بيقول كده الراجل اللي قعد 27 سنة في السجن كانت كفيلة يخرج بعُقد الدنيا وبفكرة الانتقام، لكنه أدهش العالم بفكرة المصالحة مع نفسه ومع اللي حواليه، فببساطة كده ما تشغلش بالك بالحكم على اﻷشخاص أو حكمهم عليك.. خد الحلو وسيب الوحش، محدش مطالب إنه يتدخل في حياة حد، ولا يقعد يراقب ويدلي برأي محدش طلبه منه، عشان كل واحد بيحارب في معركته اللي ما يعرفهاش غيره، لكن المطلوب منك تتعامل بالحسنى، تخلي ربنا أكبر جواك من أي شخص ومن أي مادة.. ناس بتروح وناس بتيجي، وحاجات بتروح وبتيجى غيرها؛ ﻷن الحقيقة الوحيدة المطلقة في الكون هي الله، والاختلاف سنة كونية، وحكمته إنه يحقق التكامل في الكون، فخد نية وكن نفسك بصوابك وخطأك، بوقوفك ووقوعك، بحزنك وفرحك، وحتى بتسليمك لأي نتيجة تحصل رغم اجتهادك؛ لأنك عارف إنك حاولت بكل عزمك وإن ده الخير.

كن نفسك بكل أحوالها، وحُب نفسك وحب غيرك، وسامح نفسك والتمس اﻷعذار لغيرك، المهم لا تعظم بداخلك إلا الله، وادعي دايماً بالهداية والصلاح والتقوى والتوفيق وتحري الوسطية، يعني لا إفراط ولا تفريط؛ لأن الإفراط تجاوز وإسراف، والتفريط تقصير وتقطير، فالإفراط في الشجاعة تهور، والتفريط فيها جبن، والإفراط في الكرم إسراف، والتفريط فيه بخل (ولا تـجعـل يدك مغلولـةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)، والإفراط في الطموح طمع، والتفـريط فيه قصر نظر، والإفراط في الحب أو العشق جنون ولوثة عقل، والتفريط فيه ضـنك وتعاسة، وخير الأمور أوسطها.

قاعدة المثالية ويا أبيض يا أسود بس هي الأقرب لمفهوم اﻹله الذي لا يخطئ، وهي قاعدة مدمرة في حد ذاتها بتخلي البني آدم تحت سيطرة تصنيف الناس له، فيحرم نفسه من حق المحاولة والخطأ، ويمكن لو أخطأ مرة يفضل يجلد في نفسه طول الوقت، فيتحرم من حق التعلم من التجربة، ويمكن ذعره وخوفه يخليه يكدب، أو يفضل يكتم في نفسه لحد ما ينفجر، وكل ده لأنه مش قابل فكرة إن حد يحطه في خانة الأسود مهما حصل.

يا صديقي.. من حقك المشروع إنك تاخد قراراتك بنفسك بدون أي محاولة للتبرير طالما مش بتضر غيرك.. مش محتاج تحس بالذنب، ولا مطالب تعد عريضة تبرر بيها كل حاجة تعملها، فبالراحة على نفسك شوية، تعامل معها ببساطة، الخير افرح بيه وكمله، والغلط اتعلم واجتهد تتخلص منه بالتدريج، النقد خد منه اللي ينفعك، وسيب الباقي مفيش حد هيبقى أدرى منك بنفسك، وما تضيعش حياتك في محاولات مفيش فايدة منها لكسب رضا الناس.

من أقوال الشافعي رحمه الله: رضا الناس غاية لا تدرك، فعليك بما يصلحك فالزمه، فإنه لا سبيل إلى رضاهم.

سيب التصنيف للي بيحب التصنيف، واجتهد تعرف عن نفسك أكتر وتفهمها أعمق، وأياً كانت المرحلة اللي بتمر بيها احترمها، وما تيأسش من نفسك، واتغير بالتدريج وكمّل؛ لأننا لسنا آلهة.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/hend-salah-makhlouf/story_b_17749568.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات