الاثنين، 18 سبتمبر 2017

جيمس بوند الألماني مهدَّد بالسجن.. أوقع بعتاة الجريمة 30 عاماً ثم وقع في فخ موظف عادي!

جيمس بوند الألماني مهدَّد بالسجن.. أوقع بعتاة الجريمة 30 عاماً ثم وقع في فخ موظف عادي!

عُرِف في أوساط أجهزة الاستخبارات باسم "المؤسسة إم" أو "الرجل ذي الأصابع التسع"؛ وذلك لفقدانه إحدى أصابع يده اليسرى. وكان سكان قريته يعتقدون أن اسمه "ريتشارد نيلسون"، ولكن موظف البنك الذي يتعامل معه عرفه باسم "كلاوس مولنر". أما كبار الساسة في الحكومة، فكانوا يشيرون إلى عميلهم السري باسم "007".

فيرنر ماوس هو نسخة ألمانيا الحقيقية من شخصية جيمس بوند لمدة 3 عقود على الأقل: عميلٌ محتال يتنقل داخل المملكة السرية بين عالم الجريمة السفلي والوكالات الاستخباراتية، يُوقِع بتجار المخدرات، ويعيد البضائع المسروقة، ويتفاوض مع الإرهابيين، وغالباً ما يغير هويته على متن طائرته الخاصة في الجو، بحسب تقرير لصحيفة "الغاريان" البريطانية.

أما الآن، بعد انتهاء حياته المهنية المليئة بتفادي الرصاصات وقيادة السيارات السريعة، فأوقع خصمٌ عادي للغاية بالرجل البارع البالغ من العمر 77 عاماً؛ هذا العدو كان مُحصِّل الضرائب.

سيمثل ماوس، الإثنين 18 سبتمبر/أيلول، أمام محكمة المقاطعة في مدينة بوخوم؛ لحضور المرافعة الختامية في قضية محاكمته بتهمة التهرب من الضرائب بمبلغ قدره 14 مليون يورو (نحو 16.7 مليون دولار أميركي)، ليمول حياته المليئة بالسيارات السريعة والخيول الأصيلة.

وإن تمكن الادعاء من الفوز بالقضية، فقد يُحكَم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات و3 أشهر بنهاية الأسبوع الجاري.

الثعلب الألماني.. هكذا كان يستدرج ضحاياه

وُلِدَ فيرنر ماوس في عام 1940 بمدينة إسن الألمانية، واكتشف قدرته على كسب ثقة الغرباء في أثناء عمله مندوباً لبيع المكانس الكهربائية. أنشأ وكالة التحقيق الخاصة به في العشرينيات من عمره، وأدارها مع زوجته الأولى؛ للتحقيق أولاً في حوادث الخيانات الزوجية ومحتالي شركات التأمين، ثم انتقل بعد ذلك إلى عالم الجريمة والعصابات.

كان ماوس ينتحل أحياناً شخصية تاجر يهتم بشراء السيارات المسروقة، أو الفراء، أو المجوهرات، ثم يبلّغ الشرطة بمجرد أن يأتمنه اللصوص على تفاصيل السرقة القادمة.

وصرح للصحفي ستيفان لامبي في فيلمٍ وثائقي يعود لعام 1998، بأنَّ طريقته تعتمد على "اقتياد الضحية لمساحاتٍ نفسية مختلفة"، ثم مواجهتها بتحدياتٍ ذهنية تدفعها لكشف أكثر مما كانت تنتوي.

اقترن اسم ماوس تقريباً بكل قضايا الجرائم الكبرى في غرب ألمانيا بين عامي 1970 و 1996. وبحسب سيرته التي كتبها الصحفي ستيفان أوست، ادَّعى ماوس أنَّه دبر وحده عمليات اعتقال أكثر من 162 مهرباً للماس، ولصاً، وتاجر مخدرات، بين يونيو/حزيران 1970 ومايو/أيار 1971.

في عام 1976، ألقى ماوس القبض بنفسه على أحد أفراد الجماعة الإرهابية اليسارية "عصابة الجيش الأحمر"، التي عُرفت في بداياتها باسم "مجموعة بادر ماينهوف"، في محلٍ لبيع الصحف بأثينا في اليونان.

وفي عام 1983، كلفته الحكومة مباشرةً استرداد 41 برميلاً من المخلفات السامة التي كانت قد فُقدت في أثناء النقل، والتي اكتُشف وجودها على الفور في مزرعةٍ بشمال فرنسا.

نحو العالمية

ومع نهاية ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، كان المخبر السري الذي صنع نفسه بنفسه قد أصبح عالمياً، يفاوض حزب الله لتحرير رجال الصناعة المخطوفين بلبنان، ويسافر في رحلاتٍ إلى غابات أميركا الجنوبية للإفراج عن مواطن ألماني محتجَز من قِبل متمردي جيش التحرير الوطني.

أدت المهمة الأخيرة إلى كشف هويته على يد الحكومة الكولومبية، والتي كانت قلقةً حيال ما إذا كان ماوس يتعاون مع الخاطفين للحصول على أموال الفدية. وبعد إرساله إلى السجن لمدة 9 أشهر، برَّأته السلطات من التهم الموجهة إليه عام 1998.

أصبح نمط حياة العميل، المعروف بـ007، زاخراً بملامح الثراء: ساعاتٍ سويسرية، ومعاطف من الفراء، وإقامة بأفخم الفنادق، وسيارات بورش وجاغوار، وطائرة خاصة من طراز "سيسنا 172" تمكنه من السفر مباشرةً لأداء مهامه حول العالم من مدرج الطائرات الخاص به، والموجود داخل حدود ملكيته الموجودة في منطقة هانزروك الجبلية بجنوب غربي ألمانيا، والتي تبلغ مساحتها 40 ألف فدان (نحو 162 كيلومتراً مربعاً).

نمت الملكية المحاطة بسورٍ ضخم، والتي حصل عليها ماوس أواخر ستينيات القرن الماضي، عبر السنوات، لدرجة أنَّ الصحيفة الألمانية المحلية راين تسايتونغ أطلقت عليها اسم "قصر عالم ديزني".

تحتوي الملكية داخل أسوارها على معابد بوذية، وحديقة حيوان خاصة بها حيوانات مختلفة كالأرويّة، والوعل، والشمواه، وطيور الكركي، والطواويس، بالإضافة إلى أكبر صالة ركوب خيل خاصة في ألمانيا كلها.

يعتقد المدعي العام في ألمانيا أنَّ ماوس موَّل حياته الباهظة عبر اثنين من الحسابات الخارجية في لوكسمبورغ وجزر الباهاما ببنك "يو بي إس" السويسري، وتجنَّب في أثناء ذلك دفع ضريبة على أصل رأس المال، بلغت أكثر من 50 مليون دولار بين عامي 2002 و2012 فقط.

وقال أحد مديري البنك في التحقيقات، إنَّ ماوس كان يسافر بانتظام إلى لوكسمبورغ؛ لسحب المال من حسابه، "نحو 300 ألف يورو (نحو 360 ألف دولار أميركي) كل شهر".

هكذا وقع في الفخ


حصل مكتب الضرائب في ألمانيا على معلوماتٍ بشأن نشاط ماوس الخارجي، بعد شراء بيانات البنك السويسري المسربة عام 2012. وفي العام الماضي، اكتشفت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ اليومية واحداً من أسماء العميل السري المستعارة بعد تسريب وثائق بنما عام 2016، ونشرت التحقيق.

يدَّعي ماوس أنَّه لم يكن مضطراً إلى دفع ضرائب على أمواله في حساباته بالبنك السويسري؛ لأنَّها أتت من صندوق ائتماني أُسِّسَ بواسطة وكالات استخباراتية غربية لدعم "حربه السرية على الجريمة والإرهاب".

أصر العميل، البالغ من العمر 77 عاماً، على أنَّه ما زال يمارس نشاطاته الاستخباراتية حتى اليوم، على الرغم من الكشف عن هويته عام 1996.

ولم يذكر ماوس قيامه بعملياتٍ في العراق، وإسرائيل، وميانمار، وتايلاند فحسب، ولكنَّه زعم أيضاً أنه يشترك حالياً في "الحرب على داعش".

وأخبر ماوس محققيه بأنَّ الصندوق الائتماني قد مكَّنه في عام 2011 من إنقاذ البابا بنديكتوس السادس عشر من محاولة تسميمه على يد مافيا المخدرات الصقلية-الكولومبية، وذلك بفضل معلوماتٍ سرية حصل عليها من المخابرات الصينية.

لم يظهر قط شهود العيان الذين وعد ماوس أنَّهم سيؤكدون روايته للأحداث. وتبين أنَّ أحدهم كان نائباً في وكالة الشرطة الفيدرالية وتُوفِيَ منذ أكثر من 5 سنوات.

لم يتمكن العميل السري من التفسير للمدّعي العام لماذا أنشأت الوكالات الاستخباراتية الأجنبية صندوقاً ائتمانياً، ينص نظامه على ضخ الأموال الموجودة فيه لصالح إنشاء "متحف فيرنر ماوس" بعد وفاته. وقال المدعي العام تيمو دورفر، إنَّ دفاع ماوس "انساب بين أصابعه كالرمال".


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/09/18/story_n_18030638.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات