هل يمكن أن تعبث الألوان بحظك وتحوله عاثرا؟ هل يستطيع لون ما أن يتحول إلى لعنة تتسبب في إفساد كل لحظة في حياتك وتغييب كل محالات النجاة والانتصار؟ أنت مصري أو سوري على الأغلب؟ دعني إذن أحكيك حكاية..
صباح اليوم، قالت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشئون المصرين بالخارج، إن المصريين في الخارج استعادوا ثقتهم في الحكومة المصرية؛ لأنها تساندهم في أي موقف يتعرضون له وتتخذ الإجراءات القنصلية والمساعي الدولية التي تهدف لدعم قيمة المواطن المصري في الخارج.
صادف هذا الخبر صاحب التدوينة وهو يجلس على كرسي الاستثناء في انتظار موعد لملاقاة مندوب أي شركة طيران ترتضى أن يسافر على خطوطها خوفا من أن يتحول إلى عالق في مطار.. لمثل هذه المواقف خُلق جواز السفر القوي، وهنالك فقط تعرف قيمة وثيقتك الرسمية وجنسيتك المرتبطة بها. أما رحلة مباشرة من هنا إلى هناك، فكل الوثائق تستطيع ذلك.
ثمة معاناة يعرفها كل عربي اضطر يوما أن ينتقل من بلد لا تطلب منه تأشيرة، إلى آخرى مثلها، كي تمنحه بعض الوقت لترتيب أوراقه المجهولة.. بلاد يدخلها العربي مثقلا بحقيبة سفر مكتظة وأفكار غير مرتبة ومستقبل غامض، وابتسامة صفراء مصطنعة يحتملها وهو يجيب ضابط الدخول بإرهاق واضح: جئتُ سائحا، بينما يشم الضابط في كلماته رائحة الخوف وملامح الإعياء.
بعض الرحلات بعيدة للغاية، ولا خطوط طيران معروفة بين الوجهتين، ولا خيار أمام المسافر سوى خوضها لاشتراطات المغادرة من الأرض المضيفة؛ لذلك كانت رحلته للبحث في سجلات الشركات المغمورة عن انطلاقة مناسبة لا تصطدم بالغول الأوروبي ولا تمر من فوقه، فالعربي إذا لم "يتشرف" جواز سفره بالختم الأوروبي أو الأمريكي فلا يمكنه حينها إلا أن يسافر إلا فوق بلاد بعينها، معدودة لو ترى.
في كل الحالات، الإجراءات تتم بشكل يسير، حتى خانة الجنسية: مصر؟ أنت عربي؟ أرني جوازك! أسف، لا يمكننا تنفيذ طلبك.. هكذا كانت تنتهي كل محاولات البحث عن انفراجة بين أكوام الشركات، التي يبدو أنها قد حسمت أمرها حيال أصحاب (الجوازات الخضراء)، لا سيما حين يبلغ أحد مسؤوليها المتصدرين الذي يتعجب من جمودك، قبل أن يمنحك نصيحته الودودة التي لا يعلم كيف تصنع بقلوبنا: ولماذا يا صديقي لا تعود إلى بلدك وتسافر من هناك!؟
يكسر في خاطرك ثقة العالقين من أصحاب الجوازات الحمراء والزرقاء وهم يُتخطفون من مندوبي شركات الطيران في محاولة لاسترضائهم وشراء ركوبهم للرحلة المنتظرة.. ويطبع في نفسك قهرا أفواج السوريين الذين تصطدم بهم في كل غرفة توقيف أو تفتيش أو استجواب أو ترحيل أو أي إجراء آخر استثائي مهين. يجمعك بالسوري واليمني قاسم مشترك، الوثيقة الخضراء، الوصمة والكناية.
أتذكر الآن جيدا، في الأسابيع الأولى لوصولى إلى بلد مضيفة جديدة، حين قابلتُ صديقا مصريا مُتعبا بين المطارات، وهو يغطي جواز سفره بحافظة زرقاء غير متينة، سألته: لماذا؟ أجاب: لأحميه من التلف.. لا شك لدي اليوم في أنه كان يكذب.
- تم نشر هذه التدوينة في موقع مدونات الجزيرة
صباح اليوم، قالت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشئون المصرين بالخارج، إن المصريين في الخارج استعادوا ثقتهم في الحكومة المصرية؛ لأنها تساندهم في أي موقف يتعرضون له وتتخذ الإجراءات القنصلية والمساعي الدولية التي تهدف لدعم قيمة المواطن المصري في الخارج.
صادف هذا الخبر صاحب التدوينة وهو يجلس على كرسي الاستثناء في انتظار موعد لملاقاة مندوب أي شركة طيران ترتضى أن يسافر على خطوطها خوفا من أن يتحول إلى عالق في مطار.. لمثل هذه المواقف خُلق جواز السفر القوي، وهنالك فقط تعرف قيمة وثيقتك الرسمية وجنسيتك المرتبطة بها. أما رحلة مباشرة من هنا إلى هناك، فكل الوثائق تستطيع ذلك.
ثمة معاناة يعرفها كل عربي اضطر يوما أن ينتقل من بلد لا تطلب منه تأشيرة، إلى آخرى مثلها، كي تمنحه بعض الوقت لترتيب أوراقه المجهولة.. بلاد يدخلها العربي مثقلا بحقيبة سفر مكتظة وأفكار غير مرتبة ومستقبل غامض، وابتسامة صفراء مصطنعة يحتملها وهو يجيب ضابط الدخول بإرهاق واضح: جئتُ سائحا، بينما يشم الضابط في كلماته رائحة الخوف وملامح الإعياء.
بعض الرحلات بعيدة للغاية، ولا خطوط طيران معروفة بين الوجهتين، ولا خيار أمام المسافر سوى خوضها لاشتراطات المغادرة من الأرض المضيفة؛ لذلك كانت رحلته للبحث في سجلات الشركات المغمورة عن انطلاقة مناسبة لا تصطدم بالغول الأوروبي ولا تمر من فوقه، فالعربي إذا لم "يتشرف" جواز سفره بالختم الأوروبي أو الأمريكي فلا يمكنه حينها إلا أن يسافر إلا فوق بلاد بعينها، معدودة لو ترى.
في كل الحالات، الإجراءات تتم بشكل يسير، حتى خانة الجنسية: مصر؟ أنت عربي؟ أرني جوازك! أسف، لا يمكننا تنفيذ طلبك.. هكذا كانت تنتهي كل محاولات البحث عن انفراجة بين أكوام الشركات، التي يبدو أنها قد حسمت أمرها حيال أصحاب (الجوازات الخضراء)، لا سيما حين يبلغ أحد مسؤوليها المتصدرين الذي يتعجب من جمودك، قبل أن يمنحك نصيحته الودودة التي لا يعلم كيف تصنع بقلوبنا: ولماذا يا صديقي لا تعود إلى بلدك وتسافر من هناك!؟
يكسر في خاطرك ثقة العالقين من أصحاب الجوازات الحمراء والزرقاء وهم يُتخطفون من مندوبي شركات الطيران في محاولة لاسترضائهم وشراء ركوبهم للرحلة المنتظرة.. ويطبع في نفسك قهرا أفواج السوريين الذين تصطدم بهم في كل غرفة توقيف أو تفتيش أو استجواب أو ترحيل أو أي إجراء آخر استثائي مهين. يجمعك بالسوري واليمني قاسم مشترك، الوثيقة الخضراء، الوصمة والكناية.
أتذكر الآن جيدا، في الأسابيع الأولى لوصولى إلى بلد مضيفة جديدة، حين قابلتُ صديقا مصريا مُتعبا بين المطارات، وهو يغطي جواز سفره بحافظة زرقاء غير متينة، سألته: لماذا؟ أجاب: لأحميه من التلف.. لا شك لدي اليوم في أنه كان يكذب.
- تم نشر هذه التدوينة في موقع مدونات الجزيرة
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/ammar-mtawea/story_b_18436738.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات