في خطوة متوقّعة منذ شهور، أقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وزير الخارجية ريكس تيلرسون. قرار الإقالة جاء كالمعتاد في تغريدة للرئيس الأميركي، شكر فيها تيلرسون على خدمته وأعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو، وزيراً جديداً للخارجية وجينا هاسبل خلفاً له.
رأى محللون أن لتيلرسون نجاحات جزئية، تمثلت في علاقة أفضل مع السعودية والعراق ومزيد من العزل لكوريا الشمالية، لكنّه ربّما يكون أحد أفشل وزراء الخارجية الأميركان في التاريخ؛ لفشله في إدارة علاقته مع الرئيس الأميركي.
تيلرسون كان على علم بقرار الإقالة منذ يوم الجمعة 16 مارس/آذار 2018، حين اتصل به جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض وطلب منه العودة من إفريقيا لاحتمال صدور قرار إقالته بين حين وآخر بقوله: "ربّما تحصل على تغريدة". قرار الرئيس كان متوقعاً ومنتظراً منذ أسابيع، كما أن تيلرسون نفسه عبّر لعدد من الأشخاص عن اعتقاده أنّه ربّما لا يطول بقاؤه في منصبه عن سنة واحدة.
أثار قرار تعيين تيلرسون وزيراً للخارجية في فبراير/شباط 2017، جدلاً لعدم امتلاكه خبرة دبلوماسية سابقة من جهة، وحماسةً من جهة أخرى؛ لأنّه الرئيس السابق لشركة النفط العملاقة "إكسون موبيل"، ويملك خبرة عميقة في سياسات الشرق الأوسط وعلاقة جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال جهود "إكسون" للتنقيب عن النفط في روسيا.
إلا أن الحماسة تجاه إحضار عقلانية الأعمال إلى السياسة ما لبثت أن انطفأت، فقد بدا تيلرسون مرتبكاً أمام التحديات الدبلوماسية ومنعزلاً عن موظفي السلك الدبلوماسي الأميركي الذين جمّدهم وأخرجهم من معظم النقاشات الدبلوماسية.
الدبلوماسي الأول فشل في إدارة العلاقة مع رئيسه
فشلت لقاءات تيلرسون بالرئيس الأميركي على الغداء والعشاء وفي الفعاليات الاجتماعية للبيت الأبيض في تحسين العلاقة بينهما، بدا ذلك واضحاً في حديث ترامب للصحفيين بعد إعلان إقالة تيلرسون، حين عبّر بوضوح عن تفاهمه السريع مع مايك بومبيو مدير "سي آي إيه" على خلاف علاقته بتيلرسون.
لم يُخفِ تيلرسون غضبه من إدخال ترامب حديثاً سياسياً في خطابه أمام الكشافة في يوليو/تموز 2017، كما خالف ترامب عندما رفض إدانة المتطرفين البيض في أغسطس/آب 2017، قائلاً: "السيد ترامب يمثّل نفسه"، وفضحته شبكة "إن بي سي" حين نقلت وصفه للرئيس بـ"الأحمق"؛ مما دفعه لعقد مؤتمر صحفي أعلن فيه دعمه لترامب وعدم نيته الاستقالة.
ويمكن القول إن أبرز خلافاته السياسية مع الرئيس ترامب كان سبباً في خروجه من منصبه؛ فقد أراد تيلرسون بقاء الولايات المتحدة في اتّفاق باريس للمناخ بينما قرّر ترامب الخروج منه، وأيّد تيلرسون استمرار الصفقة النووية مع إيران التي وصفها ترامب بأنها "إحراج للولايات المتحدة"، كما اعتقد تيلرسون سابقاً بالحوار أداةً ناجعةً لحل أزمة الملف النووي لكوريا الشمالية، إلا أن ترامب هدّد مراراً بالحل العسكري، وخالف تيلرسون ترامب صراحةً في الرد الأميركي تجاه الأزمة بين قطر والسعودية وفي التعاطي مع التحقيق بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.
وبالمقابل، لم يسبق لرئيس أميركي أن قلّل من شأن وزير خارجيته بشكل متكرر كما فعل ترامب مع تيلرسون، الذي طلب منه سياسيون أميركان الاستقالة، كما فعل رئيس مجلس العلاقات الخارجية والمسؤول السابق في عدد من الإدارات الأميرك، ة ريتشارد هاس، في خريف 2017.
إذ رأى هاس في تغريدة له، أنّ "الرئيس تعامل مع تيلرسون بشكل سيئ وتيلرسون لم يُحسن إدارة المسألة. ولهذين السببين لا يمكن أن يكون وزيراً فعّالاً وعليه أن يستقيل".
ومن المثير للسخرية أنّ ترامب قابل جهود تيلرسون لفتح قناة اتصال مع كوريا الشمالية بالرفض بقوله: "تيلرسون يضيع وقته في محاولة التفاوض مع رجل الصاروخ (Rocket Man)... وفّر طاقتك ريكس سنقوم بما ينبغي فعله"، إلا أنّه قبِل لقاء الرئيس الكوري، كيم جونغ-أون، لاحقاً، قبل إقالة تيلرسون مباشرةً.
كان رفض ترامب المبدئي بسبب اتصال مون جاي-إن، رئيس كوريا الجنوبية، بالبيت الأبيض يشكو الاقتراح المفاجئ لتيلرسون إجراء محادثات سرية مع كوريا الشمالية. تسبب عدم أخذ تيلرسون رد فعل كوريا الجنوبية بالحسبان في الحرج للإدارة؛ وذلك لعدم خبرته وعزله نفسه عن السلك الدبلوماسي الأميركي.
نجح في إدارة شركة نفط عملاقة وفشل في إدارة وزارة الخارجية
لم يكن تيلرسون في موقع جيد منذ البداية بالإدارة، التي أعلنت زيادة مخصصات وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات وتقليل ميزانية وزارة الخارجية، وذلك رغم رفض الكونغرس اقتراح تيلرسون خفض ميزانية وزارة الخارجية بنسبة 30 في المائة.
رأى عدد من الدبلوماسيين في تيلرسون، ذي الصوت الأجشّ، قامةً ذات خبرة عظيمة وتأمّلوا أن يحترمه الرئيس ويأخذ برأيه حسبما نقلت "نيويورك تايمز"، لكنّهم انقلبوا في النهاية عليه حين رغب في تقليص دور الوزارة بدلاً من زيادة النفوذ الأميركي عالمياً.
وفي حين صرّح مسؤولون آخرون في الإدارة بأهدافهم، لم يضع تيلرسون أولويات دبلوماسية واضحة غير اتّباع شعار ترامب "أميركا أولاً" الذي لم يُفسّره بخطوات واضحة، وفي سبتمبر/أيلول 2017، أبلغ تيلرسون موظفيه أن أولويته الأولى كانت زيادة فاعلية وزارة الخارجية، إلا أنّه لم يفصح عن الخطوات التي عليهم اتخاذها لتحقيق ذلك الهدف.
فشل تيلرسون في إدارة وزارة الخارجية، تاركاً عدداً من الدوائر فيها دون توجيه، الأمر الذي شلّ عملية صنع القرار في الوزارة. كان نادراً ما يحضر اجتماعات الإحاطة مع عدد من كبار الدبلوماسيين، وتجاهل مراراً استشارة خبراء وزارة الخارجية بشأن الدول التي كان يعتزم زيارتها.
كما اشتكى دبلوماسيون أجانب، من فرنسا وبريطانيا مثلاً، من عدم ردّه على اتصالاتهم التي بُلّغ بها مُسبقاً وعدم لقائه إياهم، ولم يقدم أي توضيح لسبب إنهاء عدد من المحادثات الاستراتيجية مع دول أخرى مثل باكستان، وحوّل عملية صنع قرار الخارجية الأميركية إلى حوارات بينه وبين كبير مساعديه برايان هوك، الذي لم يتمتع بدوره بالخبرة الكافية.
رأى محللون أن لتيلرسون نجاحات جزئية، تمثلت في علاقة أفضل مع السعودية والعراق ومزيد من العزل لكوريا الشمالية، لكنّه ربّما يكون أحد أفشل وزراء الخارجية الأميركان في التاريخ؛ لفشله في إدارة علاقته مع الرئيس الأميركي.
تيلرسون كان على علم بقرار الإقالة منذ يوم الجمعة 16 مارس/آذار 2018، حين اتصل به جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض وطلب منه العودة من إفريقيا لاحتمال صدور قرار إقالته بين حين وآخر بقوله: "ربّما تحصل على تغريدة". قرار الرئيس كان متوقعاً ومنتظراً منذ أسابيع، كما أن تيلرسون نفسه عبّر لعدد من الأشخاص عن اعتقاده أنّه ربّما لا يطول بقاؤه في منصبه عن سنة واحدة.
أثار قرار تعيين تيلرسون وزيراً للخارجية في فبراير/شباط 2017، جدلاً لعدم امتلاكه خبرة دبلوماسية سابقة من جهة، وحماسةً من جهة أخرى؛ لأنّه الرئيس السابق لشركة النفط العملاقة "إكسون موبيل"، ويملك خبرة عميقة في سياسات الشرق الأوسط وعلاقة جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال جهود "إكسون" للتنقيب عن النفط في روسيا.
إلا أن الحماسة تجاه إحضار عقلانية الأعمال إلى السياسة ما لبثت أن انطفأت، فقد بدا تيلرسون مرتبكاً أمام التحديات الدبلوماسية ومنعزلاً عن موظفي السلك الدبلوماسي الأميركي الذين جمّدهم وأخرجهم من معظم النقاشات الدبلوماسية.
الدبلوماسي الأول فشل في إدارة العلاقة مع رئيسه
فشلت لقاءات تيلرسون بالرئيس الأميركي على الغداء والعشاء وفي الفعاليات الاجتماعية للبيت الأبيض في تحسين العلاقة بينهما، بدا ذلك واضحاً في حديث ترامب للصحفيين بعد إعلان إقالة تيلرسون، حين عبّر بوضوح عن تفاهمه السريع مع مايك بومبيو مدير "سي آي إيه" على خلاف علاقته بتيلرسون.
لم يُخفِ تيلرسون غضبه من إدخال ترامب حديثاً سياسياً في خطابه أمام الكشافة في يوليو/تموز 2017، كما خالف ترامب عندما رفض إدانة المتطرفين البيض في أغسطس/آب 2017، قائلاً: "السيد ترامب يمثّل نفسه"، وفضحته شبكة "إن بي سي" حين نقلت وصفه للرئيس بـ"الأحمق"؛ مما دفعه لعقد مؤتمر صحفي أعلن فيه دعمه لترامب وعدم نيته الاستقالة.
ويمكن القول إن أبرز خلافاته السياسية مع الرئيس ترامب كان سبباً في خروجه من منصبه؛ فقد أراد تيلرسون بقاء الولايات المتحدة في اتّفاق باريس للمناخ بينما قرّر ترامب الخروج منه، وأيّد تيلرسون استمرار الصفقة النووية مع إيران التي وصفها ترامب بأنها "إحراج للولايات المتحدة"، كما اعتقد تيلرسون سابقاً بالحوار أداةً ناجعةً لحل أزمة الملف النووي لكوريا الشمالية، إلا أن ترامب هدّد مراراً بالحل العسكري، وخالف تيلرسون ترامب صراحةً في الرد الأميركي تجاه الأزمة بين قطر والسعودية وفي التعاطي مع التحقيق بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.
وبالمقابل، لم يسبق لرئيس أميركي أن قلّل من شأن وزير خارجيته بشكل متكرر كما فعل ترامب مع تيلرسون، الذي طلب منه سياسيون أميركان الاستقالة، كما فعل رئيس مجلس العلاقات الخارجية والمسؤول السابق في عدد من الإدارات الأميرك، ة ريتشارد هاس، في خريف 2017.
إذ رأى هاس في تغريدة له، أنّ "الرئيس تعامل مع تيلرسون بشكل سيئ وتيلرسون لم يُحسن إدارة المسألة. ولهذين السببين لا يمكن أن يكون وزيراً فعّالاً وعليه أن يستقيل".
ومن المثير للسخرية أنّ ترامب قابل جهود تيلرسون لفتح قناة اتصال مع كوريا الشمالية بالرفض بقوله: "تيلرسون يضيع وقته في محاولة التفاوض مع رجل الصاروخ (Rocket Man)... وفّر طاقتك ريكس سنقوم بما ينبغي فعله"، إلا أنّه قبِل لقاء الرئيس الكوري، كيم جونغ-أون، لاحقاً، قبل إقالة تيلرسون مباشرةً.
كان رفض ترامب المبدئي بسبب اتصال مون جاي-إن، رئيس كوريا الجنوبية، بالبيت الأبيض يشكو الاقتراح المفاجئ لتيلرسون إجراء محادثات سرية مع كوريا الشمالية. تسبب عدم أخذ تيلرسون رد فعل كوريا الجنوبية بالحسبان في الحرج للإدارة؛ وذلك لعدم خبرته وعزله نفسه عن السلك الدبلوماسي الأميركي.
نجح في إدارة شركة نفط عملاقة وفشل في إدارة وزارة الخارجية
لم يكن تيلرسون في موقع جيد منذ البداية بالإدارة، التي أعلنت زيادة مخصصات وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات وتقليل ميزانية وزارة الخارجية، وذلك رغم رفض الكونغرس اقتراح تيلرسون خفض ميزانية وزارة الخارجية بنسبة 30 في المائة.
رأى عدد من الدبلوماسيين في تيلرسون، ذي الصوت الأجشّ، قامةً ذات خبرة عظيمة وتأمّلوا أن يحترمه الرئيس ويأخذ برأيه حسبما نقلت "نيويورك تايمز"، لكنّهم انقلبوا في النهاية عليه حين رغب في تقليص دور الوزارة بدلاً من زيادة النفوذ الأميركي عالمياً.
وفي حين صرّح مسؤولون آخرون في الإدارة بأهدافهم، لم يضع تيلرسون أولويات دبلوماسية واضحة غير اتّباع شعار ترامب "أميركا أولاً" الذي لم يُفسّره بخطوات واضحة، وفي سبتمبر/أيلول 2017، أبلغ تيلرسون موظفيه أن أولويته الأولى كانت زيادة فاعلية وزارة الخارجية، إلا أنّه لم يفصح عن الخطوات التي عليهم اتخاذها لتحقيق ذلك الهدف.
فشل تيلرسون في إدارة وزارة الخارجية، تاركاً عدداً من الدوائر فيها دون توجيه، الأمر الذي شلّ عملية صنع القرار في الوزارة. كان نادراً ما يحضر اجتماعات الإحاطة مع عدد من كبار الدبلوماسيين، وتجاهل مراراً استشارة خبراء وزارة الخارجية بشأن الدول التي كان يعتزم زيارتها.
كما اشتكى دبلوماسيون أجانب، من فرنسا وبريطانيا مثلاً، من عدم ردّه على اتصالاتهم التي بُلّغ بها مُسبقاً وعدم لقائه إياهم، ولم يقدم أي توضيح لسبب إنهاء عدد من المحادثات الاستراتيجية مع دول أخرى مثل باكستان، وحوّل عملية صنع قرار الخارجية الأميركية إلى حوارات بينه وبين كبير مساعديه برايان هوك، الذي لم يتمتع بدوره بالخبرة الكافية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/abdulrahman-alsarraj/story_b_19370206.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات