لم تفارق الابتسامة مقران، بالطريق الرئيسي لقرية "إعكوران"، المعروفة بغاباتها الكثيفة في أعالي ولاية تيزي وزو بمنطقة القبائل وسط الجزائر، وبمجرد سؤاله عن "يناير" (رأس السنة الأمازيغية)، هزَّ رأسه ضاحكاً ملء وجهه قائلاً "انتهى الأمر لقد وقع بوتفليقة".
في هذه القرية التي نادراً ما تسمع فيها كلمة باللغة العربية أو الفرنسية، ما عدا القبائلية، يتشبَّث مقران مثل غيره من غالبية الجزائريين، بتقاليد الأمازيغ، حيث لم تمنعهم رياح التعريب من التشبّث بالاحتفاء برأس العام (كما يقال محلياً)، المصادف لـ12 يناير/كانون الثاني من كل سنة.
من الفولكلور إلى الرسمية
على مرِّ السنين التي أعقبت استقلال الجزائر سنة 1962، لازم رأس السنة الأمازيغية أو "يناير"، في الجزائر ومنطقة شمال إفريقيا عموماً، مكانه كحدث تاريخي عريق يُحتفى به شعبياً بمأكولات ومبادرات اجتماعية تدل على مكانته الخاصة.
لكن ومنذ الـ27 من ديسمبر/كانون الأول 2017، بات "يناير" على منزلة أخرى أكثر شأنا ودرجة من النواحي الرمزية، فقد انتقل من الفولكلور الشعبي إلى عطلة رسمية مدفوعة الأجر.
ووقع الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة على القرار خلال ترأسه أشغال اجتماع مجلس الوزراء.
وقد شكَّل القرار أبرز حدث في الاجتماع الذي كانت أجندته الرئيسية توقيع قانون المالية 2018، وما يحمله من إجراءات تقشفية جديدة تضرب جيوب الجزائريين.
عادات وتقاليد
ولن يجد مقران صعوبةً في توفير عشاء يليق بمقام ليلة يناير، لكونه صياداً يمتهن قنص الأرانب البرية، التي تتصدر وجبات الحدث التاريخي في مناطق كثيرة من البلاد، إلى جانب لحوم الديوك والخرفان والعجول، التي تقدم مع أطباق محلية معروفة باسم "الشخشوخة" و"الكسكس"، وكل ما يرمز لما تنبت الأرض من خيرات.
وقال مقران لـ"هاف بوست عربي"، "أحب كل ما هو تقليدي، ومن المستحيل أن يمر يناير دون طقوس تقليدية راسخة بالنسبة لنا"، وتابع "في رأس السنة الميلادية كل واحد منا يختار مكانه المفضل للاحتفال، بينما يجمعنا يناير على طاولة واحدة".
وتقول سارة التي تنحدر من ولاية جيجل شرقي البلاد، أن للحدث مكانة خاصة جداً، وكشفت لـ"هاف بوست عربي" قائلة: "نحن ننتقي وجبات عشاء تقليدية ليلة يناير، وتحصل العروس قبل زفافها على هدايا من قبل أهل العريس".
ورقة سياسية
على صعيد آخر، اتبع قرار بوتفليقة ترسيم رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية مدفوعة الأجر، بكثير من التساؤلات، تمحورت حول الخلفيات والغاية من الخطوة، وعلاقاتها بأجندات سياسية استراتيجية، تتعلق برئاسيات 2019، واحتمالات توجه بوتفليقة نحو عهدة خامسة.
وبالنسبة لأعضاء الحكومة، يمثل القرار توجهاً جديداً نحو تعزيز الوحدة الوطنية ومكونات الهوية، مثلما غرّد وزير الخارجية عبدالقادر مساهل على صفحته الرسمية بتويتر.
ووصف رئيس المحافظة السامية لترقية اللغة الأمازيغية، سي الهاشمي عصاد، قرار بوتفليقة، بأنه "حامل لرؤية مستقبلية من أجل تقوية استقرار البلاد واللحمة الوطنية".
ودائماً ما يثير النقاش حول الهوية في الجزائر حساسيات بالغة بين الجزائريين، وتتمسك الدولة بمثلث "العربية، الأمازيغية والإسلام"، كمقومات أساسية لهوية البلاد.
وكتب الصحفي محمد سيدمو على صفحته بفيسبوك، قائلاً "إن السلطة السياسية كانت أكبر عازف على وتر التفرقة، وقد بدأت تفقد أوراقها الواحدة تلو الأخرى، تحت ضغط المطالب التي لا تتوقف"، ملمحاً إلى أن القضية كانت من أوراق تحكم السلطة في الشأن العام.
في هذه القرية التي نادراً ما تسمع فيها كلمة باللغة العربية أو الفرنسية، ما عدا القبائلية، يتشبَّث مقران مثل غيره من غالبية الجزائريين، بتقاليد الأمازيغ، حيث لم تمنعهم رياح التعريب من التشبّث بالاحتفاء برأس العام (كما يقال محلياً)، المصادف لـ12 يناير/كانون الثاني من كل سنة.
من الفولكلور إلى الرسمية
على مرِّ السنين التي أعقبت استقلال الجزائر سنة 1962، لازم رأس السنة الأمازيغية أو "يناير"، في الجزائر ومنطقة شمال إفريقيا عموماً، مكانه كحدث تاريخي عريق يُحتفى به شعبياً بمأكولات ومبادرات اجتماعية تدل على مكانته الخاصة.
لكن ومنذ الـ27 من ديسمبر/كانون الأول 2017، بات "يناير" على منزلة أخرى أكثر شأنا ودرجة من النواحي الرمزية، فقد انتقل من الفولكلور الشعبي إلى عطلة رسمية مدفوعة الأجر.
ووقع الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة على القرار خلال ترأسه أشغال اجتماع مجلس الوزراء.
وقد شكَّل القرار أبرز حدث في الاجتماع الذي كانت أجندته الرئيسية توقيع قانون المالية 2018، وما يحمله من إجراءات تقشفية جديدة تضرب جيوب الجزائريين.
عادات وتقاليد
ولن يجد مقران صعوبةً في توفير عشاء يليق بمقام ليلة يناير، لكونه صياداً يمتهن قنص الأرانب البرية، التي تتصدر وجبات الحدث التاريخي في مناطق كثيرة من البلاد، إلى جانب لحوم الديوك والخرفان والعجول، التي تقدم مع أطباق محلية معروفة باسم "الشخشوخة" و"الكسكس"، وكل ما يرمز لما تنبت الأرض من خيرات.
وقال مقران لـ"هاف بوست عربي"، "أحب كل ما هو تقليدي، ومن المستحيل أن يمر يناير دون طقوس تقليدية راسخة بالنسبة لنا"، وتابع "في رأس السنة الميلادية كل واحد منا يختار مكانه المفضل للاحتفال، بينما يجمعنا يناير على طاولة واحدة".
وتقول سارة التي تنحدر من ولاية جيجل شرقي البلاد، أن للحدث مكانة خاصة جداً، وكشفت لـ"هاف بوست عربي" قائلة: "نحن ننتقي وجبات عشاء تقليدية ليلة يناير، وتحصل العروس قبل زفافها على هدايا من قبل أهل العريس".
ورقة سياسية
على صعيد آخر، اتبع قرار بوتفليقة ترسيم رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية مدفوعة الأجر، بكثير من التساؤلات، تمحورت حول الخلفيات والغاية من الخطوة، وعلاقاتها بأجندات سياسية استراتيجية، تتعلق برئاسيات 2019، واحتمالات توجه بوتفليقة نحو عهدة خامسة.
وبالنسبة لأعضاء الحكومة، يمثل القرار توجهاً جديداً نحو تعزيز الوحدة الوطنية ومكونات الهوية، مثلما غرّد وزير الخارجية عبدالقادر مساهل على صفحته الرسمية بتويتر.
رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز #بوتفليقه يقر الاحتفال ب #يناير - عطلة مدفوعة الاجر ابتداء من 12 جانفي المقبل، خطوة تعزز مكونات هويتنا و وحدتنا الوطنيتين https://t.co/E4SgiDqRyU pic.twitter.com/vx5TY454fK
— Abdelkader Messahel (@Messahel_MAE) December 28, 2017
ووصف رئيس المحافظة السامية لترقية اللغة الأمازيغية، سي الهاشمي عصاد، قرار بوتفليقة، بأنه "حامل لرؤية مستقبلية من أجل تقوية استقرار البلاد واللحمة الوطنية".
ودائماً ما يثير النقاش حول الهوية في الجزائر حساسيات بالغة بين الجزائريين، وتتمسك الدولة بمثلث "العربية، الأمازيغية والإسلام"، كمقومات أساسية لهوية البلاد.
وكتب الصحفي محمد سيدمو على صفحته بفيسبوك، قائلاً "إن السلطة السياسية كانت أكبر عازف على وتر التفرقة، وقد بدأت تفقد أوراقها الواحدة تلو الأخرى، تحت ضغط المطالب التي لا تتوقف"، ملمحاً إلى أن القضية كانت من أوراق تحكم السلطة في الشأن العام.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/12/30/story_n_18918180.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات