"الحرب على الإسلام" هكذا تتردد أصداء تلك العبارة شرقاً وغرباً، بسبب أو بدون، مما يدفعنا إلى التساؤل حول حقيقة تلك الحرب المزعومة وحدودها وإمكاناتها.
إن هناك اعتقاداً خاطئاً لدينا جميعاً نعتقد فيه أنه في حال كنا في موقف أو وضع سيئ، فإننا سنفعل المستحيل من أجل الخروج منه. وواقع الأمر أننا جميعاً نسقط فيما يسمى بـ"العجز المكتسب" وهو حالة من الاستسلام وقبول أي موقف أو وضع نكون فيه إذا ما شعرنا أننا غير متحكمين في مصيرنا.
وذلك هو حال الأمة الإسلامية! ولعل ذلك يعود بالأساس إلى فهم خاطئ عن التسليم لقدر الله.
فالمسلم وإن كان موقفه النظري الـ"ما قبلي" هو التسليم بقدر الله، فإن الأمر لا يجب ولا ينبغي أن يتوقف عند ذلك الحد، وإلا أصبح الإسلام أقرب إلى الدين المجرد أو أقرب إلى الروح المسيحية، فهناك موقف ما بعدي أو عملي يتبعه، فبعد التسليم بقدر الله تعالى، هناك مفهوم الجهاد وهو المفهوم الذي ينفرد به الإسلام ويعد من أهم خصائصه، والذي يعني مقاومة الظروف وعدم الاستسلام لها، دون التعلق بالنتيجة ودون السقوط في العدمية والإحباط والتشاؤم.
ولعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد فهم الإسلام كما ينبغي، فاختار بداية تقويم المسلمين منذ عام الهجرة! ولم يختَر ميلاد الرسول ولا بداية نزول الوحي، إنما اختار ما يتفق وروح الإسلام، وهو الفعل، والتحرك، والعمل، فكان أن وقع اختياره على عام الهجرة كبداية حقيقية للإسلام، بداية في الواقع المتعين عندما حمل الرسالة رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وهناك ارتباط شرطي بين الهجرة والجهاد وذلك له دلالة معرفية بالغة الأهمية، ففي سورة النساء عندما عاتب الملائكة من سماهم "الظالمين لأنفسهم" وقالوا لهم: {فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا. فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} جاءت هذه الآيات بعدما أقر القرآن بفضل المجاهدين على القاعدين "لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ. فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً. وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً. وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً".
ثم كان هناك الاستثناء للمستضعفين فعلياً، والذين لا يملكون من أمرهم شيئاً فلا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، وأولئك يردون إلى الله ليحكم عليهم فهو يعلم السر وأخفى عسى أن يعفو عنهم.
إن السقوط في حالة العجز المكتسب لها أسبابه، فاستمرار الأوضاع السيئة والسلبية فترةً طويلة يؤدي لتملك مشاعر اليأس والفشل والإحباط فنستسلم ونعتقد أن ذلك هو قدرنا وهذا هو مصيرنا.
وذلك ينبع من خلل فكري أصاب العقلية المسلمة، أولها هو تلك الحالة الرومانسية المسيطرة على العقل المسلم فتؤدي لسرعة إحباطه؛ لأنه لا يتعامل مع الظاهرة الإنسانية والاجتماعية بكل تعقيداتها وتركيباتها وواقعيتها، إنما من خلال مقولات "يوتوبية" أي خيالية وأسطورية.
أما الأمر الآخر الذي يؤدي للسقوط في العجز المكتسب، فهو التركيز على القضايا الضخمة الصعبة والمستحيلة عوضاً عن التركيز على القضايا التي في مقدور واستطاعة الإنسان المسلم، في حين أن الانتصارات الصغيرة هي السبيل الوحيد للخروج من حالة العجز، وأن المعركة الأساسية هي معركة على النفس وبداخلها قبل أن تكون مع الآخرين.
إن المسلمين في غزواتهم لمجرد أنهم كانوا يلتزمون بتعاليم الإسلام في أنفسهم استطاعوا أن يرهبوا أعداءهم! فاعتبروا أن تأدية المسلمين لصلاة الفجر كانت تدريبات عسكرية!
أمر آخر أنه لا يوجد لدينا ثقافة الفشل والتعلم منه، فنحن نعتبر الفشل والسقوط في الخطأ وصمة عار، في حين أن الإخفاق والفشل هو الطريق الوحيد للحصول على ما نرغبه حقاً! وذلك عائد للمشكلات الأولى التي ذكرناها إنها جميعاً تترابط فيما بينها لتحدث ذلك الأثر المدمر على عقلية المسلم وحياته.
إن كل ذلك أصاب العقل المسلم بالغرور، ذلك الغرور الذي يمنعه من السعي الحقيقي فيخلق ظروفاً للفشل لحماية غروره! فدائماً ما يوجد "حرب على الإسلام"، فعندما تكون هناك مهمة أو التزام صعب يصبح تضخيم الميول الطبيعية وتحويلها لأمور غير قابلة للسيطرة هو السبيل الوحيد لتدبير أعذار استباقية من أجل تبرير الفشل لاحقاً! فإذا فشلت الأمة فلأن هناك "حرباً على الإسلام"! وإذا ما نجحت الأمة فقد نجحنا برغم "الحرب على الإسلام"! والمدهش في الأمر أن أغلب من يستخدمون تلك الحيلة الدفاعية لا يمثلون الإسلام على حقيقته في التحليل الأخير!
إن أسلوب "إعاقة الذات" هو تطرف يصيب الإنسان عندما يخاف من الفشل ويصيبه ما يسميه علماء النفس "متلازمة الاحتيال"، وللأسف فإن ذلك مع الوقت يؤدي للتخطيط للفشل فعلياً؛ لأنه يصبح طبعاً في الإنسان، ولعل مفهوم "الحرب على الإسلام" أصبح أسطورة بل صنماً أو سردية كبرى بني على أساسها الكثير من المفاهيم والقيم والمعتقدات؛ لذلك أصبح من المستحيل عملياً تجاوزها فيجد الإنسان المسلم نفسه يخطط للفشل دون وعي منه حفاظاً على تلك السردية العظيمة كي لا تسقط وتنهار، وينهار معها الكثير من المفاهيم والمنظومات القيمية والمعتقدات الراسخة!
إننا لا ننكر أن هناك هجوماً على الإسلام أياً كانت أسبابه أو مبرراته أو منابعه، ولكنه جزء من التدافع أو الصراع الطبيعي، أما تحويله إلى سردية ضخمة وتتحول إلى سيناريو تآمري ويصبح معه الطرف الآخر بأكمله مجموعة مخربة وهدامة دائماً وأبداً، تتآمر بطبيعتها ضد كل ما هو خير ونبيل وتلك هي طبيعتهم، وهم مسؤولون عن كل شرور العالم ولديهم مخطط جبار وضعته عقولهم الجبارة لإفساد النفوس وخطف العقول وإفشال الدول، وهم أصحاب قوة خارقة يحركون الأشخاص والأحداث والدول لما فيه مصلحتهم!
فإن مشكلة هذا الخطاب أنه يضيف قوة خارقة للطرف الآخر، مما يؤدي للسقوط في عجز مواجهته والخوف منه وتحميله كافة الأخطاء والفشل وسوء الإدارة والتخطيط، ويفقدنا هذا الخطاب إمكانية رؤية الواقع بكل أبعاده، وبالتالي عدم فهمه بشكل سليم، مما يؤدي لمزيد من الفشل والتخبط.
إن مشكلة هذه الأمة الحقيقية ليست في الاستعمار إنما في قابليتها للاستعمار على حد تعبير مالك بن نبي، ومشكلتها ليست في أعدائها إنما في جهل أبنائها وعجز علمائها، على حد تعبير عبد القادر عودة، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة (أي مجاعة عامة) فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها".
والواقع خير مثال على حال الأمة الإسلامية؛ على مَن أصبحوا أشداء على المؤمنين، رحماء على الكافرين، تراهم ركَعاً سجوداً لأعدائهم! إن البداية الحقيقية كي تقوم هذه الأمة من كبوتها هي التخلي عن تلك السرديات الكبرى التي تعد أفيوناً مخدراً ومثبطاً، وأن تدرك أن الخطر إنما يكمن من داخلها، وأن العيب إنما يكمن فيها، ولا بدَّ من التخلص منه، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. والله أعلم.
إن هناك اعتقاداً خاطئاً لدينا جميعاً نعتقد فيه أنه في حال كنا في موقف أو وضع سيئ، فإننا سنفعل المستحيل من أجل الخروج منه. وواقع الأمر أننا جميعاً نسقط فيما يسمى بـ"العجز المكتسب" وهو حالة من الاستسلام وقبول أي موقف أو وضع نكون فيه إذا ما شعرنا أننا غير متحكمين في مصيرنا.
وذلك هو حال الأمة الإسلامية! ولعل ذلك يعود بالأساس إلى فهم خاطئ عن التسليم لقدر الله.
إن قدر شيء ما ليس قضاء ثابتاً متحجراً يفعل فعله من الخارج، بل هو المدى الداخلي لشيء ما ومجمل إمكانياته القابلة للتحقق. - محمد إقبال.
فالمسلم وإن كان موقفه النظري الـ"ما قبلي" هو التسليم بقدر الله، فإن الأمر لا يجب ولا ينبغي أن يتوقف عند ذلك الحد، وإلا أصبح الإسلام أقرب إلى الدين المجرد أو أقرب إلى الروح المسيحية، فهناك موقف ما بعدي أو عملي يتبعه، فبعد التسليم بقدر الله تعالى، هناك مفهوم الجهاد وهو المفهوم الذي ينفرد به الإسلام ويعد من أهم خصائصه، والذي يعني مقاومة الظروف وعدم الاستسلام لها، دون التعلق بالنتيجة ودون السقوط في العدمية والإحباط والتشاؤم.
ولعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد فهم الإسلام كما ينبغي، فاختار بداية تقويم المسلمين منذ عام الهجرة! ولم يختَر ميلاد الرسول ولا بداية نزول الوحي، إنما اختار ما يتفق وروح الإسلام، وهو الفعل، والتحرك، والعمل، فكان أن وقع اختياره على عام الهجرة كبداية حقيقية للإسلام، بداية في الواقع المتعين عندما حمل الرسالة رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وهناك ارتباط شرطي بين الهجرة والجهاد وذلك له دلالة معرفية بالغة الأهمية، ففي سورة النساء عندما عاتب الملائكة من سماهم "الظالمين لأنفسهم" وقالوا لهم: {فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا. فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} جاءت هذه الآيات بعدما أقر القرآن بفضل المجاهدين على القاعدين "لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ. فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً. وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً. وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً".
ثم كان هناك الاستثناء للمستضعفين فعلياً، والذين لا يملكون من أمرهم شيئاً فلا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، وأولئك يردون إلى الله ليحكم عليهم فهو يعلم السر وأخفى عسى أن يعفو عنهم.
إن السقوط في حالة العجز المكتسب لها أسبابه، فاستمرار الأوضاع السيئة والسلبية فترةً طويلة يؤدي لتملك مشاعر اليأس والفشل والإحباط فنستسلم ونعتقد أن ذلك هو قدرنا وهذا هو مصيرنا.
وذلك ينبع من خلل فكري أصاب العقلية المسلمة، أولها هو تلك الحالة الرومانسية المسيطرة على العقل المسلم فتؤدي لسرعة إحباطه؛ لأنه لا يتعامل مع الظاهرة الإنسانية والاجتماعية بكل تعقيداتها وتركيباتها وواقعيتها، إنما من خلال مقولات "يوتوبية" أي خيالية وأسطورية.
أما الأمر الآخر الذي يؤدي للسقوط في العجز المكتسب، فهو التركيز على القضايا الضخمة الصعبة والمستحيلة عوضاً عن التركيز على القضايا التي في مقدور واستطاعة الإنسان المسلم، في حين أن الانتصارات الصغيرة هي السبيل الوحيد للخروج من حالة العجز، وأن المعركة الأساسية هي معركة على النفس وبداخلها قبل أن تكون مع الآخرين.
إن المسلمين في غزواتهم لمجرد أنهم كانوا يلتزمون بتعاليم الإسلام في أنفسهم استطاعوا أن يرهبوا أعداءهم! فاعتبروا أن تأدية المسلمين لصلاة الفجر كانت تدريبات عسكرية!
أمر آخر أنه لا يوجد لدينا ثقافة الفشل والتعلم منه، فنحن نعتبر الفشل والسقوط في الخطأ وصمة عار، في حين أن الإخفاق والفشل هو الطريق الوحيد للحصول على ما نرغبه حقاً! وذلك عائد للمشكلات الأولى التي ذكرناها إنها جميعاً تترابط فيما بينها لتحدث ذلك الأثر المدمر على عقلية المسلم وحياته.
إن كل ذلك أصاب العقل المسلم بالغرور، ذلك الغرور الذي يمنعه من السعي الحقيقي فيخلق ظروفاً للفشل لحماية غروره! فدائماً ما يوجد "حرب على الإسلام"، فعندما تكون هناك مهمة أو التزام صعب يصبح تضخيم الميول الطبيعية وتحويلها لأمور غير قابلة للسيطرة هو السبيل الوحيد لتدبير أعذار استباقية من أجل تبرير الفشل لاحقاً! فإذا فشلت الأمة فلأن هناك "حرباً على الإسلام"! وإذا ما نجحت الأمة فقد نجحنا برغم "الحرب على الإسلام"! والمدهش في الأمر أن أغلب من يستخدمون تلك الحيلة الدفاعية لا يمثلون الإسلام على حقيقته في التحليل الأخير!
إن أسلوب "إعاقة الذات" هو تطرف يصيب الإنسان عندما يخاف من الفشل ويصيبه ما يسميه علماء النفس "متلازمة الاحتيال"، وللأسف فإن ذلك مع الوقت يؤدي للتخطيط للفشل فعلياً؛ لأنه يصبح طبعاً في الإنسان، ولعل مفهوم "الحرب على الإسلام" أصبح أسطورة بل صنماً أو سردية كبرى بني على أساسها الكثير من المفاهيم والقيم والمعتقدات؛ لذلك أصبح من المستحيل عملياً تجاوزها فيجد الإنسان المسلم نفسه يخطط للفشل دون وعي منه حفاظاً على تلك السردية العظيمة كي لا تسقط وتنهار، وينهار معها الكثير من المفاهيم والمنظومات القيمية والمعتقدات الراسخة!
إننا لا ننكر أن هناك هجوماً على الإسلام أياً كانت أسبابه أو مبرراته أو منابعه، ولكنه جزء من التدافع أو الصراع الطبيعي، أما تحويله إلى سردية ضخمة وتتحول إلى سيناريو تآمري ويصبح معه الطرف الآخر بأكمله مجموعة مخربة وهدامة دائماً وأبداً، تتآمر بطبيعتها ضد كل ما هو خير ونبيل وتلك هي طبيعتهم، وهم مسؤولون عن كل شرور العالم ولديهم مخطط جبار وضعته عقولهم الجبارة لإفساد النفوس وخطف العقول وإفشال الدول، وهم أصحاب قوة خارقة يحركون الأشخاص والأحداث والدول لما فيه مصلحتهم!
فإن مشكلة هذا الخطاب أنه يضيف قوة خارقة للطرف الآخر، مما يؤدي للسقوط في عجز مواجهته والخوف منه وتحميله كافة الأخطاء والفشل وسوء الإدارة والتخطيط، ويفقدنا هذا الخطاب إمكانية رؤية الواقع بكل أبعاده، وبالتالي عدم فهمه بشكل سليم، مما يؤدي لمزيد من الفشل والتخبط.
إن مشكلة هذه الأمة الحقيقية ليست في الاستعمار إنما في قابليتها للاستعمار على حد تعبير مالك بن نبي، ومشكلتها ليست في أعدائها إنما في جهل أبنائها وعجز علمائها، على حد تعبير عبد القادر عودة، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة (أي مجاعة عامة) فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها".
والواقع خير مثال على حال الأمة الإسلامية؛ على مَن أصبحوا أشداء على المؤمنين، رحماء على الكافرين، تراهم ركَعاً سجوداً لأعدائهم! إن البداية الحقيقية كي تقوم هذه الأمة من كبوتها هي التخلي عن تلك السرديات الكبرى التي تعد أفيوناً مخدراً ومثبطاً، وأن تدرك أن الخطر إنما يكمن من داخلها، وأن العيب إنما يكمن فيها، ولا بدَّ من التخلص منه، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. والله أعلم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/jalal-alsawi/-_13103_b_17830370.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات