ما الوطن؟ ما الوطن حين تصبح فيه غريباً تخاف أن يصادفك الموت بين شوارعك التي تضيق يوماً بعد يوم وتخنقنا كي لا يتبقى من الوطن غير ثلاثة أحرف لا دلالة لها.. وما يتبقى من الوطن حين نغتصب في كل شيء في واضحة النهار على مرأى من الناس الذين ماتت فيهم الإنسانية وبدا لهم الاغتصاب عادياً كمشهد بورنوغرافي يتمتعون من خلاله مبررين تلك القذرة بالملابس؟
متى كانت الملابس تعطي الآخرين حق الاعتداء والتحرش والاغتصاب؟ متى أصبحت أمة تتبنى في دستورها الإسلام لا تكفل للإنسان حق العيش الكريم؟ وأين نحن من حقوق الإنسان في زمن استبيح فيه الشرف والكرامة والنخوة؟ أي رجال وطن يقبلون أن تهتك الأعراض على نواصي الشوارع؟ هل ما أرضعتكم أمهاتكم حليب الرجولة والعزة أم شربت مكانه الذل والاستكانة؟ متى قبلت أن تكون ديوثاً شيطاناً أخرس ساكتاً عن الحق بل حتى مهللاً للظلم والعدوان؟ هل ما ولدتكم نساء طاهرات للعرض حافظات أم أنتم لقطاء لا همّكم أم ولا أخت ولا جارة ولا بنت؟ متى ماتت الإنسانية وتبنَّيتم الوحشية مكانها.. متى كان الخروج في الشوارع والشمس تحتل وسط السماء شبهة لنا؟ متى استضعفتم النساء وأنتم من رحمهن نفخت فيكم الحياة؟ فيا ليت أمهاتكم أجهضنكم ولم نرَ وحوشاً آدمية تنهش لحم فتاة بريئة لا ذنب لها غير أنها وُلدت في وطن ظالم جائر لا عدل فيه ولا أمن.
ظننا أن التسيب الأمني ظاهرة عادية في تلك المناطق السوداء التي تحكمها عصابات عائلية لها دروبها الخاصة، وبدأنا نروج لفكرة أن يبحث الإنسان عن سلامته فلا يخرج ليلاً ولا يمر من تلك الأزقة الضيقة التي لا مخرج منها إلا الموت أو الاغتصاب أو إعاقة دائمة تلازمك حياتك بأكملها كي تذكّرك أنك ضعيف في زمن الغَلَبة فيه للأقوى أو الأغنى.. وما دون ذلك رعاع تتصارع بينها حتى يفنى طرف ويعيش الطرف الآخر حاملاً السيف أمام كل من استيقظ فيه الضمير كي يقول لا.. لا لهذا الانفلات اللاأخلاقي قبل أن يكون أمنياً.
إن الاغتصاب قضية أخلاقية وإنسانية قبل كل شيء.. تعكس هذا التوجه الذي يمضي فيه مجتمعنا الحالي.. في زمن نوظف فيه ألف محام للدفاع عن مغتصب متابع من أميركا، تونس، فرنسا وحتى المغرب كي نحيك له البراءة من وهم المؤامرات التي نعشقها.. إنه شعب تعلق بالأفلام المكسيكية وبعدها التركية فما عاد يعرف غير منار البريئة التي حاك لها الآخرون المؤامرات.. إنه زمن نخرج فيه بالمظاهرات كي نقول: "Impossible"، أن يكون المغتصب مذنباً كي يصبح الباطل بطلاً يغني بسواره الإلكتروني "ما ربحتي والو".. ماذا سنربح وسط جهلاء خرجوا احتفالاً بسراحه المشروط بسوار يزين كاحله الرطب؟ ماذا نربح وسط عشاق إيهاب الذين قد ينكلون بك لمجرد أن تذكر اسمه غير مسحوب بـ"الله اطول في عمرو".. ماذا سنربح في ظل مجتمع سكيزوفريني يريد الحلال مغلفاً كحلوى يتناولها بالنهار.. والحرام ليلاً مستباحاً لأنه عريان.. ونسوا أنهم العراة من الأخلاق.. الكفرة بالإنسانية والموعودون بالظلمة أينما حلّوا وارتحلوا.. متى كانت أمهاتكم وأخواتكم حلاً للصعاليك؟ ومتى أصبحنا مجتمعاً آكلاً اللحوم؟ ما زالت صدمتي الأولى لم تمضِ وأنا أمر في هذه المدينة بمحاذاة مقبرة نصارى مهملة تم فيها اغتصاب شاب وذبحه من الوريد إلى الوريد وأكل قلبه وشرب دماءه بينما سمع الجيران استغاثة الشاب وهو يترجى جلاده: افعل ما تشاء لكن لا تذبحني أرجوك.. لأسألكم بالله عليكم هل كان بدوره يرتدي ملابس مغرية.. أم أن تلك الحمارة التي تم اغتصابها في سيدي قاسم كانت بدورها تتسكع بالليل دون أن ترتدي الجلباب وتحترم نفسها؟ كثيرة هي الوقائع والجرائم هذا الشهر وقليلة هي مواقف الرجال.. كثيرون هم الوحوش وقليلون هم البشر.
طوبى لشعب لا يأبه إلا بنفسه ولا تطربه غير نغمات العلوة التي ينسى معها كل شيء.. ماذا يتبقى من الوطن حين يغيب الأمان ونصبح مواطنين من درجة ثالثة لا كرامة لهم ولا أي شيء؛ لنعود مائة سنة إلى الوراء.
إن القضية اليوم هي قضية أخلاق وجهل وإرهاب نفسي قبل أن يكون جسدياً.. كيف يستطيع الإنسان أن يربي طفلاً وهو يخاف أن يغتصبه معلمه.. جاره.. حارس البناية أو مارة بالشوارع.. يجب أن نوقف عملية التكاثر ونقضي على هذه الطفيليات التي تتغذى على ازدواجية الأفراد وحياديتهم في مواقف الموت فيها أهون من عيش المهانة.
لا بد أن نعيد النظر في التعليم والسياسة وحتى الدين الذي يستعملونه كي يبرروا جرائمهم؛ لأن الملابس لم تكن معياراً فحتى تلك المرأة التي ترتدي الجلباب الفضفاض وتغطي جسدها كاملاً استباح أحدهم في الباص أن يتربص بها كي يلبّي غريزته المريضة.. ليس اللباس هو المشكل بل تلك العقلية الجائعة المريضة التي لا تعرف غير الكبت.. لا تفرجوا عنهم.. لا تبنوا المساجد والناس جياع.. جياع للأخلاق والمبادئ الإنسانية.. ابنوا أجساد قلوب أتعبتها الحاجة والجهل.. لا تبنوا لله قِبلة واحدة بل اجعلوا له في كل إنسان معبداً.. فأينما ولَّيتم وجوهكم وجدتم الله متجسداً في أبهى حلَة.. هو الله حي فيّ وفيك وفي كل الناس.. لعلنا بالحب نعيش ونموت ولا نقتل ونغتصب.
متى كانت الملابس تعطي الآخرين حق الاعتداء والتحرش والاغتصاب؟ متى أصبحت أمة تتبنى في دستورها الإسلام لا تكفل للإنسان حق العيش الكريم؟ وأين نحن من حقوق الإنسان في زمن استبيح فيه الشرف والكرامة والنخوة؟ أي رجال وطن يقبلون أن تهتك الأعراض على نواصي الشوارع؟ هل ما أرضعتكم أمهاتكم حليب الرجولة والعزة أم شربت مكانه الذل والاستكانة؟ متى قبلت أن تكون ديوثاً شيطاناً أخرس ساكتاً عن الحق بل حتى مهللاً للظلم والعدوان؟ هل ما ولدتكم نساء طاهرات للعرض حافظات أم أنتم لقطاء لا همّكم أم ولا أخت ولا جارة ولا بنت؟ متى ماتت الإنسانية وتبنَّيتم الوحشية مكانها.. متى كان الخروج في الشوارع والشمس تحتل وسط السماء شبهة لنا؟ متى استضعفتم النساء وأنتم من رحمهن نفخت فيكم الحياة؟ فيا ليت أمهاتكم أجهضنكم ولم نرَ وحوشاً آدمية تنهش لحم فتاة بريئة لا ذنب لها غير أنها وُلدت في وطن ظالم جائر لا عدل فيه ولا أمن.
ظننا أن التسيب الأمني ظاهرة عادية في تلك المناطق السوداء التي تحكمها عصابات عائلية لها دروبها الخاصة، وبدأنا نروج لفكرة أن يبحث الإنسان عن سلامته فلا يخرج ليلاً ولا يمر من تلك الأزقة الضيقة التي لا مخرج منها إلا الموت أو الاغتصاب أو إعاقة دائمة تلازمك حياتك بأكملها كي تذكّرك أنك ضعيف في زمن الغَلَبة فيه للأقوى أو الأغنى.. وما دون ذلك رعاع تتصارع بينها حتى يفنى طرف ويعيش الطرف الآخر حاملاً السيف أمام كل من استيقظ فيه الضمير كي يقول لا.. لا لهذا الانفلات اللاأخلاقي قبل أن يكون أمنياً.
إن الاغتصاب قضية أخلاقية وإنسانية قبل كل شيء.. تعكس هذا التوجه الذي يمضي فيه مجتمعنا الحالي.. في زمن نوظف فيه ألف محام للدفاع عن مغتصب متابع من أميركا، تونس، فرنسا وحتى المغرب كي نحيك له البراءة من وهم المؤامرات التي نعشقها.. إنه شعب تعلق بالأفلام المكسيكية وبعدها التركية فما عاد يعرف غير منار البريئة التي حاك لها الآخرون المؤامرات.. إنه زمن نخرج فيه بالمظاهرات كي نقول: "Impossible"، أن يكون المغتصب مذنباً كي يصبح الباطل بطلاً يغني بسواره الإلكتروني "ما ربحتي والو".. ماذا سنربح وسط جهلاء خرجوا احتفالاً بسراحه المشروط بسوار يزين كاحله الرطب؟ ماذا نربح وسط عشاق إيهاب الذين قد ينكلون بك لمجرد أن تذكر اسمه غير مسحوب بـ"الله اطول في عمرو".. ماذا سنربح في ظل مجتمع سكيزوفريني يريد الحلال مغلفاً كحلوى يتناولها بالنهار.. والحرام ليلاً مستباحاً لأنه عريان.. ونسوا أنهم العراة من الأخلاق.. الكفرة بالإنسانية والموعودون بالظلمة أينما حلّوا وارتحلوا.. متى كانت أمهاتكم وأخواتكم حلاً للصعاليك؟ ومتى أصبحنا مجتمعاً آكلاً اللحوم؟ ما زالت صدمتي الأولى لم تمضِ وأنا أمر في هذه المدينة بمحاذاة مقبرة نصارى مهملة تم فيها اغتصاب شاب وذبحه من الوريد إلى الوريد وأكل قلبه وشرب دماءه بينما سمع الجيران استغاثة الشاب وهو يترجى جلاده: افعل ما تشاء لكن لا تذبحني أرجوك.. لأسألكم بالله عليكم هل كان بدوره يرتدي ملابس مغرية.. أم أن تلك الحمارة التي تم اغتصابها في سيدي قاسم كانت بدورها تتسكع بالليل دون أن ترتدي الجلباب وتحترم نفسها؟ كثيرة هي الوقائع والجرائم هذا الشهر وقليلة هي مواقف الرجال.. كثيرون هم الوحوش وقليلون هم البشر.
طوبى لشعب لا يأبه إلا بنفسه ولا تطربه غير نغمات العلوة التي ينسى معها كل شيء.. ماذا يتبقى من الوطن حين يغيب الأمان ونصبح مواطنين من درجة ثالثة لا كرامة لهم ولا أي شيء؛ لنعود مائة سنة إلى الوراء.
إن القضية اليوم هي قضية أخلاق وجهل وإرهاب نفسي قبل أن يكون جسدياً.. كيف يستطيع الإنسان أن يربي طفلاً وهو يخاف أن يغتصبه معلمه.. جاره.. حارس البناية أو مارة بالشوارع.. يجب أن نوقف عملية التكاثر ونقضي على هذه الطفيليات التي تتغذى على ازدواجية الأفراد وحياديتهم في مواقف الموت فيها أهون من عيش المهانة.
لا بد أن نعيد النظر في التعليم والسياسة وحتى الدين الذي يستعملونه كي يبرروا جرائمهم؛ لأن الملابس لم تكن معياراً فحتى تلك المرأة التي ترتدي الجلباب الفضفاض وتغطي جسدها كاملاً استباح أحدهم في الباص أن يتربص بها كي يلبّي غريزته المريضة.. ليس اللباس هو المشكل بل تلك العقلية الجائعة المريضة التي لا تعرف غير الكبت.. لا تفرجوا عنهم.. لا تبنوا المساجد والناس جياع.. جياع للأخلاق والمبادئ الإنسانية.. ابنوا أجساد قلوب أتعبتها الحاجة والجهل.. لا تبنوا لله قِبلة واحدة بل اجعلوا له في كل إنسان معبداً.. فأينما ولَّيتم وجوهكم وجدتم الله متجسداً في أبهى حلَة.. هو الله حي فيّ وفيك وفي كل الناس.. لعلنا بالحب نعيش ونموت ولا نقتل ونغتصب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/kenza-makoud/-_13064_b_17796592.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات