الاثنين، 6 نوفمبر 2017

مهلاً مهلاً.. الزلزال لم يأتِ بعد

مهلاً مهلاً.. الزلزال لم يأتِ بعد

2017-10-24-1508848624-5344290-images.jpg


على مدار الأسبوع الفارط.. سال مداد كثير حول الإجراء الملكي الذي أمر به العاهل المغربي بإحالة 43 جنرالاً إلى التقاعد.

وأغلب الصحف وجلّ المواقع الإلكترونية الشهيرة ربطتْ -رجماً بالغيب- هذا الإجراء الملكي بالزلزال السياسي الذي أومأ إليه العاهل المغربي في خطابه السابق تحت قبة البرلمان.

والعجيب في الأمر أنّ هذه التكهنّات التي تخندقتْ حول هذا الإجراء لم تستوعب حقيقةً معنى الهدوء الذي يسبق العاصفة، وبمعنى أدقّ توضيحاً، فالعاهل المغربي يدرك تماماً أن تنامي ظاهرة زواج السلطة بالمال أخذ أبعاداً لا أقول خطيرة، وإنّما مقلقة يتعيّن معالجتها بذكاء ورويّة، ابتدأت منهجيّاً مع فكّ الارتباط بين وزارة العدل ومنظومة النيابة العامّة؛ حيث أُعطي لهذه الأخيرة مساحة كبيرة من التحرّر، بل والأريحيّة في معالجة بعض الملفات الساخنة ذات النكهة السياسية، وخصوصاً منها ما يتعلّق بشقِّ الشبهات التي تحوم حول بعض رجال الأعمال وبعض السياسيين المرتبطين ببعض رجالات العسكر مصاهرةً أو نسباً أو قرابةً.

نعم.. وبالتالي فالحنكة الملكيّة فرضتْ على العاهل المغربي باعتباره القائد العام للقوات المسلّحة أن يزيح ثلّة من الجنرالات من المشهد، ويحيلهم إلى التقاعد؛ لتتفرّغ مؤسسات الدولة المعنية لاحقاً في مساءلة كلّ المسؤولين السياسيين، خصوصاً مَن هم مشتبهون في تعطيل عجلة التنمية، والذين بدأت ترتعد فرائصهم أكثر من أيّ وقتٍ مضى بسبب الإجراء المذهل الأخير للعاهل المغربي، ألا وهو إزاحة التغطيّة المفترضة عن كل مَن ثبت في حقّه الفساد السياسي والمالي.

أيّها السادة المحلّلون مهلاً.. فالزلزال السياسي لم يأتِ بعد.. بل هو على الأبواب.. وإدراكاً من العاهل المغربي لمطالب الشعب التي أصبحت لا تثق إلا به من بعد الله، جاءت هذه التدابير الاحترازية توطئةَ لخلق مناخ من الطمأنينة لدى الشعب من جهة.

ومن جهة أخرى ليعطي العاهل المغربي درساً قاسياً مفاده أن ليس هناك مَن هو فوق القانون.

لعلّ المثل القائل: (ربّ ضارّة نافعة) سيجد مبتغاه عند حدوث هذا الزلزال الوشيك، ذلك أن الأحزاب السياسية ستجد نفسها معنيّة بإعادة هيكلتها رأساً على عقب، فالعزوف عن الانتخابات الذي بات يؤرّق المشهد السياسي للبلاد تتحمّل فيه هذه الأحزاب النصيب الأكبر، والأمناء العامون لها باتوا مبدعين فقط في (البولميك) وبرامجهم الحزبية مجرد بنود تفقد صلاحيتها كقطع الغيار عند انتهاء أي عرس انتخابي.

لذا فإنّ هذا الزلزال من ثماره وضع حدٍّ للشّعْبوية والإيقاع المسرحي التي دأبتْ أغلب الأحزاب على ممارسته بعيداً عن هموم الناس ومتطلّبات الشعب، وعندما نقول بإعادة الهيكلة فهذا لا يعني المصادرة على المطلوب بوضع المساحيق تَجْييراً أو تَبْييضاً لإخفاء المستور، بلْ إنّ هذا الزلزال وتبعاته سيجبرها على وضع حدٍّ للتّردّي الذي وصلتْ إليه هذه الأحزاب، التي أقلّ ما يُقال عنها إنها أحزاب باتتْ مجرّد عبء على نفسها، فلا هي احترمت تواجدها السياسي، ولا هي احترمت تطلّعات الشعب في الرفع من معاناته.

لأجل هذا وذاك.. وكما يقول المثل الشعبي: (بالمهل يُؤْكلُ الباذنجان)، فإن العاهل المغربي ولاجل إنقاذ سمعة البلاد سياسيّاً ولأجل الحفاظ عليها اقتصاديّاً رأى أنه لا مفرّ من هذا الزلزال، الذي بات مطلباً تقتضيه ظروف المرحلة، بحيث بدأ في هدوء تام بإحالة بعض الضباط السامين إلى التقاعد، توطئة كما ذكرنا أعلاه لجرّ الفاسدين والمفسدين إلى العدالة، التي باتت فيها النيابة العامة بعد استقلالها رأس الحربة في مواجهة هذا الفساد بلا هوادة.





ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/tagmoote-noor-aldeen/-_13844_b_18365676.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات