التلفزيون الجزائري يحتفي بالمصالحة بصور فظيعة لسنوات الإرهاب.. ومغرِّدون: السلطة تريد تخويفنا
خلَّف عرض التلفزيون الجزائري (الرسمي)، لمشاهد صادمة من أرشيف العشرية السوداء سنوات التسعينات، بمناسبة الذكرى الـ12 لإقرار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، المصادفة لـ29 أيلول/سبتمبر من كل عام، خلف موجةَ استنكار واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي.
واعتبر عدد واسع من الجزائريين، عرض صور لأطفال وأجسادهم ممزقة ونساء ورجال مخضبين بالدماء، استحضاراً للجراح القديمة والآلام الغائرة في نفوس الناس، فيما رأى البعض أنها رسالة من السلطة عبر القناة الرسمية، مفادها "القبول بالأمر الواقع أو العودة إلى سنوات الدم والإرهاب".
VIDEO
على نقيض المصالحة
بثَّ التلفزيون الجزائري تقريراً من 5 دقائق و3 ثوان، تحت عنوان "المصالحة الوطنية: وقفة لاستحضار مآسي العشرية السوداء"، تضمَّن مشاهد غير مسبوقة من سنوات الإرهاب التي عاشها الجزائريون في التسعينات.
وتابع الجزائريون بدهشة صورَ أطفالٍ بطونهم ممزقة، تظهر منها الأحشاء، وأيادي مبتورة ترتعد، وصفوفاً من الموتى مكسوة بالدم، ترقد على ألواح خشبية تنتظر دخول القبور، وأبقى التقرير على وجوه الضحايا مكشوفة، بحيث يمكن لأقاربهم التعرف عليها بسهولة.
وسجَّل المراقبون أنه على نقيض المصالحة الوطنية التي قدَّمها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سنة 2006، كمشروع تبنَّاه الشعب في استفتاء عام، فقد قام التلفزيون العمومي باستحضار جراح الماضي القريب، رغم أن "المصالحة في أساسها تقوم على النسيان والتسامح وطيِّ الصفحات السوداء وتمزيقها".
وبعد الدقيقة الأولى للتقرير، اقتُبست مقتطفات من خطابات الرئيس بوتفليقة التي جاب بها ربوع البلاد، ترويجاً لمشروع المصالحة الوطنية، يقول فيها للجزائريين "جئت أعرض عليكم أن تتسامحوا"، وفي مقطع آخر يضيف: "من نعم الله تبارك وتعالى علينا أن أعطانا نعمة النسيان، اليوم لو لا نذكر بعضنا بعضاً بالأحداث القاسية لما ذكرناها، لأن نعمة الله جعلتنا ننساها" وتابع: "ننساها حتى لا تتربى الأحقاد في قلوبنا".
VIDEO
تقرير التلفزيون الجزائري افتتح بعبارة "هي صور تقشعر لها الأبدان، أو لربما تفتح الجراح مجدداً"، فلماذا يعمد التلفزيون الجزائري الرسمي لإعادة فتح الجراح بعد 12 سنة؟
"يخوفو_فينا"؟
تساؤلات كثيرة أعقبت، بث التلفزيون العمومي لصور غير مسبوقة عن العشرية السوداء، اتبعت بتعليقات استهجان واستنكار على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اعتُبرت كرسالة تهديد من قِبل السلطة للشعب.
الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، يرى أن في بثِّ صور "المأساة الوطنية ترهيباً للناس حتى يسكتوا عن فشل السلطة، ويتقبلوا غلاء المعيشة ومغامرة طبع النقود".
وأضاف على صفحته الرسمية في الفيسبوك "هؤلاء الذين يخوّفون الناس لم يكن لهم الدور الأساسي في مواجهة الإرهاب ومعالجة هذه الظاهرة، بعضهم هرب ولم نكن نسمع لهم خطاب التزلف الدارج على ألسنتهم اليوم".
وكتب الصحفي الجزائري حفيظ دراجي على صفحته الرسمية بفيسبوك قائلاً "مساومتنا بالأمن مقابل السكوت عن الفساد هو إرهاب نفسي.. مغفل ومتخلف وساذج من فكَّر وقرَّر بثَّ تلك الصور البشعة التي عشناها في تسعينات القرن الماضي. من يعتقد أنه يريد تخويف الشعب وإيصال رسالة مفادها: "نحن أو الإرهاب" فهو مخطئ وساذج أيضاً..."
وتابع: "أما من يريد الترويج من الآن "للهردة" (العهدة) الخامسة من خلال ترويع الناس فهو واهم ومغفل".
وانتشر بين نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي الجزائريين هشتاغ "يخوفو_فينا"، والذي يعني "يريدون تخويفنا"، اعتبر من خلاله أغلب المغردين أنها مساومة للرضا بالوضع الاقتصادي "المزري وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين أو العودة إلى سنوات الجمر والإرهاب".
إرهاب إعلامي؟
في المقابل، اتهم سياسيون وأساتذة، التلفزيون الجزائري بممارسة "الإرهاب الإعلامي" على الجزائريين، ونقل موقع كل شيء عن الجزائر في نسخته العربية، تصريحاً لرئيس حزب المستقبل عبد السلام بلعيد، قال فيه إن "فتح ملف العشرية السوداء في هذا التوقيت هو سابق لأوانه، ولا يخدم البلاد، لأن الجروح لا تزال مفتوحة"، معتبراً أن "الصور التي نشرها التلفزيون (نشرة الخميس) هي إرهاب إعلامي يراد به ترهيب الشعب".
ومن جانبه، وصف أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، د. علي قسايسية، ما قام به التلفزيون الرسمي بـ"تعسف إعلامي إجرامي رهيب"، ودعا لرفع دعوى قضائية ضده، قائلاً في منشور على حسابه الرسمي بفيسبوك:
وقال أستاذ الإعلام رضوان بوجمعة، إن التقرير المتضمّن لصور بشعة يعتبر اعتداءً على الجمهور، وكتب:
يذكر أنه لم يصدر أي توضيح أو تبرير من التلفزيون الرسمي الجزائري حول ملابسات وتوقيت بث التقرير.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/09/30/story_n_18147806.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات