أكثر من 600 مقال، آلاف المنشورات والتعليقات على فيسبوك، 42 ألف متابع على فيسبوك، مئات الإشارات والغمزات لصديق البرنامج حمادة، لقاءات تليفزيونية، مداخلات، حمادة في الغمز للسيسي، وحمادة في السخرية منه، يستمر حمادة حتى دقائق قبل الانتهاء من هذا المقال.
هكذا أصبحت غادة الشريف عند البعض مؤشراً سياسياً، مؤيدة السيسي التائبة، ومتنبئة روحانية حالياً، وفي كل الحالات تستعمل شخصية وهمية تخاطبها طول الوقت: حمادة.
أمس الأول أعلنت غادة الشريف توقُّفها عن كتابة عمود أسبوعي في "المصري اليوم"، بعد رفض الجريدة نشر الأخير. الإعلان وضع فاصلة جديدة في علاقة غادة الملتبسة بالنظام السياسي المصري، منذ صحا الرأي العام على صيحتها المؤيدة للسيسي ببعض التجاوز: "بس انت اغمز بعينك"، إلى حربها الشرسة على سياساته في العام الأخير، حتى وقع الانفصال المتوقع قبل أيام.
من ترجِّي غمزات السيسي إلى إطلاق حمادة ليشنَّ أشرس الحروب عليه، لم يكن هذا هو التحول الوحيد أو الأهم في مسيرة غادة الشريف.
يسجل موقع المصري اليوم أقدم مقالات غادة الشريف، في يناير/كانون الثاني 2010، لتصبح رغم حداثتها كاتبة مخضرمة عاصرت عهد الثورة وما قبله، وما بعده بالطبع، حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2017، عندما منعت الجريدة نشر مقالتها الأخيرة.
في الأصل هي طبيبة ورئيس قسم الإحصاء الطبي ووبائيات الأورام بمعهد الأورام التابع لجامعة القاهرة، بإمكانات كتابة جيدة، سمحت لها بحجز مكان في الجريدة الأكثر انتشاراً قبل الثورة.
في هذا الوقت كان هناك احتفاء بالكاتبة النسائية الساخرة، وبعد أن أصبحت الإناث مستهلكاً أكبر للثقافة والصحافة في مصر، أصبح بإمكان كاتبات شابات اقتحام مجال الكتابة الساخرة الذي ظلَّ مغلقاً على الرجال، بمزيج من العامية والفصحى، وعناصر غير معتادة تخرج لأول مرة من الأحاديث النسائية السرية.. هكذا جاءت غادة بشخصية حمادة لأول مرة في عالم الجرائد.
في الأصل هو اسم التدليل لمحمد وأحمد، وهو اسم غير محبب استخدامه خارج المنزل، وما بعد مرحلة المراهقة، نادراً ما يعيش الذكر متحملاً هذا الاسم طوال عمره. لا يوجد معنى لحمادة، لكن ربما يكون له ألف مغزى ثقافي.
يحتاج فهم مغزى حمادة إلى قاموس مصور يُظهر انطباعات الوجه لحظة نطقه، استخدامه الأكبر هو لاصطناع شخص ثالث غائب يتم إحالة الكلام له دائماً، سامعني يا حمادة! هكذا يمكنك إهانة من تحدثه بالتظاهر بتوجيه الكلام إلى أي طفل عابر لا أهمية له، هو أسلوب نسائي قديم يعود لعصر الجدات على الكنبة.
لهواة الشعر الجاهلي، فإن حمادة يشبه ناقة الشاعر التي كان يوجه لها الحديث أثناء وحدته بالصحراء.
في يوم 25 يناير/كانون الثاني، قدمت غادة مقالاً تستبعد فيه رانديفو الثورة، ثم بعد تنحي مبارك توجهت مقالاتها لاستكمال ثورة الشباب الطاهر.
صباح 25 يناير/كانون الثاني، كتبت: "أن تتفق مجموعة فريندز على رانديفو للثورة يوم الثلاثاء ياكلوا حلاوة وياكلوا جاتوه فهذا هو العبط بعينه، وأن يتجمع المثقفون -للأسف- مهللين ومنددين عند مقام السفارة التونسية، فهذه هي السذاجة بمناخيرها.. وكل هذا يكشف عن تخبط ودلع".
وبعد تنحي مبارك كتبت: "ثورتنا هذه هي الرابعة فى تاريخ الثورات التي نجح فيها الشعب في خلع حاكمه، بعد الثورة البلشفية والفرنسية والإيرانية.. إلا أنها الثورة الوحيدة في التاريخ التي اتسمت بأنها ثورة "شيك".
موقفها من الثورة ضروري لفهم التحول التدريجي والمنطقي بعدها لتأييد السيسي.
ثم جاءت اللحظة الكبرى بمقال "أنت تغمز بعينك بس"، والذي جاء في اليوم التالي لمطالبة السيسي بتفويض محاربة الإرهاب. تكتب غادة مقالاتها طازجة يوماً بيوم، لهذا أمسكت بروح اللحظة، وقتها كان تصور المعارضة ذاتها أن شريحة ضخمة من مؤيدي السيسي عبارة عن نساء في منتصف وأواخر العمر، مذعورات، ومتضرعات للسيسي كممثل لدولة الأمن والأمان، وغير راضيات جنسياً.
المقال لم يكن جارحاً للمؤيدات، كلا الجانبين، مؤيدين ومعارضين، تناولوه على أنه يقدم حقيقة الوضع. غادة نفسها حرصت على توضيح الأمر بأنه ليس مجرد غمز، بل عرض بالزواج أيضاً، أو حتى الانضمام لملك يمينه طوعاً.
في كتابات الكثير من الأدباء كانت هناك محاولات تمثيل لمصر على أنها امرأة، وبالطبع كان الاحتياج للجنس عاملاً أساسياً فيها، لكن غادة تغلبت عليهم جميعاً بسطر واحد.
خبر مقتضب نشره موقع المصري اليوم في آخر أيام 2016، عن عقد قران غادة واللواء مجدي أبو المجد، مع صورة واحدة لم يتسرب غيرها للعروس، تُظهر فارق السن بين الزوجين، وأخرى لعقد القران، يظهر في خلفيتها سيدتان في حالة شرود.
اللواء مجدي أبو المجد كان هو القائد الميداني لكتيبة المظلات في وقت مذبحة مجلس الوزراء التي قُتل فيها 18 مواطناً مصرياً، برتبة عميد وقتها، ثم قائد قوات الحرس الجمهوري المحيطة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، ثم قائد سلاح المظلات، وله تصريح ناشف في وقت الاحتفال بافتتاح تفريعة قناة السويس "وباقول لكل متهور، لو كنت مين ولو كنت فين، هتموت في مكانك.. الجيش المصري ما بيهزرش"، وهو خارج المنصب حالياً، لكن لا يمكن تجاهل أو تأكيد تأثيره على ارتفاع نبرة زوجته لاحقاً.
هكذا أصبحت غادة الشريف عند البعض مؤشراً سياسياً، مؤيدة السيسي التائبة، ومتنبئة روحانية حالياً، وفي كل الحالات تستعمل شخصية وهمية تخاطبها طول الوقت: حمادة.
أمس الأول أعلنت غادة الشريف توقُّفها عن كتابة عمود أسبوعي في "المصري اليوم"، بعد رفض الجريدة نشر الأخير. الإعلان وضع فاصلة جديدة في علاقة غادة الملتبسة بالنظام السياسي المصري، منذ صحا الرأي العام على صيحتها المؤيدة للسيسي ببعض التجاوز: "بس انت اغمز بعينك"، إلى حربها الشرسة على سياساته في العام الأخير، حتى وقع الانفصال المتوقع قبل أيام.
من ترجِّي غمزات السيسي إلى إطلاق حمادة ليشنَّ أشرس الحروب عليه، لم يكن هذا هو التحول الوحيد أو الأهم في مسيرة غادة الشريف.
متى وُلد حمادة؟
يسجل موقع المصري اليوم أقدم مقالات غادة الشريف، في يناير/كانون الثاني 2010، لتصبح رغم حداثتها كاتبة مخضرمة عاصرت عهد الثورة وما قبله، وما بعده بالطبع، حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2017، عندما منعت الجريدة نشر مقالتها الأخيرة.
في الأصل هي طبيبة ورئيس قسم الإحصاء الطبي ووبائيات الأورام بمعهد الأورام التابع لجامعة القاهرة، بإمكانات كتابة جيدة، سمحت لها بحجز مكان في الجريدة الأكثر انتشاراً قبل الثورة.
في هذا الوقت كان هناك احتفاء بالكاتبة النسائية الساخرة، وبعد أن أصبحت الإناث مستهلكاً أكبر للثقافة والصحافة في مصر، أصبح بإمكان كاتبات شابات اقتحام مجال الكتابة الساخرة الذي ظلَّ مغلقاً على الرجال، بمزيج من العامية والفصحى، وعناصر غير معتادة تخرج لأول مرة من الأحاديث النسائية السرية.. هكذا جاءت غادة بشخصية حمادة لأول مرة في عالم الجرائد.
معنى كلمة حمادة في معجم الجدات
في الأصل هو اسم التدليل لمحمد وأحمد، وهو اسم غير محبب استخدامه خارج المنزل، وما بعد مرحلة المراهقة، نادراً ما يعيش الذكر متحملاً هذا الاسم طوال عمره. لا يوجد معنى لحمادة، لكن ربما يكون له ألف مغزى ثقافي.
يحتاج فهم مغزى حمادة إلى قاموس مصور يُظهر انطباعات الوجه لحظة نطقه، استخدامه الأكبر هو لاصطناع شخص ثالث غائب يتم إحالة الكلام له دائماً، سامعني يا حمادة! هكذا يمكنك إهانة من تحدثه بالتظاهر بتوجيه الكلام إلى أي طفل عابر لا أهمية له، هو أسلوب نسائي قديم يعود لعصر الجدات على الكنبة.
لهواة الشعر الجاهلي، فإن حمادة يشبه ناقة الشاعر التي كان يوجه لها الحديث أثناء وحدته بالصحراء.
حمادة يرفض الثورة ثم يباركها
في يوم 25 يناير/كانون الثاني، قدمت غادة مقالاً تستبعد فيه رانديفو الثورة، ثم بعد تنحي مبارك توجهت مقالاتها لاستكمال ثورة الشباب الطاهر.
صباح 25 يناير/كانون الثاني، كتبت: "أن تتفق مجموعة فريندز على رانديفو للثورة يوم الثلاثاء ياكلوا حلاوة وياكلوا جاتوه فهذا هو العبط بعينه، وأن يتجمع المثقفون -للأسف- مهللين ومنددين عند مقام السفارة التونسية، فهذه هي السذاجة بمناخيرها.. وكل هذا يكشف عن تخبط ودلع".
وبعد تنحي مبارك كتبت: "ثورتنا هذه هي الرابعة فى تاريخ الثورات التي نجح فيها الشعب في خلع حاكمه، بعد الثورة البلشفية والفرنسية والإيرانية.. إلا أنها الثورة الوحيدة في التاريخ التي اتسمت بأنها ثورة "شيك".
موقفها من الثورة ضروري لفهم التحول التدريجي والمنطقي بعدها لتأييد السيسي.
حمادة تحت أمر غمزة من السيسي
ثم جاءت اللحظة الكبرى بمقال "أنت تغمز بعينك بس"، والذي جاء في اليوم التالي لمطالبة السيسي بتفويض محاربة الإرهاب. تكتب غادة مقالاتها طازجة يوماً بيوم، لهذا أمسكت بروح اللحظة، وقتها كان تصور المعارضة ذاتها أن شريحة ضخمة من مؤيدي السيسي عبارة عن نساء في منتصف وأواخر العمر، مذعورات، ومتضرعات للسيسي كممثل لدولة الأمن والأمان، وغير راضيات جنسياً.
هل كانت الجملة الأخيرة جارحة؟
المقال لم يكن جارحاً للمؤيدات، كلا الجانبين، مؤيدين ومعارضين، تناولوه على أنه يقدم حقيقة الوضع. غادة نفسها حرصت على توضيح الأمر بأنه ليس مجرد غمز، بل عرض بالزواج أيضاً، أو حتى الانضمام لملك يمينه طوعاً.
في كتابات الكثير من الأدباء كانت هناك محاولات تمثيل لمصر على أنها امرأة، وبالطبع كان الاحتياج للجنس عاملاً أساسياً فيها، لكن غادة تغلبت عليهم جميعاً بسطر واحد.
حمادة في عش الزوجية مع "القائد"
خبر مقتضب نشره موقع المصري اليوم في آخر أيام 2016، عن عقد قران غادة واللواء مجدي أبو المجد، مع صورة واحدة لم يتسرب غيرها للعروس، تُظهر فارق السن بين الزوجين، وأخرى لعقد القران، يظهر في خلفيتها سيدتان في حالة شرود.
اللواء مجدي أبو المجد كان هو القائد الميداني لكتيبة المظلات في وقت مذبحة مجلس الوزراء التي قُتل فيها 18 مواطناً مصرياً، برتبة عميد وقتها، ثم قائد قوات الحرس الجمهوري المحيطة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، ثم قائد سلاح المظلات، وله تصريح ناشف في وقت الاحتفال بافتتاح تفريعة قناة السويس "وباقول لكل متهور، لو كنت مين ولو كنت فين، هتموت في مكانك.. الجيش المصري ما بيهزرش"، وهو خارج المنصب حالياً، لكن لا يمكن تجاهل أو تأكيد تأثيره على ارتفاع نبرة زوجته لاحقاً.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/11/02/story_n_18448186.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات