الاثنين، 18 سبتمبر 2017

اكتشف موهبتك وجوهرتك المكنونة داخلك

اكتشف موهبتك وجوهرتك المكنونة داخلك

في كثير من الأحيان نواجِه سؤالاً لا بُدّ مِنه في العديد من المواقف الاجتماعية، وتجد البعض يسألك: تُرى ماذا تكون هوايتك؟ أو ما هي موهِبتك؟ ربما يكون هذا السؤال مُحبباً لدى العديد من الأشخاص؛ كي يتحدثوا من خلاله عن مِنحهم وإنجازاتهم، لكنه فى الحقيقة مؤلم للكثيرين، فبالطبع كل إنسان منّا يحلُم أن يكون على دراية كاملة بمعالِم شخصيته، بعيوبه ومزاياه، بما يُسعده وما يؤلمه، بنقاط قوتِه ونقاط ضعفه كذلك، بهواياته ومواهبه،

يتمنى أن يعرف ذاته ويفهمها أكثر من أي شيء آخر، لكن هذا السؤال دائماً هو ربما العائق الوحيد أمام من لم يكتشفوا مواهبهم وهواياتهم بَعد، وبالطبع هناك فارقِ بين كل من الهواية والموهبة؛ فالهواية هي ذلك الشيء الذي تهواه نفسك، وتَميل إلى فعله، وشَغوفة بالاطلاع على كل ما يتعلق به، كالشغف بجمع الطوابع وجمع عملات من حول العالم، وهواية الاحتفاظ بالأشياء القديمة والأثرية وغيرها الكثير من الأشياء التي يفضل الكثيرون الاحتفاظ بها، والقيام بها تحت مُسمى الهواية والشغَف، لكن الموهبة يا عزيزي هي المنحة التي تُخلق بها دون مجهود منك، كالذين خُلقوا بأصوات عذبَة سجيّة، والذين خُلقوا بمهارات يصعُب على الكثيرين القيام بها، كمهارة الحِفظ والتذكارِ، وموهبة الابتكار والاختراع، والعديد من المواهب التي يمنحها الله لخلقِه، والقُدرات الفائقة التي تُميز كلاً منّا عن الآخر، ولكن هل حقاً هناك أشخاص وُلدوا بِلا مواهب ولا مِنح ربّانية؟

الإجابة هي أن الله خَلقنا جميعاً بداخِل كل منّا شيء مُميز وجوهر جميل، لكن ما علينا فعله نحن هو أن نقوم بالبحث عن هذه الجوهرة الرائعة بداخلنا، وأن نقوم بتجربة كل شيء حتى نعرِف حقاً أين تكمُن نقطة القوة لدينا، وأن نعرف ما الذي يُميزنا عن غيرنا، ما الشيء الذي باستطاعتِك فعله بينما الآخرون يُمكن أن يجدوا صعوبة في فعله، لكن الأمر ليس حِكراً بل هو الفارق الذي جَعل من ألبرت أينشتاين عالِماً، ومن بابلو بيكاسو فنّاناً، وهو الذي جَعل من أمّ كلثوم كوكَبة للشرِق لم يُكتشف مِثلها بَعد، ومن القُراء العُظماء الذين يمتّعون أذانِنا بِتلاوة القرآن كَالشيخ عبد الباسط وغيره، منها أيضاً ما جَعل الإمام الشعراوي من أفضل مُفسري القرآن؛ حيث طريقَته تجعلك مُنصتاً مُتفهماً لكل ما يقوله، ومُستمتعاً بموهبته التي منحها الله له فى تفسير القرآن للآخرين، وغيرهم الكثيرون مَن ميز الله كلاً منهم بسمة خاصة، وقُدرات خاصة أفادت البشرية بشكل أو بآخر.

لذلك فالله خَلقنا جميعاً بمِنح رائعة، لكن علينا نحن أن نكتشفها ونبذِل جهودنا بحثاً عنها، وذلك يحدُث بالتجربة، عليك أن تُجرب كل شيء تريده، وكل ما أحبّه قلبك، فمثلاً إذا صادفت رسمة أبهرتك لمَ لا تُحاول تجربة القيام برسمِها، شاهدت من يعزف أو يبتكر أو يُفنّن حاول أن تفعل ما يفعله، وأن يكون بداخِلك الشغَف لفعلِه حتى تستطيع أن تضع يديك على بداية الطريق، وأن تكتشف بَعد نقطة قوتَك وجوهرتك الداخلية التي تُميزك.

منذ فترة ليست بالقصيرة بدأت أفكر هل يُمكن أن يكون هناك علاقة بين الهواية والموهبة، وجدت أن الهواية هي من تولد الموهبة، فإذا نظرنا إلى تِلك المسألة نَجد أن شغفك سيجعلُك تقوم بمحاولة فعل شيء يهواه قلبَك، فيتحول الشغف إلى هواية وعادَة يميل إليها هواكَ، ويستمتع بفعلها ثم تندرج الخطوات إلى أن تصبِح موهوباً بها، وهُنا استطعت أن تجتَاز مُعادلة البحث عن جوهرتك المكنونة، فهل تظُن -عزيزي القاريء- أن كتابتي لهذه الكلمات الآن كانت منذ فترة بعيدة الحقيقة هي، لا بل إنني وجدت فى الكتابة مَيلاً لهواي، وشعرت بأنه يُمكنني أن أكتب وأعبّر، فلِمَ لا أجرب مثل هذه التجربة المُمتعة والمفيدة؟!

وجدت أن هناك قوة بداخلي تُنادي بأن مهارة الكتابة لديّ يمكن أن تصبِح مهارة مُتميزة وموهِبة جديدة أضعها فى جَدول إنجازاتي، لكن بالرُغم من ذلك فالأمر يحتاج مِنك إلى الممارسة الصبر والشغَف، فلم أكتشف هذه المهارة ونقطة القوة هذه إلا منذ وقتِ قصير، لكن ما جعلني أكتشفها في الأساسِ هو مَيل هواي وشغفي بالكتابة والتعبير، كذلك أنت ابحَث دائماً عن جوهرتك، ولا تتوقف، جرِب كل شيء ولا تخَف، ولا تأبَه للفشل ولا الخسارة، فإنك حَتماً ستشعُر بجمالِ وروعة الخوضِ في التجربة حتى لو لم تصِل بعد إلى نقطة قوتك.

عليك أن تضِع نقاطاً تسير عليها أن تبحث عما يهواه قلبك وتحبّه نفسك، ثم تبدأ بالتجربة فربما ستُبهرك النتائج بأن تصبح رائِداً في نقطة قوتك يوماً ما، فَهل تظن أن بيكاسو كان على دراية يوماً بأنه سَيصبح أشهر رسّاماً؟ وهل أينشتاين كان يتخيل أن يصبح أشهر عالم فيزياء؟ أو أن الإمام الشعراوي يصبح أفضل مُفسري القرآن على مَر العُصور؟ بالطبع لا، فُكل منهم صوّب فِكره نحو شغفِه، وهذا ما أدّى بهم إلى أنهم قاموا باكتشاف جوهَرتهم المكنونة، ونقطة قواهُم التي خَلقهم الله بها، والتي ميّزتهم عن الكثيرين مِمن حولهم، كذلك أنتَ لا تنتظر أكثر، لا تظَل واقفاً تشاهد فقط الآخرين، وتنبَهر بجَمالِ مواهِبهم وهواياتهم وجواهرهم التي اكتشفوها، بل عليك أن تسعى أيضاً لتكتشِف ما تكمُنه ذاتَك من نِعم ومِنح وعطايا رائعة، فإن كنت تُحب الرسم فلربما تَصبح يوماً أفضل من بيكاسو إن كنت تهوى القراءة أو الكتابة أو العزف،

فلربما تصبح يوماً شيئاً نافعاً مميزاً في أحد مجالاتها، فالمواهب كذلك لا تنحَصر فقط في تلك الأشياء المذكورة، لكن هناك العديد من القُدرات البشرية التي يقوم بها الآخرون تجعل مِنهم أبطالاً للعالم، هناك لاعب كرة القدم والمُخترع والعازِف، هناك من لديها مهارات يدويّة رائعة كالنسيج والتطريز، والكثير من المواهب التي لا تُعد ولا تُحصى التي بالكاد تحمِل ذاتك واحدة منها أو ربما أكثَر؛ لذلك أنت تملك مهارات رائعة ومواهب جَميلة، لكن كل ما عليك فعله هو السّعي حتى تكتشِفها وتبدُع فيها؛ لذلك اتبع شغفَك وما يميل إليه هواك وستجِد أنك يوماً حصلت أخيراً على طريق للوصولِ إلى جوهرتك المكنونة داخلك، جوهرتك التي تُميزك وتحبِبك في الحياة، وتزيد ثقتَك بنفسك، فعليك أن تؤمن جيداً بأن الهواية تولد الموهبة،

مهما كانت هذه الموهبة، فربما بإمكانَك اكتسابها يوماً ما بالمُمارسة والسعي والصبر؛ لذا هاوِد شغفك لتحصُل على نقطة القوة داخِلك، ولا تَخَف من الطريق بل استمتع بكل لحظة في رحلتك، رحلة الخوضِ والتجربة، وسَتجد أنك تُحدّث الآخرين يوماً عن مُتعة البحث عن الجواهر المكنونَة داخلهم، وكم أن الرحلة رُغم صُعوبتها وحيرتها فإنها حقاً تستحِق المُجازفة.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/shrouk-abdullah-hussein/post_15929_b_18024826.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات