الثلاثاء، 23 يناير 2018

أوامر خامنئي المثيرة للجيش بالحد من الأنشطة الاقتصادية.. هل هي استجابة حقيقية للتظاهرات أم "كبسولات تهدئة"؟

أوامر خامنئي المثيرة للجيش بالحد من الأنشطة الاقتصادية.. هل هي استجابة حقيقية للتظاهرات أم "كبسولات تهدئة"؟

يشكك عدد من المختصين الإيرانيين في مدى جدية ما نقل عن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، بخصوص الحد من الأنشطة الاقتصادية للجيش.

ففي مقابلة أجرتها صحيفة "إيران" مع وزير الدفاع "أمير حاتمي"، صرح قائلاً، إن المرشد الأعلى علي خامنئي، طلب من القوات المسلحة والحرس الثوري نقل المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش والحرس إلى المؤسسات الحكومية، بشرط ألا تكون تلك المؤسسات مرتبطة بأهداف القوات المسلحة.

لكنه -في نفس الوقت- لم يذكر أي أسماء لتلك المؤسسات، أو يوضح مدى ارتباط بعض المؤسسات المالية بأهداف الجيش.

في العام الماضي، كان الرئيس روحاني طلب أكثر من مرة بأن ينسحب الحرس الثوري من الاقتصاد الإيراني، ليفسح المجال أمام الشركات الحكومية والقطاع الخاص، للاستثمار وتوفير فرص العمل.

لكن الأمر اتَّخذ نوعاً من أنواع الصراع بين روحاني والحرس الذي رفض ذلك الطلب، وازداد نفوذه الاقتصادي إلى أن امتدَّ إلى كافة القطاعات الاقتصادية، بما فيها وزارة النفط، التي تعتبر أهم كيانٍ اقتصادي في إيران.

وبعد عدة أسابيع من المظاهرات التي عمّت إيران احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية السيئة مطلع العام الجاري، صرَّح محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس روحاني، أن الأخير قد طلب مراراً وتكراراً من المرشد الأعلى إصدار أمر بأن يتخلَّى الحرس الثوري والقوات المسلحة عن أنشطتهم الاقتصادية، ويسلموا تلك المؤسسات إلى شركات أخرى مدنية.

وقد علَّق وزير الدفاع، في مقابلته الأخيرة على ذلك الأمر، قائلاً "نعلم أن الرئيس روحاني طلب انسحاب الجيش من الاقتصاد، وبعد توصية المرشد الأعلى فإننا نعمل على ذلك، لكن الأمر يحتاج إلى المزيد من الوقت، ويتوقف على حالة السوق العامة، والإمكانات المتاحة لذلك، وأتوقع أن يحدث ذلك بحلول نهاية هذا العام".

لكن على الجانب الآخر، يرى حسين اسفنديار، أستاذ الاقتصاد بجامعة مشهد، أن كل تلك التصريحات "محض هراء"، وأنها مجرد كبسولات تهدئة للشارع.

وأضاف في تصريحاته لـ"هاف بوست عربي"، أن وزير الدفاع لم يذكر أسماء أي من تلك الكيانات المالية التي سيتم نقلها من سيطرة الجيش والحرس إلى الحكومة، ولم يحدد موعداً، وترك الأمور مبهمة بقوله "سندرس إمكانات السوق"، بجانب أنه صرَّح أن الجيش يُبقي على مشاريع الطرق والبناء، ولن يتخلَّى عنها، وسيتم ذلك بالاتفاق مع الحكومة، "أرى أنه لا ينوي فعل شيء، مجرد محاولة منه لرمي الكرة في ملعب آخر".

وبدأت سيطرة الحرس الثوري على الاقتصاد الإيراني بعد الحرب العراقية الإيرانية. وخلال تولي أحمدي نجاد رئاسة إيران، كانت قد وصلت نشاطات الحرس الثوري الاقتصادية إلى ذروتها، التي شهدت في الآونة الأخيرة احتكار سوق الحديد والصلب تماماً، ووصلت استثمارات الحرس إلى الوكالات الإخبارية.

يقول الصحفي الإيراني المختص بالملف الاقتصادي علي رضائي لـ"هاف بوست عربي"، إنه في السنوات الأخيرة تم بيع شركات حكومية كبرى إلى شركات تابعة للحرس الثوري، وأغلب العقود الحكومية والمناقصات كانت تذهب إلى شركات الحرس الثوري.

وأضاف أنه بعد الاتفاق النووي، ورفع جزء من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، كان لا بد للحكومة أن تفسح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية "لكننا إلى الآن لم نحقق معدلاً جيداً في جذب تلك الاستثمارات، بسبب استحواذ الحرس على الاقتصاد الإيراني.

وقال إن الشركات الأجنبية لا ترغب أن تضخ أموالها مع كيانات اقتصادية مفروض عليها عقوبات، أو متورطة في حروب إقليمية، فالمستثمر الأجنبي "يريد الربح وليس الصراع"، حسب وصفه.

وإلى الآن لا توجد أي خطة واضحة قدَّمها وزير الدفاع لنقل النشاط الاقتصادي للجيش إلى الحكومة، ويبدو أن الأمر صعب السيطرة عليه، لشدة توغل الجيش والحرس في القطاعات المالية في إيران، غير أنه لم يصرح أحد من قادة الحرس الثوري بخصوص ذلك الأمر.




مشكلة البنوك






وتحدّث تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن الاحتجاجات الشعبية الإيرانية، التي اندلعت في 28 ديسمبر/كانون الأول 2017، في مدينة مشهد، وامتدت لتشمل أكثر من 80 مدينة بأنحاء البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن الفساد والمحسوبية في مصارف إيران كانا السببين الرئيسيين وراء هذه الاحتجاجات.

وقالت الصحيفة في تقرير تحليلي، إن بنك "كاسبيان" في طهران كان يدفع ما نسبته 25% كفائدة على حسابات التوفير، الأمر الذي جعل مئات الآلاف من الإيرانيين يبادرون إلى إيداع مدخراتهم في هذه المؤسسة المالية، وبعضهم بمدخرات هائلة.

لكن هذا البنك قرر منع سحب الوداع، ثم توقّف عن دفع الفوائد، وذلك قبل أن يعلن في نهاية المطاف عن انهياره وإغلاق أبوابه، في مايو/أيار 2017، وذلك ليصبح أحد أكبر المؤسسات المالية الإيرانية الفاشلة، ضمن سلسلة طويلة منها عبر السنوات الأخيرة، وليكشف عما تعانيه هذه المؤسسات المعنية من فساد كبير.

وأدى إغلاق هذا البنك لأبوابه إلى دمار مدخرات آلاف الإيرانيين، وتعريض النظام المصرفي الإيراني برمته للخطر، بل إن الأمر ساعد في اندلاع هذه الاحتجاجات العارمة الأخيرة المناهضة للحكومة الإيرانية، التي نادت بتنحي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات انتشرت على نطاق واسع في أنحاء إيران، وأنها تركزت في مدن وبلدات الطبقة العاملة والمناطق الدينية المحافظة، وامتدت إلى العاصمة طهران. وتحدثت عن قيام السلطات الإيرانية باعتقال العشرات، وعن تعرض بعض المحتجين للقتل، الأمر الذي أدى إلى تنديدات على المستوى الدولي.

وأضافت نيويورك تايمز أن خبراء الاقتصاد يرون أن الفشل الذي تشهده المؤسسات المالية في إيران لا يعتبر ناتجاً عن ممارسات مصرفية محفوفة بالمخاطر، ولكنه أيضاً نتيجة للفساد الرسمي المتفشّي في البلاد.

وكانت السلطات الإيرانية سمحت للعديد من المؤسسات المالية، بما فيها تلك التي اندمجت في 2016 لتشكيل بنك كاسبيان، سمحت لها بالمقامرة بالودائع أو الاعتماد على "مخططات بونزي" الاحتيالية -نسبة إلى المحتال الشهير تشارلز بونزي الذي ظهر في أوائل القرن العشرين- وذلك دون عقاب لسنوات.

وأوضحت الصحيفة أن سماح السلطات الإيرانية لهذه المؤسسات للقيام بهذه العمليات، يعود لكونها مملوكة للنخبة، بما فيها المؤسسات الدينية والحرس الثوري الإيراني أو صناديق الاستثمار شبه الرسمية الأخرى في البلاد.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2018/01/23/story_n_19062404.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات