السبت، 13 يناير 2018

"أسوأ من حلب".. نظام الأسد يدمّر إدلب والأسر ترسم مخططات لمنازلها حتى يتمكّن رجال الإنقاذ من إخراجهم من تحت الركام في حال القصف!

"أسوأ من حلب".. نظام الأسد يدمّر إدلب والأسر ترسم مخططات لمنازلها حتى يتمكّن رجال الإنقاذ من إخراجهم من تحت الركام في حال القصف!

ذكّر قصف النظام السوري لمدينة إدلب الرأي العام بالمجازر التي وقعت في حلب قبل نحو عامين، بعد الضربات الجوية الشديدة التي قام بها نظام الأسد قبل أيام، التي على إثرها احتجت تركيا وطالبت روسيا بوقف هذه العلميات، وإلا فإن أنقرة ستتدخل.

هذا القصف جعل الأسر في المدينة التي تسيطر عليها قوات المعارضة تقوم برسم مخططاتٍ لبيوتها، أوضحت فيها الأماكن التي يمكن لرجال الإنقاذ العثور عليهم فيها من تحت الركام إذا ما قُصِفوا، ومنحتها للجيران، بحسب تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية الجمعة 12 يناير/ كانون الثاني 2018.

وقال أحد السكان: "لقد التقطنا صورة للمكان الذي نبيت به جميعاً، حتى يعلم رجال الإنقاذ من أين يُمكنهم البدء في البحث عنا. وسلمنا هذه الصورة لأصدقاءٍ تحسباً لما قد يحدث في المستقبل، وهم بعيدون بدرجةٍ كافية نأمل معها ألا تُسوَّى منازلهم بالأرض".

وفي محاولته للسيطرة على أكبر المعاقل المتبقية التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد، يسعى النظام إلى شنِّ هجومٍ مميت بدرجةٍ قد تجعله الأكثر وحشية في الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إنَّ حوالي مائة ألف مدني نزحوا من جنوب إدلب وحماة المجاورة في غضون أسبوع، وهو ما يُعَد أحد أكبر حركات النزوج الجماعي منذ بدء النزاع في عام 2011.

وقال أحمد الشيخو، أحد المنقذين في فرق الخوذات البيضاء بالمدينة، في حديثٍ له عبر الهاتف مع صحيفة التليغراف البريطانية، إنَّ "الوضع في إدلب اليوم أسوأ بكثير مما كان عليه في حلب قبل عام، إذ يتضاعف القصف يومياً، خاصة على الضواحي الجنوبية. لا يُمكنني أن أصفه إلا بسياسة الأرض المحروقة".

وأضاف: "كانت آخر مهمة إنقاذ شاركت فيها مع فريقي قبل أيام قليلة، عندما أدَّت قنبلة كبيرة لمقتل 31 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال. لقد رأيتُ العديد من الحوادث من قبل، لكنَّ هذا الحادث كان مختلفاً".

وتابع: "كان الشيء الأكثر رعباً هي تلك النظرات على وجوه الناجين، الذين لم يعوا كيف تمكنوا من النجاه، أو ما الذي ينتظرهم مستقبلاً".


السيطرة أولاً على الأجزاء الجنوبية

ويأمل النظام في السيطرة أولاً على الأجزاء الجنوبية الشرقية من محافظة إدلب، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام بصورةٍ واسعة، حتى يتمكن من تأمين الطريق الرئيسي بين العاصمة دمشق وحلب.

وتُعد إدلب واحدة من ضمن أربع مناطق "خفض تصعيد"، اتفقت عليها روسيا وإيران، الداعمين للأسد، بالإضافة إلى تركيا، التي تدعم المعارضة، أثناء مباحثات سلام العام الماضي، 2017. وقالت تركيا إنَّ الهجوم الأخير يُعَد انتهاكاً واضحاً للاتفاق.

وقال الشيخو إنَّ أعداداً كبيرة من النازحين بسبب القتال في جنوب إدلب تكتظ بهم الآن أحياءٌ أخرى بالشمال، ما أدَّى إلى عددٍ غير مسبوق من الضحايا الذين يسقطون في الضربة الجوية الواحدة.

وتابع: "ظنَّ الناس أنَّ إدلب هي الوجهة النهائية والأكثر أماناً لهم، والآن عندما تقع مثل هذه الهجمات، يُصبِح عدد المصابين والقتلى صادِماً".

وقد وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 120 مدنياً، بينهم 33 طفلاً و25 امرأة، منذ بدء الهجوم، في نهاية ديسمبر/كانون الأول، بحسب الصحيفة البريطانية.

وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير حكومية تهدف لتقديم المساعدات الإنسانية والتنمية الدولية، لصحيفة التلغراف البريطانية، إنَّ أكثر من ثلثي النازحين يعيشون في خيام مؤقتة بالقرب من الحدود التركية، بينما يعيش الباقون إمَّا في منازل مهجورة أو غير مكتملة البناء أو في مساكن مستأجرة.

وقالت أمٌّ لطفلين توأمين، وصلت إلى المخيم بمساعدة لجنة الإنقاذ الدولية، إنَّها تركت أحد أطفالها وراءها تحت وطأة حالة الذعر والرغبة في الهروب من الغارات الجوية. وأضافت: "لم نستطع التفكير بصورةٍ صحيحة، وأثّر الخوف على عقولنا". وقد جُمِع شمل الأسرة في وقتٍ لاحق.

واضطر أولئك الذين لم يستطيعوا الوصول لمواقع المخيمات إلى النوم في الشوارع، في ظروف البرد القارس، وهم يرتدون القليل من الملابس التي تمكَّنوا من أخذها معهم، بحسب تلغراف.

ووفقاً للسلطات التركية، يحاول مئات الأشخاص التسلل كل يوم عبر الحدود المغلقة مع تركيا، لكن يُقبض عليهم ويعودون إلى سوريا مرةً أخرى.

وقال توماس غاروفالو، مدير الشؤون العامة لمنطقة الشرق الأوسط في لجنة الإنقاذ الدولية: "نحن قلقون للغاية على سلامة 2.6 مليون شخص يعيشون في إدلب، إذا ما استمر الوضع في التصاعد. لقد أبَلَغَنا الناس أنَّه لم يكن أمامهم خيار سوى اقتلاع أنفسهم مرةً أخرى والتوجه نحو الشمال".

ومؤخراً، تعمل أنقرة، التي تُعارض الأسد بشدة، مع موسكو وطهران من أجل التوصل إلى حلٍّ سياسي للصراع، لكنَّ مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، قال إنَّ الهجوم على إدلب يُعرِّض هذه الجهود للخطر.

وأضاف: "إنَّها ليست ضربة جوية بسيطة، ونظام الأسد يتقدم في إدلب. الهدف مختلفٌ هنا. إذا كان الهدف هو دفع بعض جماعات المعارضة للذهاب إلى سوتشي، فإنَّ ما يحدث سيؤدي لنتائج عكسية"، مشيراً بذلك إلى خطط روسيا لاستضافة اجتماع حول سوريا نهاية الشهر الجاري.

محادثات سلام منافسة

وعرضت روسيا قيادة محادثات سلام مُنافِسة فى محاولةٍ لتهميش عملية جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي تُعد بعد سنواتٍ لم يُحرَز فيها سوى القليل من التقدم، بحكم الميتة.
ورفضت جماعات المعارضة حضور القمم في سوتشي، مُدَّعيةً أنَّ موسكو ليست وسيطاً نزيهاً في الحرب، ولم تضع نظام الأسد في موضع المساءلة حتى الآن.

وفي ظل تطلُّع الأسد المتفوق إلى النصر، لا تمتلك المعارضة أوراق ضغط كثيرة في المحادثات، بحسب تلغراف.

وتتعرض منطقةٌ أخرى من مناطق خفض التصعيد الأربع، وهي الغوطة الشرقية المحاصرة في ضواحي دمشق، للقصف يومياً.

وتحاول قوات النظام استعادة المنطقة التي يعيش فيها نحو 400 ألف شخص، والتي تُمثِّل المناطق المتبقية للمعارضة بالقرب من العاصمة السورية. وقد أدى القصف والغارات الجوية على هذه المنطقة، حيث تدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل حادٍّ، إلى مصرع مئات المدنيين في الأسابيع الأخيرة.

وفَقَدَت إحدى الأسر رضيعها، بعدما أُصِيب بقذيفة هاون أثناء توجُّهها إلى السوق. وقالت هبة عموري، والدة أمير البالغ من العمر عامين: "توفي طفلي وهو جائع، لم نُرِد سوى إطعامه. كان جائعاً حد البكاء عندما غادرنا المنزل".

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، إنَّ 12% من الأطفال دون سن الخامسة في الغوطة الشرقية، يعانون من سوء التغذية الحاد بسبب نقص الغذاء.

ويُعتبر تكتيك الحصار والحرمان الشديد الذي تتعرض له المدينة، والذي يُشار إليه باسم "التسليم أو التجويع"، تكتيكاً شائعاً من جانب النظام.

حمل والد أمير جثمان ابنه الصغير ملفوفاً بقطعة قماش زرقاء زاهية إلى مقبرة القرية، وقال بينما يُلقي عليه نظرته الأخيرة: "الله يحمي الأطفال وجميع الناس ويأخذ بشار".


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2018/01/13/story_n_18993376.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات