السبت، 19 أغسطس 2017

الوهم

الوهم

في العلاقات العاطفية والإنسانية نمر جميعاً بفترات ارتفاع وهبوط في العلاقة مع الطرف الآخر، غير أن هناك مرحلة فاصلة تؤثر على شكل هذه العلاق فإما أن تستمر وإما أن تنتهي، ولكن بعدها تكون العلاقة أصبحت على قدر عالٍ من الوعي. وحينها، يبدأ العقل في التحكم والأخذ بزمام الأمور ويتنحى القلب جانباً وتسمى هذه المرحلة "الوهم".

الوهم، هو تلك المرحلة التى نشعر فيها بأننا نمتلك كل شيء في الدنيا، وأن الشخص الذي نرتبط به هو أفضل الموجودين على الإطلاق ولا يوجد مُقارن به ونضعه موضع الملائكة الذين لا يخطئون.

في هذه المرحلة، لا نرى أي عيوب في الشخص الذي نرتبط به ، نراه يفعل كل شيء صواب ونبرر أخطاءه بأننا السبب فيها، ونختلق التبريرات دائماً؛ حتى نقنع أنفسنا بأن أفعاله كلها صواب.

فيها نتنازل عن كثير من أحلامنا وخِططنا في الحياة من أجله؛ بل هناك البعض الذي يتخلى عن بعض مبادئه؛ لكي تستمر هذه العلاقة وهو لا يشعر بأن مثل هذه العلاقات تنتهي بالفشل في النهاية.

لا تتم الاستفاقة من هذا الوهم إلا متأخراً بعد أن نصطدم بالواقع الجديد الذي تم خلْقه بعد كمّ التنازلات الرهيب الذي حدث، ولكن حينها نقف وقفة المندهش؛ كيف ومتى تم كل هذا التغير؟!

الوقت أمامنا قصير، لا وقت للدهشة الآن، لقد تم خلق واقع جديد وعلينا التعامل معه قبل أن يتطور الوضع لأشياء لا يمكن الرجوع فيها.

البعض يختار الطريق الأسهل فى الأداء الأصعب على النفس، وهو طريق الانسحاب.. هذه الشخصيات هي شخصيات كلاسيكية لا تستطيع التأقلم مع الاختلافات الشاسعة بين موروثها الثقافي والاجتماعي والواقع الجديد ولا تجد بداً إلا البحث عن شخص مشابه تماماً لها؛ حتى لا تشعر بظلمة وغربة الاختلاف.

ولكن مثل هذا الخيار صعب على النفس البشرية، والعاطفية منها خصوصاً، حيث تم بناء جسور من العاطفة والحب والتأقلم على شكل حياة معينة وأحاديث وأشخاص تم ربط تتابُع الأيام والأسابيع بهم، وصعب جداً أن تصحو مثل هذه الشخصيات ولا تجدهم في حياتهم، ولكن هذا الخيار هو الأسهل عليهم من أن يتغيروا ويتأقلموا مع الواقع الجديد.

الصنف الآخر من البشر هم من يكون عنصر العاطفة محكوماً عندهم بقليل من العقل، فلا يُغفلون مثل هذه المشاعر التي تكونت على مدار أيام وأسابيع؛ بل وشهور، وأيضاً لا يطلقون لها العنان، فهناك العقل الحارس الأمين لمثل هذه التغيرات.

ينقسم هذا الصنف إلى أشخاص سريعي التأقلم مع الواقع الجديد والذين بدورهم يبدأون في تقديم المزيد من التنازلات لاستمرار هذه العلاقة، على أمل أن يقدّر شريكهم مثل هذه التنازلات ويبدأ في العودة لِما يتناسب مع شخصية شريكه.

والصنف "الأنجح" هو من يقف وقفة جادة وصريحة مع شريكه ويبدأ مناقشة الأخطاء كافة التي قام بها، ويطلب منه توضيحاً لها، ويطرح عليه مبادئه في الحياة، ويطلب من الطرف الآخر طرح أسلوب حياته بشكل صريح أيضاً، ويبدأ كلاهما في التوصل لنقطة التقاء، بحيث لا تنصف أحد الطرفين على الآخر، فالعلاقة في النهاية تشاركية وليست تنافسية.

أشارت أغلب الأبحاث النفسية والاجتماعية إلى أن أخطر مرحلة في العلاقات هي مرحلة الوهم؛ لذلك لا تعطِ الوعود ولا تُقنعْ نفسك بأن حياتك ستستمر مع هذا الشخص إلا بعد مرورك من هذه المرحلة، وحينها يكون اقتناعك أصبح اقتناعاً مطلقاً، وبالتأكيد ستنجح علاقتك.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/khaled-adel/post_15604_b_17698394.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات