السبت، 30 سبتمبر 2017

"بن سلمان" بين قيادة الرجال للأمم والمرأة للسيارات

"بن سلمان" بين قيادة الرجال للأمم والمرأة للسيارات

مساء الثلاثاء الماضي، تم تقديم موعد اتخاذ أخطر القرارات في السعودية من فجر ليلتي الإثنين والثلاثاء إلى ساعات المساء؛ ظناً من الملك ونجله ومستشاروهما أن القرار الأخير لا يحتاج إلى مزيد من الحيطة باتخاذه والناس نيام!

منذ عرفتْ المملكةُ خطو الأمير الصغير السن المعدوم الخبرة؛ اللامحدود الآمال ولا القدرة على خيانة أمته وشعبه بعد دينه، منذ أن عرفتْ المملكة "محمد بن سلمان"، النسخة الثالثة من "محمد بن زايد"، ولي عهد أبوظبي، و"عبد الفتاح السيسي" قائد انقلاب مصر، والثلاثة نموذج للإجرام في حق الأمة ومحاولة النيل منها في سبيل المصلحة الخاصة، ولو جاءت بالارتماء في أحضان العدو، منذ عرفتْ المملكة "بن سلمان" وابتُليتْ بذكائه المحدود وببذله الغالي والنفيس ليرضى عنه العدو؛ رغبة منه في أن يسير في منظومة الحكام الأشد فجراً وخصومة لشرفاء الأمة ومخلصيها.

منذ عرفت المملكة والأمة "بن سلمان" صارتا تنامان على قلق؛ وتستيقظان لتتحسسا الأخبار انتظاراً لقرارات جديدة في منظومة استيلائه على السلطة في المملكة ، مؤذناً بنهاية حكم جده وأبيه وأعمامه لها.. ولو بعد حين.

في فجر الإثنين 5 يونيو/حزيران الماضي، استيقظت الأمة على خبر تحالف "بن سلمان" مع قرينيه "بن زايد" و"السيسي"، بالإضافة إلى حاكم البحرين، ضد قطر، وكان الأمر خطوة نحو دفع الأمير الصغير السن الحقير الهمة فاتورة تبعيته للعدو، وبعد أيام من أول زيارة خارجية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

وفي فجر الثلاثاء 22 من يونيو/حزيران الماضي، طرق "بن سلمان" على الحديد وهو أكثر من ساخن؛ بل يكاد يكون مصهوراً، فالجميع مشغول بحصار قطر وتبعاته وما يحتمل أن يؤول الأمر إليه ومخاوف الغزو العسكري، وما يعنيه تفاقم خلاف أحباب الأمس المُتعاونين معاً، عندها أعلن "سلمان" تنحية "بن نايف" نجل أخيه الراحل وتولية ابنه العهد؛ ومن ثم إلغاء منصب ولي ولي العهد.

وفي اليوم التالي، قال ترامب في تجمّع لمناصريه بـ"سيدار رابيدز" في ولاية "إيوا"، إنه ذهب إلى الخليج فأخذ أموالهم وتركهم يتحاربون ويتناحرون، وأضاف: "وأنا مؤمن بأن لنا أثراً وتأثيراً ضخماً في هذا الأمر".

ولم يتأخر قرار آخر من قرارات الملك؛ بالتمكين لابنه الشاب المتهور للمرة الأولى في تاريخ حكم "آل سعود" الجبري الملكي، وربما الأخيرة على الأقل وفقاً للمرسوم الذي عَينَ به "سلمان" ابنه؛ إذ قضى بألّا يتكرر الأمر.. وهو المرسوم القابل للتعديل بوجه عام عند توافر الرغبة الممائلة لملك جديد قد يكون "بن سلمان" نفسه لتولية ابنه.. هذا إن طال العهد به وتم الأمر له.

ومسيرة القرارات تتصل.. إما وصولاً إلى تولي الأمير الطائش في حياة أبيه أو انقضاء عمره، ليواصل الابن القرارات التي تُنفذ أجندة غربية بجدارة، فالقرار الأخير يساوي داخلياً أن الأمير الصغير قادر على إباحة ما حرَّمه غيره طوال عمر المملكة؛ ومن ثم فإن لديه المزيد من العجائب!

حتى لو بدا أحدها صائباً على الإطلاق، إلا أن إطلاقه في وقت معين يثير ما هو أكثر من الشك والريبة، فقرار فجر الثلاثاء الأخير يضرب في العمق ما هو متعارف عليه في المملكة من حرمة قيادة المرأة للسيارات، وتلك الحرمة علَّلها علماء دين سعوديون عشرات السنوات بما تسببه قيادة السعوديات من اختلاط زائد بالرجال، وإمكانية حدوث حوادث وازدياد الفتن والمُنكرات، وكأن الأخيرة يوقفها قيادة المرأة لا التربية الدينية لدى الرجل والمرأة معاً، ومن علماء الدين مَنْ تفنن في القول فذهب بعيداً، قائلاً إن قيادة المرأة للسيارة ترفع حوضها إلى أعلى بما يغير من خلق الله فيها.. وكأنها ستقود ديناصوراً!

ولم يتحدث أحدهم من قبلُ عن حاجة القيادة، وأن الرجل الذي سيقود لها السيارة غريب عنها وأجنبي وإن كان ذا جنسية آسيوية، وأن قرب السائق والخدم عموماً من إحداهن وقتاً طويلاً مبالغ فيه لا يجوز، ولم يستطع أحدهم أن يقول إن المافيا الداخلية السعودية المُتربحة من جلب السائقين للبيوت السعودية تصب في النهاية في جيوب المسؤولين، وعلى رأسهم الحكام وهي تُمثل خروجاً لا يجوز على دولة تدّعي أنها تُحكم بالشريعة.. كما لم يتحدث أحدهم بالطبع عن أن نسبة أراضٍ تضم الحرمين الشريفين إلى "آل سعود" أمر لا يحبه الله -تعالى- في علاه ولا رسوله، صلى الله عليه وسلم.

يداري الملك الحالي والملك الوشيك القادم على سوء قيادتهما للمملكة، مع تبدُّد حسن الآمال في الملك "سلمان" عند توليه الحكم منذ أكثر من عامين، وانتشار المقولات المُرجحة لحفظه "القرآن الكريم" وتأثير ذلك على الأمة لا المملكة، في الوقت الذي كشفت فيه الأحداث أن مثل هذه المقولات لا جدوى لها في واقعنا العربي المُتردي الذي تتغير فيه الأبدان والأشخاص ولا تختلف السياسات والتبعية والمذلة للقاصي والداني إلا للشعب، ومن ثم الأمة.

لم يتحدث أحد من المستشارين الخاصين بالملك الحالي وابنه القادم، إلا أن يشاء الله أمراً، عن وجوب إحسان قيادة الشعب، الذي ما يزال يُنسب إلى جدهما الأكبر، فيما الناس تتضور من فرط الاستبداد والقهر حتى إن أكثر من ثلاثين من خيرة رجاله وعلمائه، وعلى رأسهم الداعية الوسطي، المُبتلى منذ أشهر قليلة بفقد زوجته وابنه، "سلمان العودة"؛ والذي عزاه سميّه مع الفارق الملك "سلمان" ببرقية آنذاك واتصل معزياً كذلك ابنه الموعود بالمُلك.. ثم لاحقاً صار الرجل مع خيرة العلماء منضمين تحت لواء الجاسوسية دون دليل أو برهان.. وفيما يعتقل هؤلاء تقرّ هيئة كبار علماء السعودية ما أنكرته من قبلُ من قيادة المرأة للسيارة في المملكة.

ويوم يتم حكم "نجد والحجاز" اللتين لم تتم نسبتهما إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، مع وجود قبره الشريف بالمدينة المنورة، حين يتم حكمها بالشريعة الإسلامية الغراء على الوجه الحقيقي، دون تمسُّك باللحى والثياب والمظاهر وحدها وإنما داخل منظومة متماسكة من الحرص على جوهر الدين الحنيف وأولوياته من الحرية في انتخاب الحاكم والشورى الحقيقية في الحكم.. يومها، يحكم البلاد رجال مخلصون يراعون مصلحة الشعب والأمة لا المُسميات الزائفة.. وتصير قيادة المرأة أمراً أدنى من أن يُتحدث عنه بعد إقراره.. ولا يُغضب أحداً من المواطنين، ويجيء بعد مسافة ضخمة من الإفراج عن كبار العلماء الحقيقيين وتولية المصلحين أمر البلاد والعباد.. فلعل الله يقرّ أعيننا بالعدل بين ربوع وطننا العربي الإسلامي، وأوله بلاد الحرمين!



ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohamed-thbet/-_13536_b_18146610.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات