الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

إنسان... موظفٌ ناجحٌ عند الله

إنسان... موظفٌ ناجحٌ عند الله

في سعيها للنجاح تسعى المؤسسات إلى أن تشرح لموظفيها الجدد رؤية المؤسسة وأهدافها؛ ليتمكن الموظف من تحقيق هذه الرؤية والأهداف عن طريق تنفيذ التوصيف الوظيفي له.

ويحرص الموظف الذي يريد أن يحصل على تقييم عالٍ على أن يوظف مهامّه الوظيفية لتحقق رؤية المؤسسة.


ليست وحدها المؤسسات التجارية من تقوم بذلك، فالجامعات والمؤسسات التعليمية تشرح رؤيتها ليس فقط لمحاضريها وإنما للطلبة الملتحقين بها، وبذلك يمكن للطلبة أن يعرفوا كيف يحصّلون موادهم لتفيد في الأهداف المرجوة من تخرجهم.


من البديهي أن الله خالق الكون والإنسان أراد بخلق الإنسان غاية، بتحقيق الإنسان غاية الله من خلقه، ينال رضا الله عنه، والسؤال هنا: ما هي الغاية من خلق الإنسان؟! هل غاية الله من خلق الإنسان هي عبادة الله؟

يقول الله -عز وجل- مخاطباً الملائكة: "قال إني جاعل في الأرض خليفة"؛ ليوضح لهم أن الإنسان سيخلق لغاية غير الغاية من خلقهم، فهو لن يخلق مثلاً ليجبل على الصلاة بمعناها النصّي -على عِظَم قدرها- والتي هي جبلة الملائكة، وإنما سيخلق ليستخلف في الأرض، أي: ليستعمرها.

ووضع الله الخالق التوصيف الوظيفي للإنسان، أي المهام التي تحقق الغاية من خلقه، عندما قال: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، وهذه الآية بالضرورة تقتضي أن يكون مفهوم العبادة واسعاً؛ ليشمل كل مناحي الحياة وإلا استحال استعمار الأرض.

وتأكيداً على هذا المفهوم الواسع للعبادة قال صاحب الملكوت ومنظومة الخلق: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"، إذاً الغاية من خلق الإنسان هي الاستخلاف في الأرض، ووسيلة تحقيق هذه الغاية هي في التوصيف الوظيفي للإنسان، الذي هو العبادة بمفهومها الشامل.

تتضح ضرورة فهم الغاية التي من أجلها خلق الله الإنسان، ليتمكن الإنسان من القيام بمهامّ وظيفته -أي العبادة- على الوجه الذي يحقق هذه الغاية.
لمَ كل هذه الفلسفة في موضوع الغاية من الخلق والوسيلة ما دام كلنا يعرف أن المطلوب منه عبادة الله؟ نعم العبادة هي المطلوبة -أي هي التوصيف الوظيفي- لكن هل كل العبادات متساوية؟ قطعاً لا، ونعرف نحن هذا في العبادات التي جاءت فيها نصوص.

الفروض من العبادات المنصوص عليها يجب على الإنسان القيام بها وليس فيها اجتهاد، وهي غالباً ما تدخل في علاقة الإنسان بربه.

فهي مصدر الزاد الروحي الذي يساعد الإنسان على القيام بمهامّ الاستخلاف في الأرض واستعمارها.
فماذا عن العبادات غير المنصوص عليها؟ كيف نفاضل بينها؟ نحتاج إلى ميزان نقيس عليه، وهذا الميزان هو تحقيق هذه العبادة للغاية من خلق الإنسان. فمثلاً لو خير اقتصادي قرر أن يطعم عدداً من الفقراء مرة أو أن يذهب إلى مسؤول ليقترح عليه حلاً لمشكلة الفقر لكانت الثانية أولى في تحقيق الاستخلاف والاستعمار.

وباستعمال نفس الميزان -وهو تحقيق العبادة للغاية وهي الاستخلاف- نفهم لمَ تتميز أعمال البر التي يتعدى نفعها للناس عن الاعتكاف في المسجد، ونفهم أيضاً عِظَم الصدقات الجارية.

والنقطة المهمة هنا هي أنه لو لم يحسن الإنسان فهم هذا الميزان واستعماله لقام بعبادات قد تبدو عالية المكانة، إلا أنها ليست واجبة الوقت والموقف، ولقصر عن عبادات أخرى قد تكون هي واجبة الوقت والموقف، وفي هذا تقصير شديد في العبادة.


فهم الغاية أو الهدف من خلق الإنسان (الاستخلاف) يساعدنا على سلامة الأداء الوظيفي (العبادة)، بما يحقق مراد مالك المؤسسة الخالق -عز وجل- من خلقنا.
هكذا يحقق الإنسان (الموظف) مراد الخالق (المالك) ويفوز بالرضا.





ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/ahmed-maher-ali/post_15947_b_18044342.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات