الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

جيل التيه أم الإياب؟

جيل التيه أم الإياب؟

نحن جيل المساكين.. نعيش ذروة شبابنا ووقت إنتاجنا بين ظاهرة انتحار باتت غير مستغربة وحالات اكتئاب جرت مجرى العادة، وهذا ما نراه يغلب على الأجيال السالفة "أعني: جيل التسعينيات ومن قبلهم".. وقريباً سيدهشكم جيلنا "جيل الألفينات"، بما سيفعل، لن ينتحر فهو ليس بتلك الشجاعة والزهد في الحياة بل سينتقم.. سينتقم من كل عرف ودين وقيد والتزام.

وأرى أن ذلك نتاج جيل تربّى دون مربّ، نعم نحن تربينا دون مربّ، مَن ربانا.. ربّانا كما ربّاه أبوه وغفل عن السنين التي بيننا، ربانا على عدم السؤال بل انعدام التفكير في أسس العقيدة وغض الطرف عما يعده الغرب لنا من خطة ممنهجة لنشر الشبهات في قلوبنا قبل العقول.

نتاج جيل نشأ دون قدوة، دون مرشد، دون منهجية.. بل دون شيء يشغل فراغ روحه.. جيل نشأ دون زاد.. فملأ روحه خراباً.

عندما يلحد أحدهم -أعني من ذاك الجيل- لن يستجيب لمناظراتكم الفذة التي تعتمد على الإقناع بالحجة؛ لأنه أصالة لا يعرف شيئاً عن الحجة، هو لم يلحد لأجل تمكن الشبهة من عقله وقلبه، هو لا يدري ما الإلحاد أصالةً.. هو فقط يتحرر من أي قواعد والتزام، فقط يتحرر.. ممَ؟ هم أنفسهم لا يعلمون..

هم كالأعمى يحاول الإبصار بلا مرشد فهوى.
هم يحاولون ملء أرواحهم لم يجدوا من يدلهم على الله فافتروا عليه.

نحن جيل أمراضنا النفسية ونتاج سوء تربيتنا باتا سبباً لكل فعل شنيع يصدر عنا.
من تقوّل على الله، تقوّل عليه لأجل نقص بإثبات ذاته بأي شيء.. البعض ألحد لفقد كلمة أحسنت من أمه أو أحبك!

البعض طُمست فطرته لكبر بقلبه أن يلبي فطرته، أو لجهله بما تريد فطرته.. لم يخبره أحد قط.

والبعض خالف فطرته لمجرد حب الاختلاف؛ لأنه لم يجد بصفّه في المدرسة مَن يُعير الاهتمام إلا للمختلف إما بتفوق أو مشاغبة وهو لم يستطع التفوق فبالغ في المشاغبة.

نحن جيل لن يلحد من كثرة العلم؛ بل سيلحد من كثرة الجهل! جهلنا أو جهل من قبلنا.
وبين هذا وذاك ومن حدث إلى آخر.. يمن الله على بعض منا، فيرسل له شعاعاً من نور وسط تلك الظلمة ويبعث له ما يقربه إليه، يمن الله على بعض منا فيتغمده برحمته، فمن رأى نفحات ربه؛ فاز ونجا، ومَن تبع هواه وجحد؛ فقد هوى.

فطوبى لمن كفّ عن لوم أهله، وأخذ يربؤ الصدع ويرتق الفتق بذاته، وطوبى لمن استعان بالله وأيقن ألا ملجأ من الله إلا إليه.

وطوبى لمن تمسك بطوق النجاة، وعكف على سبيل نجاته متدبراً متأملاً متخشعاً، عالماً بألا سبيل غيره وأنه طوق النجاة.. وطوبى لمن رتل آية ولملم شتات روحه وقام ليعمل.. يتلمس السبيل خلفه.. لا يضيره أحد، يثبته أن الجبار يعينه على مشاق الطريق، يمده حين يمنعه الناس، يواسيه حين يصده الناس.

وطوبى لمن قرر سلك طريقه بلا ظهير من الناس.. بلا مرشد.. بلا رفيق، وتمسك بكتاب ربه خير مرشد وخير صحب.




ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mawada-usama-al-akabawy/post_16200_b_18353340.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات