بينما الصحفي يستقبل الاتصالات من المشاهدين ليعاهدوه بوقفة احتجاجية في بلدانهم لجمعة الغضب للأقصى، يتدخل أحدهم بمكالمة هاتفية خارج النص؛ بل وبوقاحة فجّة (لن ننصر الأقصى)، هكذا قالها وبصوت عالٍ، فيحاول المذيع أن يتداركَ ما سمعه من المتصل ويشرح له هدف الحصة، فيعيد ذلك الشّخص عبارته مرة أخرى وينصرف ليترك الدهشة مرسومة على وجوه المستمعين؛ أمثال هذا وغيره لن ينصروا الأقصى، لماذا؟
عندما تصدر فتوى من أحد شيوخ التغريد على تويتر بأن الموت في سبيل الأقصى ليس استشهاداً، [.. من أعظم حرمة عند الله دم المسلم الفلسطيني أم المسجد الأقصى؟ اتقوا الله في دماء الناس، من قال إن الموت في سبيل الأقصى استشهاد]، هكذا غرَّد مَن ينسب نفسه إلى أهل العلم؛ فمثل هذه الفتاوى والأفكار تُفرخ جيلاً من المتخاذلين لن ينصروا الأقصى؛ بل يرون في نصرته إرهاباً وتطرُّفاً، فمن يُجرِّم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ويعتبرها إرهابية، فلا تستغرب من تخاذله وتقاعسه عن نصرة الأقصى والغضب لأجله.
لن ينصر الأقصى قوم تركوا عدوهم خلف ظهورهم واشتغلوا ينهش بعضهم بعضاً، يتراشقون التُّهم والدعايات الفارغة، يبحثون عمن يدعم الإرهاب بينهم، وبعضهم يحطُّ يده في يد الداعم الحقيقي للإرهاب، فمن يمارس الإرهاب هم الصهاينة المغتصبون لأرض فلسطين الأبية، مَن يمارس الإرهاب غيرهم وهم يتفننون في قتل وتشريد آلاف الفلسطينيين، ويستبيحون حرمة المسجد الأقصى وسط صمت عربي مقيت، الإرهاب يا سادتي يمارس هناك في أرض أولى القِبلتين وثالث الحرمين الشريفين فاذهبوا إلى هناك واقتلعوه من جذوره، ببيت المقدس رجال مرابطون يقدمون للعالم درساً في الصبر والجهاد في زمن الانتكاسات العربية والإسلامية.
نحن هكذا دائماً عندما يتجرأ الصهاينة على مقدساتنا ننثر الشعارات في الهواء فتطير مع دخان المصانع والسجائر في طبقات الجو فتختفي دون رجعة، شعارات عاطفية ظرفية سرعان ما يزول مفعولها، كيف لا ونحن نعوض الفعل الحقيقي والمواقف الجادة بالغناء على المسارح للقضية الفلسطينية، فالحلم العربي بقي حبيس شاشات التلفاز؛ بل وأصبح مجرد أرشيف في خزانة الأغاني الوطنية، لن تنصروا الأقصى بالغناء والأناشيد ما لم تشمروا عن السواعد، فلا يمكن أن نواجه الدبابات والطائرات الحربية بالقصائد وبرامج الهواة.
نشأنا في المدارس ونحن ندرس في المقررات التربوية القضية الفلسطينية ونتغنى بأناشيدها، في كتب المطالعة نعالج نصوصاً أدبية حول انتفاضات الأقصى، وقصائد محمود درويش، كبرنا على حب فلسطين، في جدران الفصل توجد صور لمسجد قبة الصخرة، في حصة الرسم نرسم دبابات العدو وهي تقصف الثوار المجاهدين المرابطين على أكناف بيت المقدس، وأطفال في أيديهم حجارة كأنها رصاص، وقنابل مدوية من شدة الحماس والحب للوطن والإيمان بحريته.
أما اليوم فأجيال تتسابق لرسم لاعبي كرة القدم، ولنصرة فنانة استعراضية في خصومتها مع فنانة أخرى؛ في مواقع التواصل تجد سيلاً من السب والشتم في التعليقات على منشور مغنية عارية متبرجة ليس رداً عليها؛ بل للدفاع عنها لأن أحد المعلقين وصفها هكذا، تُدافع الفتيات عنها وكأنهن يدافعن عن شرفهن، وإذ تسأل إحداهن عن موقع القدس بالخريطة فلا تستغرب إن قالت لك بغزة، مثل هذا الجيل لا تنتظر منه غضباً للأقصى، وإن فعل فذلك ليزيِّن صورة بروفايله على الفيسبوك بشعار "اغضب للأقصى" لا أكثر، فالغضب اليوم لم يعد كالماضي كزمن الثوار غضب بالفعل لا بالشعارات والصور.
كيف لا يقوى الصهاينة على استباحة مقدساتنا ونحن نقوى على المساس بشرف بعضنا على بعض، دول شقيقة تحاصر دولة أخرى اختلفوا معها في وجهة النظر؛ إذ في قواميسهم الاختلاف لا يفسد للودّ قضية، ولكنها المطامع تفسد الأخلاق والنية، يتركون قضية الأمة الجوهرية التي من الواجب الشرعي الدفاع عنها، ويسعون وراء المصالح التي تخدم الدول الغربية، وعلى رأسهم الاحتلال الإسرائيلي، ليتهم يمتلكون الجرأة في مقاطعة هذا الاحتلال الغاشم كما يتجرَّأون على قمع شعوبهم إن ثارت في وجه الظلم والاستبداد، فأصحاب هذه المبادئ والممارسات لا تنتظروا منهم أن ينصروا الأقصى.
سلخ الأمة من هويتها؛ عشرات البرامج الترفيهية الخليعة والمتمثلة أكثر في برامج الهواة التي لا هدف لها إلا ضرب قيم المجتمعات العربية والإسلامية بداعي الفن والتحضر، أي فن هذا الذي ينسي المرء في دينه ووطنه، لا يَغرنَّكم كلامهم حول قضايا الأمة وبأن الفن هو المخرج للنصر، ما يقدمونه ليس فناً محترماً بل هو تمييع للمجتمع، بحيث يصبح شباب هذه الأمة لا همَّ لهم سوى التقاط الصور مع الفنانين واحتشادهم أما المسارح لحضور المهرجانات الصاخبة، لست ضد الفن لكن أن يستغل في مسخ هوية الأمة وإذلالها أكثر فهكذا لن نحقق نصراً للأقصى بل سنغض الطرف أكثر ونتساهل.
لن ينصر الأقصى حكامٌ يستنزفون ثروات البلاد وينهبون حقَّ الشعوب، فكيف ينصرونه وهم ينصرون الأعداء بدعمهم وتمويلهم؛ بل والسعي إلى توطيد العلاقات أكثر معهم على جميع الأصعدة، ولكِ الله يا غزة في حصارك الذي يخنق أنفاسك كل يوم، وللقدس رجال صَدَقُوا الله ما عاهدوه عليه، النصر أو الشهادة.
دول الممانعة التي عهدناها تمانع بالبيانات وإن زادت في العيار تندد أكثر بالعدوان عبر وسائلها الإعلامية أو في منبر الجامعة العربية أو مجلس الأمن، لكن لمجرد أن ثارت شعوبها تطالب بالعدالة والحرية من الاستبداد رأينا الجيوش والمدرعات تجوب الشوارع لقمع المتظاهرين حتى تحولت البلاد إلى جحيم محقق، فكيف لشعب مستضعف من أولياء الأمر أن ينصر مقدساته وهو لا يستطيع نصرة نفسه؟!
لن ينصروا الأقصى حتى يتخلَّوا عن جاهليتهم التي حاربها الإسلام، لكنهم اليوم يحاربونه بها؛ فمن ابتغى العزة بغير الإسلام أذله الله وأخزاه وجعله في الأسفلين، حالة الأقصى تحدد طبيعة الأمة اليوم، فإن هو كان مهاناً وهو كذلك للأسف، فهذه الأمة مهانة متخاذلة مستباحة أعراضها، فالمقدسات هي شرف الأمم والشعوب إن عجزت عن الحفاظ عنها ونصرتها فقد تخلت عن شرفها.
اللهم إنّا نعوذ بك من أن نذلَّ أو نهان، اللهم عجِّل بنصرك لبيتك المقدَّس، وانصر المرابطين المجاهدين بأرضه، وارحم اللهم شهداءهم برحمتك الواسعة يا ربّ العالمين.
عندما تصدر فتوى من أحد شيوخ التغريد على تويتر بأن الموت في سبيل الأقصى ليس استشهاداً، [.. من أعظم حرمة عند الله دم المسلم الفلسطيني أم المسجد الأقصى؟ اتقوا الله في دماء الناس، من قال إن الموت في سبيل الأقصى استشهاد]، هكذا غرَّد مَن ينسب نفسه إلى أهل العلم؛ فمثل هذه الفتاوى والأفكار تُفرخ جيلاً من المتخاذلين لن ينصروا الأقصى؛ بل يرون في نصرته إرهاباً وتطرُّفاً، فمن يُجرِّم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ويعتبرها إرهابية، فلا تستغرب من تخاذله وتقاعسه عن نصرة الأقصى والغضب لأجله.
لن ينصر الأقصى قوم تركوا عدوهم خلف ظهورهم واشتغلوا ينهش بعضهم بعضاً، يتراشقون التُّهم والدعايات الفارغة، يبحثون عمن يدعم الإرهاب بينهم، وبعضهم يحطُّ يده في يد الداعم الحقيقي للإرهاب، فمن يمارس الإرهاب هم الصهاينة المغتصبون لأرض فلسطين الأبية، مَن يمارس الإرهاب غيرهم وهم يتفننون في قتل وتشريد آلاف الفلسطينيين، ويستبيحون حرمة المسجد الأقصى وسط صمت عربي مقيت، الإرهاب يا سادتي يمارس هناك في أرض أولى القِبلتين وثالث الحرمين الشريفين فاذهبوا إلى هناك واقتلعوه من جذوره، ببيت المقدس رجال مرابطون يقدمون للعالم درساً في الصبر والجهاد في زمن الانتكاسات العربية والإسلامية.
نحن هكذا دائماً عندما يتجرأ الصهاينة على مقدساتنا ننثر الشعارات في الهواء فتطير مع دخان المصانع والسجائر في طبقات الجو فتختفي دون رجعة، شعارات عاطفية ظرفية سرعان ما يزول مفعولها، كيف لا ونحن نعوض الفعل الحقيقي والمواقف الجادة بالغناء على المسارح للقضية الفلسطينية، فالحلم العربي بقي حبيس شاشات التلفاز؛ بل وأصبح مجرد أرشيف في خزانة الأغاني الوطنية، لن تنصروا الأقصى بالغناء والأناشيد ما لم تشمروا عن السواعد، فلا يمكن أن نواجه الدبابات والطائرات الحربية بالقصائد وبرامج الهواة.
نشأنا في المدارس ونحن ندرس في المقررات التربوية القضية الفلسطينية ونتغنى بأناشيدها، في كتب المطالعة نعالج نصوصاً أدبية حول انتفاضات الأقصى، وقصائد محمود درويش، كبرنا على حب فلسطين، في جدران الفصل توجد صور لمسجد قبة الصخرة، في حصة الرسم نرسم دبابات العدو وهي تقصف الثوار المجاهدين المرابطين على أكناف بيت المقدس، وأطفال في أيديهم حجارة كأنها رصاص، وقنابل مدوية من شدة الحماس والحب للوطن والإيمان بحريته.
أما اليوم فأجيال تتسابق لرسم لاعبي كرة القدم، ولنصرة فنانة استعراضية في خصومتها مع فنانة أخرى؛ في مواقع التواصل تجد سيلاً من السب والشتم في التعليقات على منشور مغنية عارية متبرجة ليس رداً عليها؛ بل للدفاع عنها لأن أحد المعلقين وصفها هكذا، تُدافع الفتيات عنها وكأنهن يدافعن عن شرفهن، وإذ تسأل إحداهن عن موقع القدس بالخريطة فلا تستغرب إن قالت لك بغزة، مثل هذا الجيل لا تنتظر منه غضباً للأقصى، وإن فعل فذلك ليزيِّن صورة بروفايله على الفيسبوك بشعار "اغضب للأقصى" لا أكثر، فالغضب اليوم لم يعد كالماضي كزمن الثوار غضب بالفعل لا بالشعارات والصور.
كيف لا يقوى الصهاينة على استباحة مقدساتنا ونحن نقوى على المساس بشرف بعضنا على بعض، دول شقيقة تحاصر دولة أخرى اختلفوا معها في وجهة النظر؛ إذ في قواميسهم الاختلاف لا يفسد للودّ قضية، ولكنها المطامع تفسد الأخلاق والنية، يتركون قضية الأمة الجوهرية التي من الواجب الشرعي الدفاع عنها، ويسعون وراء المصالح التي تخدم الدول الغربية، وعلى رأسهم الاحتلال الإسرائيلي، ليتهم يمتلكون الجرأة في مقاطعة هذا الاحتلال الغاشم كما يتجرَّأون على قمع شعوبهم إن ثارت في وجه الظلم والاستبداد، فأصحاب هذه المبادئ والممارسات لا تنتظروا منهم أن ينصروا الأقصى.
سلخ الأمة من هويتها؛ عشرات البرامج الترفيهية الخليعة والمتمثلة أكثر في برامج الهواة التي لا هدف لها إلا ضرب قيم المجتمعات العربية والإسلامية بداعي الفن والتحضر، أي فن هذا الذي ينسي المرء في دينه ووطنه، لا يَغرنَّكم كلامهم حول قضايا الأمة وبأن الفن هو المخرج للنصر، ما يقدمونه ليس فناً محترماً بل هو تمييع للمجتمع، بحيث يصبح شباب هذه الأمة لا همَّ لهم سوى التقاط الصور مع الفنانين واحتشادهم أما المسارح لحضور المهرجانات الصاخبة، لست ضد الفن لكن أن يستغل في مسخ هوية الأمة وإذلالها أكثر فهكذا لن نحقق نصراً للأقصى بل سنغض الطرف أكثر ونتساهل.
لن ينصر الأقصى حكامٌ يستنزفون ثروات البلاد وينهبون حقَّ الشعوب، فكيف ينصرونه وهم ينصرون الأعداء بدعمهم وتمويلهم؛ بل والسعي إلى توطيد العلاقات أكثر معهم على جميع الأصعدة، ولكِ الله يا غزة في حصارك الذي يخنق أنفاسك كل يوم، وللقدس رجال صَدَقُوا الله ما عاهدوه عليه، النصر أو الشهادة.
دول الممانعة التي عهدناها تمانع بالبيانات وإن زادت في العيار تندد أكثر بالعدوان عبر وسائلها الإعلامية أو في منبر الجامعة العربية أو مجلس الأمن، لكن لمجرد أن ثارت شعوبها تطالب بالعدالة والحرية من الاستبداد رأينا الجيوش والمدرعات تجوب الشوارع لقمع المتظاهرين حتى تحولت البلاد إلى جحيم محقق، فكيف لشعب مستضعف من أولياء الأمر أن ينصر مقدساته وهو لا يستطيع نصرة نفسه؟!
لن ينصروا الأقصى حتى يتخلَّوا عن جاهليتهم التي حاربها الإسلام، لكنهم اليوم يحاربونه بها؛ فمن ابتغى العزة بغير الإسلام أذله الله وأخزاه وجعله في الأسفلين، حالة الأقصى تحدد طبيعة الأمة اليوم، فإن هو كان مهاناً وهو كذلك للأسف، فهذه الأمة مهانة متخاذلة مستباحة أعراضها، فالمقدسات هي شرف الأمم والشعوب إن عجزت عن الحفاظ عنها ونصرتها فقد تخلت عن شرفها.
اللهم إنّا نعوذ بك من أن نذلَّ أو نهان، اللهم عجِّل بنصرك لبيتك المقدَّس، وانصر المرابطين المجاهدين بأرضه، وارحم اللهم شهداءهم برحمتك الواسعة يا ربّ العالمين.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/abde-ldjabar-amari/-_12894_b_17713218.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات