قرأت سؤالها على صفحتها الشخصية على فيس بوك، وظننت أنني أعرف الإجابة، وبالفعل هممت بإجابتها. ثم توقفت.
هذا هو السؤال: هل واجبنا أن ندفع أولادنا ليكونوا الأشطر والأحسن، والأكثر طاعة، والأفضل سلوكاً، في العالم؟
هل إذا فعلنا، سنضمن لهم الأمان والسعادة؟ إذا كان هذا هو واجبنا تجاه أطفالنا، كيف نضمن أنهم لن يتحولوا لمجرد امتداد مشوه لأحلامنا، أو مسخ مجتمعي جديد؟ إذا فرضنا أنني استطعت أن أتركه ليكون شخصا مستقلا عني تماماً، إلى أي مدى أتركه؟ ما هي النقطة التي يجب أن أتدخل فيها، غير أنه يكون مؤذيا لنفسه أو لغيره؟
في البداية هممت أن أبسط الأمور كعادتي، وأتحدث عن حق كل إنسان في الاختيار وعن حقه في الخطأ، وبالتالي التعلم من أخطائه. أردت أن أستفيض في حق تقرير المصير والحق في السعادة وفقاً للمنظور الشخصي لكل أنسان.
توقفت!
توقفت لأنني ضبطت نفسي متلبسة بالكذب والتنظير!
عندما كان آدم جنيناً برحمي، كتبت وذكرت في أكثر من موضع، أنني لا أريد له أي شيء سوى أن يكون سعيداً، وأنني سوف أتخذ دور المشاهد في حياته، أشاهد شخصيته تتفتح أمامي، وأتقبل تفردها. تعهدت بعدم إجباره على شيء وعدم التدخل في حياته أو تكوينه. وعدته كذلك بالحب غير المشروط.
التزمت بوعدي هذا تماماً لمدة ستة أشهر من بعد ميلاده ثم بدأت أتدخل فيما يأكل وبدأت في وضع قواعدي الخاصة بخصوص المسموحات والممنوعات من الأطعمة.
في أول ثلاثة أعوام من عمر آدم، باستثناء قواعدي الصريحة الواضحة في الغذاء، لم أفرض عليه شيئا ولم أتدخل في شيء. كنت مستمتعة تماماً بمتابعة كل مهارة جديدة وكل تطور وكل كلمة وكل لفتة.
بدأت أخالف وعدي له بعد ذلك تدريجياً!
الجمباز! تدريبات الجمباز شاقة ومرهقة ولكنها، في حالة آدم، ضرورية لتحسين مهاراته الحركية ولتحميه من تشوهات ومشاكل أخرى كثيرة سببها ضعف العضلات وقلة التوافق العضلي العصبي بين نصفي الجسد، الأيمن والأيسر.
الطعام! أصبحت الأطعمة الصحية هي فقط المسموحة. كل ما هو في كيس أو علبة، كل ما هو مُصنع أو به مواد حافظة ... ممنوع.
التليفزيون! ممنوع ومغلق.
البيانو والريكوردر (آلة نفخ)! آدم يحب دروس الموسيقى ولكنه لا يحب الالتزام بالتدريبات اليومية والتكرار والحفظ. الدروس لن تكون مجدية إلا مع التدريب المستمر. هذه التدريبات تقوي كل العضلات المسؤولة عن الحركة الدقيقة والذاكرة والتركيز والإنصات وعضلات الفم والتحكم بالنَفَس وتؤثر إيجابياً على قدرته على الكلام.
اللغة الإنجليزية واللغة الصينية! يجد آدم صعوبة بالغة في تعلم اللغات. كأمه، وكشخص أكبر منه بأربعين سنة، أدرك جيداً أن الإنسان الذي لا يجيد أكثر من لغة ستكون فرصه محدودة للغاية. تعلم اللغات أساسي، وفي حالته تحديداً، يساعد على تنمية مهارات اللغة والتخاطب.
الكتابة! بدأت مؤخراً أطلب من آدم الكتابة. آدم لا يحب الكتابة! أنا أفرض عليه بعض تدريبات الكتابة!
العلاقات! إدمان العلاقات المسيئة غير المتكافئة في الحب والعطاء لعنة! بدأت أتدخل في مساعدة آدم على تصنيف الأطفال في حياته. في البداية، اعتبر آدم الكل أصدقاء وكان يُصدم من تصرفات البعض معه. بدأت أتدخل لأوضح له الفرق بين المعارف والزملاء والأصدقاء والتصرفات التي تساعده على هذا التصنيف. لم أستطع أن أشاهده حزين أو متألم بسبب إساءة أو سخافة طفولية. أعلم أنني أيضاً لن أستطيع أن أقف ساكنة وأتركه يواجه أي هراء عاطفي وحده.
هذه بعض الأمثلة التي أتذكرها بوضوح لاختراقي لميثاق الأمومة المبدئي الذي عقدته مع آدم وهو جنين في رحمي.
هناك أشياء غير هذه الأمثلة، أو شبهها، يفرضها الأهل على أطفالهم "من أجل مصلحتهم".
الحقيقة المؤلمة، أنك كأم، أو كأب، لن يمكنكما ترك الطفل هكذا بدون تدخل!
أما بالنسبة لنقطة التدخل فقط إذا كان الطفل يؤذي نفسه أو يؤذي غيره، فهي أمراً نسبياً تماماً.
أنا أرى أن كل تدخلاتي السابقة وإكراهي لآدم على الالتزام بأشياء رغم إرادته، حتى لا يؤذي نفسه.
ماذا ستفعلين إذا بدأ طفلك، بسن المراهقة أو بعدها، التدخين؟ المخدرات؟ العلاقات التي تعرضه للعدوى الجنسية؟
هل ستتركينه لأن هذه اختياراته الشخصية وحقه في الخطأ؟ هل ستتدخلين لأنه يؤذي نفسه وقد يؤذي غيره؟
ماذا ستفعلين إذا كبر طفلك وأصبح صائع بلا عمل؟ اختار أن يكون عاطلاً؟ أو انضم لتنظيم ما، أو حزب ما، تصنفينه على أنه تنظيم إرهابي، أو حزب خائن؟
هل يمكنك أن تتركيه يصادق أصدقاء السوء؟ هل حقاً لن تتدخلي، ولو بنصيحة، في علاقاته العاطفية؟
الخبر الجيد: دورك في التربية ينتهي ببداية المراهقة.
الخبر السيء: من بعد عمر الثالثة عشر، ليس بيدك سوى النصح والتوجيه ... وستجنين ثمار ما زرعتيه في السنوات السابقة.
هذه التدوينة منشورة على موقع مصر العربية
هذا هو السؤال: هل واجبنا أن ندفع أولادنا ليكونوا الأشطر والأحسن، والأكثر طاعة، والأفضل سلوكاً، في العالم؟
هل إذا فعلنا، سنضمن لهم الأمان والسعادة؟ إذا كان هذا هو واجبنا تجاه أطفالنا، كيف نضمن أنهم لن يتحولوا لمجرد امتداد مشوه لأحلامنا، أو مسخ مجتمعي جديد؟ إذا فرضنا أنني استطعت أن أتركه ليكون شخصا مستقلا عني تماماً، إلى أي مدى أتركه؟ ما هي النقطة التي يجب أن أتدخل فيها، غير أنه يكون مؤذيا لنفسه أو لغيره؟
في البداية هممت أن أبسط الأمور كعادتي، وأتحدث عن حق كل إنسان في الاختيار وعن حقه في الخطأ، وبالتالي التعلم من أخطائه. أردت أن أستفيض في حق تقرير المصير والحق في السعادة وفقاً للمنظور الشخصي لكل أنسان.
توقفت!
توقفت لأنني ضبطت نفسي متلبسة بالكذب والتنظير!
عندما كان آدم جنيناً برحمي، كتبت وذكرت في أكثر من موضع، أنني لا أريد له أي شيء سوى أن يكون سعيداً، وأنني سوف أتخذ دور المشاهد في حياته، أشاهد شخصيته تتفتح أمامي، وأتقبل تفردها. تعهدت بعدم إجباره على شيء وعدم التدخل في حياته أو تكوينه. وعدته كذلك بالحب غير المشروط.
التزمت بوعدي هذا تماماً لمدة ستة أشهر من بعد ميلاده ثم بدأت أتدخل فيما يأكل وبدأت في وضع قواعدي الخاصة بخصوص المسموحات والممنوعات من الأطعمة.
في أول ثلاثة أعوام من عمر آدم، باستثناء قواعدي الصريحة الواضحة في الغذاء، لم أفرض عليه شيئا ولم أتدخل في شيء. كنت مستمتعة تماماً بمتابعة كل مهارة جديدة وكل تطور وكل كلمة وكل لفتة.
بدأت أخالف وعدي له بعد ذلك تدريجياً!
الجمباز! تدريبات الجمباز شاقة ومرهقة ولكنها، في حالة آدم، ضرورية لتحسين مهاراته الحركية ولتحميه من تشوهات ومشاكل أخرى كثيرة سببها ضعف العضلات وقلة التوافق العضلي العصبي بين نصفي الجسد، الأيمن والأيسر.
الطعام! أصبحت الأطعمة الصحية هي فقط المسموحة. كل ما هو في كيس أو علبة، كل ما هو مُصنع أو به مواد حافظة ... ممنوع.
التليفزيون! ممنوع ومغلق.
البيانو والريكوردر (آلة نفخ)! آدم يحب دروس الموسيقى ولكنه لا يحب الالتزام بالتدريبات اليومية والتكرار والحفظ. الدروس لن تكون مجدية إلا مع التدريب المستمر. هذه التدريبات تقوي كل العضلات المسؤولة عن الحركة الدقيقة والذاكرة والتركيز والإنصات وعضلات الفم والتحكم بالنَفَس وتؤثر إيجابياً على قدرته على الكلام.
اللغة الإنجليزية واللغة الصينية! يجد آدم صعوبة بالغة في تعلم اللغات. كأمه، وكشخص أكبر منه بأربعين سنة، أدرك جيداً أن الإنسان الذي لا يجيد أكثر من لغة ستكون فرصه محدودة للغاية. تعلم اللغات أساسي، وفي حالته تحديداً، يساعد على تنمية مهارات اللغة والتخاطب.
الكتابة! بدأت مؤخراً أطلب من آدم الكتابة. آدم لا يحب الكتابة! أنا أفرض عليه بعض تدريبات الكتابة!
العلاقات! إدمان العلاقات المسيئة غير المتكافئة في الحب والعطاء لعنة! بدأت أتدخل في مساعدة آدم على تصنيف الأطفال في حياته. في البداية، اعتبر آدم الكل أصدقاء وكان يُصدم من تصرفات البعض معه. بدأت أتدخل لأوضح له الفرق بين المعارف والزملاء والأصدقاء والتصرفات التي تساعده على هذا التصنيف. لم أستطع أن أشاهده حزين أو متألم بسبب إساءة أو سخافة طفولية. أعلم أنني أيضاً لن أستطيع أن أقف ساكنة وأتركه يواجه أي هراء عاطفي وحده.
هذه بعض الأمثلة التي أتذكرها بوضوح لاختراقي لميثاق الأمومة المبدئي الذي عقدته مع آدم وهو جنين في رحمي.
هناك أشياء غير هذه الأمثلة، أو شبهها، يفرضها الأهل على أطفالهم "من أجل مصلحتهم".
الحقيقة المؤلمة، أنك كأم، أو كأب، لن يمكنكما ترك الطفل هكذا بدون تدخل!
أما بالنسبة لنقطة التدخل فقط إذا كان الطفل يؤذي نفسه أو يؤذي غيره، فهي أمراً نسبياً تماماً.
أنا أرى أن كل تدخلاتي السابقة وإكراهي لآدم على الالتزام بأشياء رغم إرادته، حتى لا يؤذي نفسه.
ماذا ستفعلين إذا بدأ طفلك، بسن المراهقة أو بعدها، التدخين؟ المخدرات؟ العلاقات التي تعرضه للعدوى الجنسية؟
هل ستتركينه لأن هذه اختياراته الشخصية وحقه في الخطأ؟ هل ستتدخلين لأنه يؤذي نفسه وقد يؤذي غيره؟
ماذا ستفعلين إذا كبر طفلك وأصبح صائع بلا عمل؟ اختار أن يكون عاطلاً؟ أو انضم لتنظيم ما، أو حزب ما، تصنفينه على أنه تنظيم إرهابي، أو حزب خائن؟
هل يمكنك أن تتركيه يصادق أصدقاء السوء؟ هل حقاً لن تتدخلي، ولو بنصيحة، في علاقاته العاطفية؟
الخبر الجيد: دورك في التربية ينتهي ببداية المراهقة.
الخبر السيء: من بعد عمر الثالثة عشر، ليس بيدك سوى النصح والتوجيه ... وستجنين ثمار ما زرعتيه في السنوات السابقة.
هذه التدوينة منشورة على موقع مصر العربية
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/uoeuoe-oeoeoe/post_16792_b_19054188.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات