الاثنين، 1 يناير 2018

الصحافة ليست فقط سلطة رابعة

الصحافة ليست فقط سلطة رابعة

أن تكون صحفياً هو أن تحمل جنسية ثقافية كاملة، بمعنى أدق وأوضح أن تكون مركز الأرض وما يدور حولك.

الصّحافة ليست فقط سُلطة رابعة لها قوانين وقواعد كثيرة تضبط الصّحفي من أجل المهنية، بل هي تتجاوز ذلك، فالصحافة العضلة القوية التي يمتلكُها الصحفي من خلال مواقفه النبيلة والنضالية.

أن تكون صحفياً فأنت تتدرّب على الموت في كل ثانية من أجل إيصال الواقع والحقيقة، ليست مهنة سهلة أو عادية.

إن الصحفي متلوّن يوماً تجدهُ مؤرّخاً يؤرّخ حرباً ما تحدث ليوثّقها لتتناقلها الأجيال ويوماً تجدُ الصحفي صانع أفلام يصوّر اللّقطة، ويوماً تجدهُ مدوّناً، كاتباً وروائياً.

إن الصّحافة هي المهنة التي تقوم على جمع وتحليل الأخبار والتّحقيق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور، وغالباً ما تكون هذه الأخبار متعلّقة بمستجدات الأحداث على الساحة السياسية أو المحلية أو الثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية وغيرها.
إن الصّحافة هي إبراز الدور المؤثر لوسائل الإعلام ليس في تعميم المعرفة والتوعية والتنوير فحسب بل في تشكيل الرأي، وتوجيه الرأي العام والإفصاح عن المعلومات وخلق القضايا وتمثيل الحكومة لدى الشعب وتمثيل الشعب لدى الحكومة وتمثيل الأمم.

إن الصّحافة ووسائل الإعلام عموماً هي رابع السلطة المعينة، هي القوّة التي تؤثر في الشعب وتعادل أو ربما تفوق قوّة الحكومة.

إن الصّحفي سلاحهُ الوحيد "كاميرا، وقلم وورقة" يقدّم حياته من أجل التقاط الحقيقة وإظهارها للشعب، يقول أوسكار وايلد: "في أميركا، يحكم الرئيس لأربع سنوات، بينما تحكم الصحافة إلى الأبد"، إنها الرصاصة التي تخرج من قلم الصحفي إلى جريدة الشعب مروراً بمنصات التواصل الاجتماعي.

هي الكاميرا التي يوجهها الصحفي مباشرة من قلب الحدث إلى أنظار الشعب من خلال تعرية الحقيقة.

فلماذا السلطة الحاكمة تُهاجم الصحافة وفي الأصل هي سلطة رابعة لها مكانة؟ لماذا يتعرض الصحفيون إلى الاعتداءات والخطف والتنكيل بهم وقتلهم؟ أليس على الصحفي أن يتمتع بكافة مقوّمات الحرية التي أقسم عليها كصحفي؟ أليس الصحفي هو مرآة الواقع وعين الشعب؟ أليس دور الصحفي هو حماية الشعب من الاستبداد وعلى الشعب أن يحمي الصحفي أيضاً؟ أليس الصحفي بالأساس صوت الشعب؟

إن الصّحافة الحرة تمثل العائق الوحيد أمام النظام الحاكم وهي أيضاً الجسر بين الحقيقة والواقع. لطالما شكلت الصحافة قلقاً في حال كانت أقلام الصحفيين أصابع اتهام للنظام وهذا ما نُشاهده بارزاً من خلال الحملات التي تشنها بعض السلطات ضد أي قناة إخبارية نزيهة.

ولكن في حال كانت الصحافة مع السلطة الحاكمة فهي تُصبح محلّ ترحيب سواء من أغلبية الشعب الذي مع السلطة الحاكمة أو من السلطة نفسها والأمثلة كثيرة في هذا السياق.

يقول مصطفى أمين: "إن الصّحافة الحرة تقول للحاكم ما يريده الشعب، وليس أن تقول للشعب ما يريده الحاكم". وأيضاً: "إذا كانت الصحافة حرة بإمكان الجميع القراءة فسوف يعم الأمان"، حسب توماس جيفرسون.

إن الصّحافة تحمل جنسية ثقافية كاملة، بمعنى أدق وأوضح هي من أهم الأسس في الدولة أن تكون صحفياً فأنت حرٌ وأيضاً ليست مهنة سهلة أو عادية.

إن الصّحافة هي الحقيقة الوحيدة التي تجعل الشعب يدرك حقيقته في أرضه وما يدور حوله. إن الصّحافة تتجاوز السلطة الرابعة، هي عمق الشعب الذي ثار يوماً ضد الاستبداد، وكان الصحفي نقطة الوصل بين الشارع والتغيير. الصحافة كان وسيبقى لها الفضل في كل التحولات التي تحدث، والصحفي مستعد أن يقدم روحه من أجل الحقيقة، ومن أجل الشعب، وهنا أتحدث عن الصحافة الحرة التي تحمل قلماً حراً وصادقاً.

أن تكون صحفياً فأنت ملكت الحقيقة وتقوقعت في قلب الواقع واقتربت من الموت ونقلت الأحداث بكل تضحية وحيادية.

الصحفي هو الواقع وأفتخر أن أعيش تجربة الصحافة، فأنا أقترب من الإنسانية وتحمل المسؤولية.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/marwa-abdel-razzaq/-_14457_b_18887026.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات