يعد مصطلح الأصولية من المصطلحات ذات المفاهيم المتعددة، لكنه يُستخدم كثيراً في غير مفهومه الصحيح؛ إذ يعتبره البعض صفة مذمَّة؛ حيث يُرمى به اليوم كل من تمسَّك بأصل دينه وعاد إلى الشِّرب الأول والقرون الأولى المفضلة، فيظن الرامي أن هذه الطائفة قوم رجعيون لا يؤمنون بالتطور والتقدم فيرمونهم بالأصولية.
الأصولية في اللغة
الأصل في اللغة: أسفل الشيء أو جذره أو أصله، ويقال رجل أصيل: أي له أصل، ورأي أصيل أي له أصل، و"أصُل ككرُم؛ أي: صار ذا أصل أي ثبت ورسخ أصله".
مفهوم الأصولية في الفكر الغربي: (Fundamentalism)
الأصولية بالمعنى المعاصر مصطلح غربي النشأة والمضمون، ولأصله العربي مفاهيم أخرى ومضامين أخرى غير المقصودة في الفكر الغربي. والأصولية بالمعنى الغربي: "حركة بروتستانتية التوجه أميركية المنشأ انطلقت من (الحركة الألفية) وهي (طائفة منشقة عن البروتستانتية في القرن التاسع عشر أخذت بعض الإشارات العابرة التي وردت في العهد القديم وقامت بتفسيرها تفسيراً حرفياً ومنحتها مركزية مطلقة)"، والتي كانت تؤمن بالعودة المادية والجسدية للمسيح عليه السلام، وقد أدخل هذا المصطلح إلى المجال الإسلامي عام 1400هـ/1980م.
المستشرقون والأصولية
وقد تعامل المستشرقون مع التيارات الإسلامية بالطريقة نفسها؛ إذ يضعون التيارات والعقائد كلها في قفص واحد طبقاً للتجربة السابقة مع الأصولية الغربية؛ فهذا جارودي ينطلق في تعريفه للأصولية من قراءته للتعريفات الأجنبية في القواميس الفرنسية فقط، فالأصولية عنده يعرفها قاموس لاروس الصغير 1966م بأنها: موقف أولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة مع الظروف الجديدة.
وأما لاروس الجيب، فيطبقها سنة 1979م على الكاثوليكية وحدها وهي عنده: "استعداد فكري لدى بعض الكاثوليك الذين يكرهون التكيُّف مع ظروف الحياة الحديثة"، وفي لاروس الكبير 1984م: "الأصولية موقف جمود وتصلُّب معارِض لكل نمو وتطور، وهي مذهب محافظ متصلب، في موضوع المعتقد السياسي".
ومن ذلك، يتبين لنا أن الأصوليين في المفهوم الغربي هم: الذين يتمسكون بأصل دينهم، ويحافظون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ويرفضون الحداثة الغربية لمخالفة مضمونها للإسلام.
الأصولية في الدراسات الغربية
اهتمت الدراسات الغربية بما يسمى الأصولية اهتماماً ملحوظاً، حيث كشفت بعض الصحف أن "د. نداف سفران"، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، قد تلقى مبلغاً قدره (45) ألف دولار من وكالة الاستخبارات الأميركية من أجل إقامة مؤتمر دولي عن "الأصولية الإسلامية".
ولأن هذا المصطلح (الأصولية) لم يصطلح عليه المسلمون؛ بل هو اصطلاح وافد، لذا فإن من الصعب تحديد مفهوم للأصولية الإسلامية وإن كان مصطلح (أصولي) قد ورد في كتب التراث عند الحديث عن بعض العلماء، فيقال: كان أصولياً مفسراً محدثاً، وأكثر من تطلق عليهم كلمة (أصولي) هم علماء أصول الفقه، حتى إن علم الأصول حينما يطلق يراد به علم أصول الفقه.
ولعل السبب في تبني هذا المصطلح هو ما رآه الغربيون من صحوة إسلامية في بعض الأزمنة، تنادي بالشريعة وبتكييف العالم في تقاليده وتحركاته وسياساته حسب القواعد الأصيلة في الإسلام، فحاولوا بهذا المصطلح تشويه صورة الإسلام الصحيح، واتهامه بالرجعية والتخلف ومعاداة التقدم، من أجل تخويف العالم بحكوماته وشعوبه من العودة إلى تحكيم الإسلام في الحياة، والأقليات غير المسلمة والتكتلات المناهضة للإسلام.
يقول المستشرق الفرنسي "مكسيم رودنسون-Maxime Rodinson": "كانت هناك مجموعات في العالم الإسلامي تقول دائماً: إن حل مشكلات العصر يتم عن طريق الإسلام، وما زلوا يطالبون بالعودة إلى صدر الإسلام، وكانوا يؤكدون أن سبب المشاكل يكمن في الابتعاد عن الحلول التي طرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم وطبّقها خلال حياته، إذن يجب العودة إلى هذه الحلول، وكان هناك على الدوام من يطالب بالعودة إلى هذه الحقبة".
ويقول المستشرق الهولندي رودلف بيترز: "اليوم، فالحركة الأصولية حركة صماء ولا تقيم للحوار مع الغرب أية أهمية".
نقد مصطلح الأصولية
أولاً: تختلف وجهة النظر الغربية والإسلامية حول مصطلح الأصولية
مصطلح الأصولية لدى المسلمين سمة مدح تعني التمسك بالإسلام وأصوله، ولدى الغربيين متعلق بالصورة السلبية التي ورثوها من جرّاء أفعال الكنيسة قديماً مع العلم، والوقوف ضد العلماء.
ولما كان المستشرقون يسعون للترويج لإسلام لا علاقة بالدَّولة، ولا بالسِّيادة العامّة، ولا بالجهاد، ولا يمنع المسلمة من الزواج بغير المسلم، ويمنع التعدد، ولا يُفرِق في الميراث بين الرجل والمرأة، وكل هذه الأحكام من أصل الدين، فإنهم يَسِمُون المتمسك بها بالأصولية ذماً.
ثانياً: الأصولية الإسلامية لا تعني الجمود وليست ضد التقدم
إن استخدام المصطلح بالمفهوم الغربي يحمل اتهاماً للنصوص الإسلامية بأنها ليست ملائمة لما جدّ في القرون الحديثة من أحداث؛ ولذا فهم يتوهمون أن القرآن بنصوصه الدينية ضد التقدم العلمي، رغم أن الإسلام لم يعرف أي معركة من المعارك بين النص المنزل والتقدم العلمي والتطور الحضاري، وفي الإسلام نرى مصطلح "الاجتهاد"، وهو من مصطلحات الشريعة الإسلامية والتي تتناقض تناقضاً واضحا مع مصطلح الأصولية بالمفهوم الغربي.
ثالثاً: مصطلح الأصولية يُستخدم لتنفير الناس من الإسلام
الأصولية مصطلح مليء بمغالطات، أهمها محاولة تحسين وجه العلمانية عن طريق تنفير الناس من الدعوة إلى الرجوع إلى الإسلام، ووصف هذه الدعوة بالرجعية والتطرف والجمود "فالأصولي بالوصف العلماني هو شخص يعادي العقل والتفكير العملي ويحاول بالقوة فرض نموذجه الفاسد". وحينما يتم تنفير الناس من الرجوع إلى الإسلام تنشط دعوتهم إلى الأفكار المضادة باسم التنوير، والحداثة، والتقدم.
واستخدام هذا المصطلح هو الطريقة نفسها التي تعاملت بها الولايات المتحدة من الشيوعيين، حيث كان تصفهم بأوصاف تحمل على تنفير الشعوب منهم وتدعوهم إلى احترام النموذج الديمقراطي الليبرالي الأميركي.
وبهذا تظهر خطورة المصطلح باستكشاف المصطلح البديل الذي يسعي مستخدمو مصطلح "الأصولية" إلى ترويجه وهو "الحداثة"، التي تعني الانقلاب على الموروث الإسلامي، "وليس من المبالغة أن نقول إن مصطلحي الأصولية والحداثة من الكلمات التي تحكمت في مصير الشعوب عامة، أو إنها تتحكم حالياً في مصير شعوب العالم الثالث، وخاصة الشعوب الإسلامية والعربية".
رابعاً: يهدف المصطلح إلى تفتيت الأمة الإسلامية
كما يرمي مصطلح الأصولية إلى تفتيت المجتمع الإسلامي، من خلال تصنيفه إلى تيارات متناحرة، فالغرب عندما يتعامل مع العالم الإسلامي يقسمه إلى 3 شرائح "علمانية- إصلاحية- أصولية"، ويضع استراتيجيات معينة وفقاً لهذا التقسيم الذي توضحه مذكرة مرفوعة للكونغرس الأميركي بعنوان "المسلمون الأصوليون وسياسات الولايات المتحدة".
وقد جاء فيها أن الأصوليين يرون أن شريعة الله يجب أن تُنفَّذ كاملةً، وأن الأحكام والأوامر والنواهي يجب أن تُطبَّق، وهذا واجب إلزامي على المسلمين جميعاً، وهو في الوقت ذاته سبب عزتهم وقوتهم، والشريعة قابلة للتطبيق في العصر الراهن كما كانت صالحة للتطبيق في الماضي". كما جاء فيها أن "الأصوليين يرفضون الغرب ويصرون على عدائهم للولايات المتحدة".
خامساً: هذا المصطلح لتبرير الحرب على الثقافة الإسلامية
نضيف إلى ذلك، أن صناعة مصطلح الأصولية الإسلامية كان لتبرير وتأييد الحرب على الإسلام؛ وذلك من أجل التلبيس على الناس في كثير من المفاهيم الإسلامية التي لا يقرها الغربيون والتخويف منها باستخدام مصطلحات أكثر قبولاً لديهم مثل (الاستنارة والعقلانية والتقدمية) مما يتقبله المتحللون من أحكام الدين والداعون إلى الحرية المطلقة من كل القيود.
سادساً: التاريخ الإسلامي لا يعرف الأصولية بالمفهوم الغربي
فالأصولية بالمفهوم الغربي ترك الاجتهاد، وهي الرجعية والتخلف، وكل ذلك مما حذرت منه النصوص الدينية في الإسلام، فالتقليد المذموم شرعاً هو المفهوم ذاته من مصطلح الأصولية حسب المفهوم الغربي، والرجوع إلى القواعد والأصول والنصوص التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي الهادي فيما يجِدُّ من أحداث ونوازل، فالسير على خطواتهم والتزام منهجهم والعبادة حسبما أداها رسول الله، فرض واجب لا يسع المسلم خلافه.
وكل أئمتنا السابقين قد ضربوا في ذلك أروع الأمثلة، في الاجتهاد والتجديد، حتى كتب الإمام السيوطي -رحمه الله- قديماً كتابه "التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة". وحديث التجديد "إن الله يبعث لأمتي على رأس كل مائة من يجدد لها دينها" من الأحاديث التي لم تغب عن أولئك الأئمة، فكان في كل عصر منهم مجدد، وكانوا جميعاً مصلحين، وللحق طالبين، وللخير ناشرين.
الأصولية في اللغة
الأصل في اللغة: أسفل الشيء أو جذره أو أصله، ويقال رجل أصيل: أي له أصل، ورأي أصيل أي له أصل، و"أصُل ككرُم؛ أي: صار ذا أصل أي ثبت ورسخ أصله".
مفهوم الأصولية في الفكر الغربي: (Fundamentalism)
الأصولية بالمعنى المعاصر مصطلح غربي النشأة والمضمون، ولأصله العربي مفاهيم أخرى ومضامين أخرى غير المقصودة في الفكر الغربي. والأصولية بالمعنى الغربي: "حركة بروتستانتية التوجه أميركية المنشأ انطلقت من (الحركة الألفية) وهي (طائفة منشقة عن البروتستانتية في القرن التاسع عشر أخذت بعض الإشارات العابرة التي وردت في العهد القديم وقامت بتفسيرها تفسيراً حرفياً ومنحتها مركزية مطلقة)"، والتي كانت تؤمن بالعودة المادية والجسدية للمسيح عليه السلام، وقد أدخل هذا المصطلح إلى المجال الإسلامي عام 1400هـ/1980م.
المستشرقون والأصولية
وقد تعامل المستشرقون مع التيارات الإسلامية بالطريقة نفسها؛ إذ يضعون التيارات والعقائد كلها في قفص واحد طبقاً للتجربة السابقة مع الأصولية الغربية؛ فهذا جارودي ينطلق في تعريفه للأصولية من قراءته للتعريفات الأجنبية في القواميس الفرنسية فقط، فالأصولية عنده يعرفها قاموس لاروس الصغير 1966م بأنها: موقف أولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة مع الظروف الجديدة.
وأما لاروس الجيب، فيطبقها سنة 1979م على الكاثوليكية وحدها وهي عنده: "استعداد فكري لدى بعض الكاثوليك الذين يكرهون التكيُّف مع ظروف الحياة الحديثة"، وفي لاروس الكبير 1984م: "الأصولية موقف جمود وتصلُّب معارِض لكل نمو وتطور، وهي مذهب محافظ متصلب، في موضوع المعتقد السياسي".
ومن ذلك، يتبين لنا أن الأصوليين في المفهوم الغربي هم: الذين يتمسكون بأصل دينهم، ويحافظون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ويرفضون الحداثة الغربية لمخالفة مضمونها للإسلام.
الأصولية في الدراسات الغربية
اهتمت الدراسات الغربية بما يسمى الأصولية اهتماماً ملحوظاً، حيث كشفت بعض الصحف أن "د. نداف سفران"، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، قد تلقى مبلغاً قدره (45) ألف دولار من وكالة الاستخبارات الأميركية من أجل إقامة مؤتمر دولي عن "الأصولية الإسلامية".
ولأن هذا المصطلح (الأصولية) لم يصطلح عليه المسلمون؛ بل هو اصطلاح وافد، لذا فإن من الصعب تحديد مفهوم للأصولية الإسلامية وإن كان مصطلح (أصولي) قد ورد في كتب التراث عند الحديث عن بعض العلماء، فيقال: كان أصولياً مفسراً محدثاً، وأكثر من تطلق عليهم كلمة (أصولي) هم علماء أصول الفقه، حتى إن علم الأصول حينما يطلق يراد به علم أصول الفقه.
ولعل السبب في تبني هذا المصطلح هو ما رآه الغربيون من صحوة إسلامية في بعض الأزمنة، تنادي بالشريعة وبتكييف العالم في تقاليده وتحركاته وسياساته حسب القواعد الأصيلة في الإسلام، فحاولوا بهذا المصطلح تشويه صورة الإسلام الصحيح، واتهامه بالرجعية والتخلف ومعاداة التقدم، من أجل تخويف العالم بحكوماته وشعوبه من العودة إلى تحكيم الإسلام في الحياة، والأقليات غير المسلمة والتكتلات المناهضة للإسلام.
يقول المستشرق الفرنسي "مكسيم رودنسون-Maxime Rodinson": "كانت هناك مجموعات في العالم الإسلامي تقول دائماً: إن حل مشكلات العصر يتم عن طريق الإسلام، وما زلوا يطالبون بالعودة إلى صدر الإسلام، وكانوا يؤكدون أن سبب المشاكل يكمن في الابتعاد عن الحلول التي طرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم وطبّقها خلال حياته، إذن يجب العودة إلى هذه الحلول، وكان هناك على الدوام من يطالب بالعودة إلى هذه الحقبة".
ويقول المستشرق الهولندي رودلف بيترز: "اليوم، فالحركة الأصولية حركة صماء ولا تقيم للحوار مع الغرب أية أهمية".
نقد مصطلح الأصولية
أولاً: تختلف وجهة النظر الغربية والإسلامية حول مصطلح الأصولية
مصطلح الأصولية لدى المسلمين سمة مدح تعني التمسك بالإسلام وأصوله، ولدى الغربيين متعلق بالصورة السلبية التي ورثوها من جرّاء أفعال الكنيسة قديماً مع العلم، والوقوف ضد العلماء.
ولما كان المستشرقون يسعون للترويج لإسلام لا علاقة بالدَّولة، ولا بالسِّيادة العامّة، ولا بالجهاد، ولا يمنع المسلمة من الزواج بغير المسلم، ويمنع التعدد، ولا يُفرِق في الميراث بين الرجل والمرأة، وكل هذه الأحكام من أصل الدين، فإنهم يَسِمُون المتمسك بها بالأصولية ذماً.
ثانياً: الأصولية الإسلامية لا تعني الجمود وليست ضد التقدم
إن استخدام المصطلح بالمفهوم الغربي يحمل اتهاماً للنصوص الإسلامية بأنها ليست ملائمة لما جدّ في القرون الحديثة من أحداث؛ ولذا فهم يتوهمون أن القرآن بنصوصه الدينية ضد التقدم العلمي، رغم أن الإسلام لم يعرف أي معركة من المعارك بين النص المنزل والتقدم العلمي والتطور الحضاري، وفي الإسلام نرى مصطلح "الاجتهاد"، وهو من مصطلحات الشريعة الإسلامية والتي تتناقض تناقضاً واضحا مع مصطلح الأصولية بالمفهوم الغربي.
ثالثاً: مصطلح الأصولية يُستخدم لتنفير الناس من الإسلام
الأصولية مصطلح مليء بمغالطات، أهمها محاولة تحسين وجه العلمانية عن طريق تنفير الناس من الدعوة إلى الرجوع إلى الإسلام، ووصف هذه الدعوة بالرجعية والتطرف والجمود "فالأصولي بالوصف العلماني هو شخص يعادي العقل والتفكير العملي ويحاول بالقوة فرض نموذجه الفاسد". وحينما يتم تنفير الناس من الرجوع إلى الإسلام تنشط دعوتهم إلى الأفكار المضادة باسم التنوير، والحداثة، والتقدم.
واستخدام هذا المصطلح هو الطريقة نفسها التي تعاملت بها الولايات المتحدة من الشيوعيين، حيث كان تصفهم بأوصاف تحمل على تنفير الشعوب منهم وتدعوهم إلى احترام النموذج الديمقراطي الليبرالي الأميركي.
وبهذا تظهر خطورة المصطلح باستكشاف المصطلح البديل الذي يسعي مستخدمو مصطلح "الأصولية" إلى ترويجه وهو "الحداثة"، التي تعني الانقلاب على الموروث الإسلامي، "وليس من المبالغة أن نقول إن مصطلحي الأصولية والحداثة من الكلمات التي تحكمت في مصير الشعوب عامة، أو إنها تتحكم حالياً في مصير شعوب العالم الثالث، وخاصة الشعوب الإسلامية والعربية".
رابعاً: يهدف المصطلح إلى تفتيت الأمة الإسلامية
كما يرمي مصطلح الأصولية إلى تفتيت المجتمع الإسلامي، من خلال تصنيفه إلى تيارات متناحرة، فالغرب عندما يتعامل مع العالم الإسلامي يقسمه إلى 3 شرائح "علمانية- إصلاحية- أصولية"، ويضع استراتيجيات معينة وفقاً لهذا التقسيم الذي توضحه مذكرة مرفوعة للكونغرس الأميركي بعنوان "المسلمون الأصوليون وسياسات الولايات المتحدة".
وقد جاء فيها أن الأصوليين يرون أن شريعة الله يجب أن تُنفَّذ كاملةً، وأن الأحكام والأوامر والنواهي يجب أن تُطبَّق، وهذا واجب إلزامي على المسلمين جميعاً، وهو في الوقت ذاته سبب عزتهم وقوتهم، والشريعة قابلة للتطبيق في العصر الراهن كما كانت صالحة للتطبيق في الماضي". كما جاء فيها أن "الأصوليين يرفضون الغرب ويصرون على عدائهم للولايات المتحدة".
خامساً: هذا المصطلح لتبرير الحرب على الثقافة الإسلامية
نضيف إلى ذلك، أن صناعة مصطلح الأصولية الإسلامية كان لتبرير وتأييد الحرب على الإسلام؛ وذلك من أجل التلبيس على الناس في كثير من المفاهيم الإسلامية التي لا يقرها الغربيون والتخويف منها باستخدام مصطلحات أكثر قبولاً لديهم مثل (الاستنارة والعقلانية والتقدمية) مما يتقبله المتحللون من أحكام الدين والداعون إلى الحرية المطلقة من كل القيود.
سادساً: التاريخ الإسلامي لا يعرف الأصولية بالمفهوم الغربي
فالأصولية بالمفهوم الغربي ترك الاجتهاد، وهي الرجعية والتخلف، وكل ذلك مما حذرت منه النصوص الدينية في الإسلام، فالتقليد المذموم شرعاً هو المفهوم ذاته من مصطلح الأصولية حسب المفهوم الغربي، والرجوع إلى القواعد والأصول والنصوص التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي الهادي فيما يجِدُّ من أحداث ونوازل، فالسير على خطواتهم والتزام منهجهم والعبادة حسبما أداها رسول الله، فرض واجب لا يسع المسلم خلافه.
وكل أئمتنا السابقين قد ضربوا في ذلك أروع الأمثلة، في الاجتهاد والتجديد، حتى كتب الإمام السيوطي -رحمه الله- قديماً كتابه "التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة". وحديث التجديد "إن الله يبعث لأمتي على رأس كل مائة من يجدد لها دينها" من الأحاديث التي لم تغب عن أولئك الأئمة، فكان في كل عصر منهم مجدد، وكانوا جميعاً مصلحين، وللحق طالبين، وللخير ناشرين.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/-mahmoud-abdullah-torad/post_16701_b_18957250.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات