المسلسل الثمانيني الشهير "رحلة السيد أبو العلا البشري" وتتر المقدمة.. "وكل اللي عايشين م البشر من حقهم.. يقفوا ويكملوا.. يمشوا ويتكعبلوا.. ويتوهوا أو يوصلوا".
هل الخطأ حق بشري؟ أم قدر بشري؟
عندما خلق الله آدم -عليه السلام- وأغواه إبليس، علّمه الله -سبحانه وتعالى- كلمات ليتوب عليه، فوجود التوبة وفرح الله بتوبة عبده، والحض على التوبة، بل والحث على الاستغفار والتوبة مائة مرة في اليوم والليلة، لدليل ضمني على أن الخطأ والسهو والنسيان طبيعة بشرية، لا مناص.
عندما نشرت مقالي السابق عن الانحياز التأكيدي (confurmational bias)، وربط صحة الشيء بشهرة قائله، علّق عليه أحد أساتذة العلوم الشرعية سارداً قصة حدثت معه عند كتابة أحد منشوراته على موقعٍ للتواصل الاجتماعي؛ إذ سأله أحدهم عن إعراب كلمة كان أستاذنا قد كتبها -سهواً- بطريقة خاطئة إعرابياً، جازماً أن لا بد لها من وجه إعرابي ما، لا يعرفه العامة وأدركه علم الأستاذ، وقِس على ذلك جل التعليقات على منشوره، جلها دار حول فكرة واحدة "استحالة خطأ الأستاذ"، ربما منساقين بفكرة الانحياز، ولكنني رأيتُ أن الأمر تجاوز هذه الفكرة إلى سلب حق الأستاذ في وجود هامش متقبل للخطأ.
وفي البحث العلمي عند حساب نتائج أي تجربة، لا بد من حساب هامش الخطأ، فلكل تجربة هامش من الخطأ مسموح به، مثلاً في بعض المعايرات الحيوية يُسمح بهامش خطأ (± 10 %)، بل حتى أجهزة السونار متوقع لها هامش خطأ في حساب عمر المولود قد يصل لأسبوعين، التقدم العلمي والتكنولوجي يسعى لتضييق وتقليص هذا الهامش حد إلغائه، لكن الكمال التام، حلم الـ(100%) حلم قريب من حلم الخلود الذي طمح إليه أبونا آدم، وربما قد يؤدي إلى خسارة كل شيء.
وعند دراسة كثير من الصفات أو السمات البشرية، قد يلجأ العلماء والباحثون لتمثيل توزيعها الطبيعي بين البشر (Normal distribution) باستخدام منحنى الجرس (bell-shaped curve)، حيث طرفا نقيض الصفة على حواف الجرس، وتوسط الصفة وما حول التوسط سلباً أو إيجاباً، زيادة أو نقصاً قمة الجرس وناقوسه وهو يمثل عموم البشر، كل التدرجات تحت الجرس طبيعية وليست النهايات القصوى فقط، لكن مطالبة عموم البشر بالخروج من ظل الجرس والتمركز عند حافة أقصاه الأعلى - ولو بلسان الحال لا المقال - لا يمكن أبداً أن تكون منطقية.
الوالدان اللذان يطالبان أبناءهما أن يكونوا مثاليين في كل شيء، متفوقين، مؤدبين، مرتبين، بلا أخطاء، وربما فوق ذلك بأن يكونوا أصحاء نفسياً وعصبياً وبدنياً، متجاهلين أن حقهم في الإنسانية يتضمن تقبل كونهم ذوي نقص وسهو وخطأ، مع فتح أبواب العودة والتوبة وتصحيح المسار دائماً أمامهم.
لستُ أقصد بالطبع الدعوة لتعمّد الخطأ و(مهرجان الخطأ للجميع)، ولكن فقط تقبل النفس والآخرين، ببشريتهم وطبيعتهم وخفض سقف التوقعات عن حد الكمال ولو قليلاً، وتقبّل التغيير وتدارك الأخطاء، وعدم تأليه بشر وخلع رداء الكمال عليه، فلن يقدر على ذلك أحد.
ربما ما زال حلم الكمال يراود خيال بعضهم، ربما حاول البعض الوصول إليه، أو ما زال يحاول ويحاول.. ولكن هيهات.
هل الخطأ حق بشري؟ أم قدر بشري؟
عندما خلق الله آدم -عليه السلام- وأغواه إبليس، علّمه الله -سبحانه وتعالى- كلمات ليتوب عليه، فوجود التوبة وفرح الله بتوبة عبده، والحض على التوبة، بل والحث على الاستغفار والتوبة مائة مرة في اليوم والليلة، لدليل ضمني على أن الخطأ والسهو والنسيان طبيعة بشرية، لا مناص.
عندما نشرت مقالي السابق عن الانحياز التأكيدي (confurmational bias)، وربط صحة الشيء بشهرة قائله، علّق عليه أحد أساتذة العلوم الشرعية سارداً قصة حدثت معه عند كتابة أحد منشوراته على موقعٍ للتواصل الاجتماعي؛ إذ سأله أحدهم عن إعراب كلمة كان أستاذنا قد كتبها -سهواً- بطريقة خاطئة إعرابياً، جازماً أن لا بد لها من وجه إعرابي ما، لا يعرفه العامة وأدركه علم الأستاذ، وقِس على ذلك جل التعليقات على منشوره، جلها دار حول فكرة واحدة "استحالة خطأ الأستاذ"، ربما منساقين بفكرة الانحياز، ولكنني رأيتُ أن الأمر تجاوز هذه الفكرة إلى سلب حق الأستاذ في وجود هامش متقبل للخطأ.
وفي البحث العلمي عند حساب نتائج أي تجربة، لا بد من حساب هامش الخطأ، فلكل تجربة هامش من الخطأ مسموح به، مثلاً في بعض المعايرات الحيوية يُسمح بهامش خطأ (± 10 %)، بل حتى أجهزة السونار متوقع لها هامش خطأ في حساب عمر المولود قد يصل لأسبوعين، التقدم العلمي والتكنولوجي يسعى لتضييق وتقليص هذا الهامش حد إلغائه، لكن الكمال التام، حلم الـ(100%) حلم قريب من حلم الخلود الذي طمح إليه أبونا آدم، وربما قد يؤدي إلى خسارة كل شيء.
وعند دراسة كثير من الصفات أو السمات البشرية، قد يلجأ العلماء والباحثون لتمثيل توزيعها الطبيعي بين البشر (Normal distribution) باستخدام منحنى الجرس (bell-shaped curve)، حيث طرفا نقيض الصفة على حواف الجرس، وتوسط الصفة وما حول التوسط سلباً أو إيجاباً، زيادة أو نقصاً قمة الجرس وناقوسه وهو يمثل عموم البشر، كل التدرجات تحت الجرس طبيعية وليست النهايات القصوى فقط، لكن مطالبة عموم البشر بالخروج من ظل الجرس والتمركز عند حافة أقصاه الأعلى - ولو بلسان الحال لا المقال - لا يمكن أبداً أن تكون منطقية.
الوالدان اللذان يطالبان أبناءهما أن يكونوا مثاليين في كل شيء، متفوقين، مؤدبين، مرتبين، بلا أخطاء، وربما فوق ذلك بأن يكونوا أصحاء نفسياً وعصبياً وبدنياً، متجاهلين أن حقهم في الإنسانية يتضمن تقبل كونهم ذوي نقص وسهو وخطأ، مع فتح أبواب العودة والتوبة وتصحيح المسار دائماً أمامهم.
لستُ أقصد بالطبع الدعوة لتعمّد الخطأ و(مهرجان الخطأ للجميع)، ولكن فقط تقبل النفس والآخرين، ببشريتهم وطبيعتهم وخفض سقف التوقعات عن حد الكمال ولو قليلاً، وتقبّل التغيير وتدارك الأخطاء، وعدم تأليه بشر وخلع رداء الكمال عليه، فلن يقدر على ذلك أحد.
ربما ما زال حلم الكمال يراود خيال بعضهم، ربما حاول البعض الوصول إليه، أو ما زال يحاول ويحاول.. ولكن هيهات.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/ghada-makram-nassar/post_17063_b_19367954.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات