الإخوان نقطة اتفاق.. وتركيا الملاذ الآمِن
البداية كانت في النقطة التي جمعت بين محمد بن زايد مع محمد بن سلمان، وتتلخص في:
أن إيران والإخوان هما الخطر الكبير الذي يهدد بقاءهم في الحكم ويجب التكاتف لأجل إزاحتهما والتصدي لهما بكل الوسائل، بل وعد البعض بأن الأخيرة الأخطر على الإطلاق، هذا وقد تم الاتفاق فيما بينهما على أن يتم وضعهما في كفة واحدة معاً.
الأمر الذي دعا بن زايد إلى أن يمهد لـ"بن سلمان" زيارة لمقابلة ترامب للتباحث حول المصالح المشتركة بين السعودية وواشنطن في المنطقة، والتي نتج عنها الآتي:
أبرز ما تم الاتفاق عليه:
- محاربة الإرهاب، سواء أكان تنظيم الدولة أو الحركات الإسلامية الأخرى التي لا تنصاع لهم، وعلى رأسها جماعة "الإخوان المسلمين"، والحركات والأحزاب التابعة لها.
- التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة.
- التطبيع مع الكيان الصهيوني والمشاركة معه لمواجهة العدو المشترك (إيران - الإخوان).
-عدم تنفيذ قانون "جاستا" ضد المملكة السعودية.
- تأجيل نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس، ودعم حليف آخر غير "أبو مازن" وسيأتي في حينه.
- محاولة الضغط على قطر لتغيير سياساتها المغايرة لهم، وقد بدا واضحاً في أزمتها الأخيرة مع المملكة السعودية والإمارات، وآخرها كان بقطع العلاقات معها.
- محاولة إيجاد سبيل لعرقلة السياسات التركية في المنطقة.
- ترتيب المحاور الرئيسية للقمة العربية التي عقدت في الأردن، بحضور دول محور التحالف السني الجديد (السعودية والإمارات والأردن ومصر)، والتمهيد لقمة إسلامية أميركية فيما بعد، وقد سبقت الأحداث حينها وكتبت مقالاً بعنوان "تحالف سُنّي جديد بلمسة ترامبية" عرجت فيه على القمة المرتقبة (التي عقدت)، وقارنت فيه بين التحالف السني السابق واللاحق.
- أن تستضيف المملكة الرئيس الأميركي كأول زيارة له خارجية في قمة الرياض التي عرفت حينها بـ"القمة العربية الإسلامية الأميركية"؛ لتحمل معها رسائل عدة، وعلى رأسها التأكيد على دعم المملكة السعودية، وقد دُعي لهذه القمة الكثير من زعماء الدول العربية والإسلامية، كنوع من أنواع "البروباغندا أو الشو"، لتقديم المملكة على أنها هي القائد والوكيل الحصري للعالم الإسلامي، أما غيرها من الزعماء فكانوا بمثابة "الزينة" للقمة.
الأمر الذي رحبت به المملكة عن طيب خاطر خلال زيارة ترامب بدفع "فاتورة حماية" كما يصفها بعض الكُتّاب تمثلت في إبرام صفقات قدرت بنحو 460 مليار دولار كمرحلة أولى بين الجانبين، وفي جلسة لبضع ساعات تسلّم ترامب 110 مليارات دولار كدفعة أولى من الصفقة المبرمة.
حملت الزيارة الخارجية الأولى لـ"ترامب" للمنطقة إثارة الكثير من التساؤلات، حول مصير الإسلام في كنف رجل ما نجح في الانتخابات إلّا ببرنامج عنصري هاجم فيه الإسلام ومعتنقيه!!
وتساءل الكثير من السياسيين والكتاب حول سر الحفاوة الكبيرة لزيارته! مع أن تاريخه معروف بتصريحاته العنصرية ضد الإسلام!
وكان منها ما ذكره ترامب في مارس/آذار 2016 خلال مقابلته مع السي إن إن: أن "الإسلام يكرهنا"، والكثير من التصريحات العنصرية، وأيضاً وفور وصوله لسُدة الحكم منع مواطني 7 دول إسلامية من الدخول للولايات المتحدة الأميركية.
زيارة ترامب لم تكن فريدة
الزيارة من وجهة نظري على الرغم من توقيتها لم أعدها غريبة أو فريدة من نوعها، فإدارة "باراك أوباما" السابقة كان لها السبق في ذلك، بدأ ولايته بمداعبة مشاعر العرب والمسلمين، عندما ألقى خطابه الشهير للعالم الإسلامي من تحت قبة جامعة القاهرة، والذي أرسل خلالها سلسلة من الوعود لم يعرف أي منها التحقيق.
ومن الملاحظ أن كل مَن يأتي على سُدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية "كرئيس" لا بدّ له من زيارة مشهودة وخطاب مشهود للعالم الإسلامي، لصنع تصالح زائف وهدنة مزعومة مع العالم الإسلامي عن طريق حلفائه حكام العرب.
وأما عن خطة الإدارة الأميركية الجديدة في المنطقة التي أطلقت عليها اسم "اللمسات الترامبيّة" والتي قد تم فيها توزيع الأدوار على بعض زعماء العرب، والسير على استراتيجية كيفية التعامل مع كل ما يستجد من أحداث في المنطقة، وعلى رأسها محاربة "الإرهاب"، على حد زعمهم.
عدم زيارة أردوغان كانت "متوقعة"
عدم تلبية أردوغان - متعللاً ببعض الأمور الداخلية - لدعوة الملك سلمان لحضور قمة الرياض "الإسلامية الأميركية" أراها كانت متوقعة، إذ لا يرضى لنفسه الأخير بأن يكون "مهمشاً" في قمة تم الاتفاق على كل ما جاء فيها في الغرف المغلقة سابقاً.
الإخوان نقطة اتفاق
لم تكن تلك القمم وهذه التحضيرات الجبارة تتمثل فقط في محاربة تنظيم الدولة فحسب، بل كان المقصد منها ما هو أبعد من ذلك؛ إذ الجميع يعلم أن خطر "تنظيم الدولة" محدود، بل وعلى العكس من ذلك قد يعد ورقة ثمينة لتبرير تدخلاتهم السافرة لقتل الأبرياء داخل الشعوب المقهورة.
لكن البعد الآخر من وجهة نظري لتلك القمم، جاءت لمحاربة إيران وهذا "شكلي"، بل إن شئت قلت لتلميع إيران، والتطبيع مع الكيان، ومحاربة الإخوان وهذا موضوعي.
ومن المعلوم أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل نقطة اتفاق وهدفاً استراتيجياً لتلك الدول، المخولة بصنع تحالف "سني" للقضاء على الإرهاب المزعوم.
إذ تمثل جماعة الإخوان داخل شعوب تلك الدول، مصر وليبيا واليمن.. وغيرها، ركيزة اجتماعية أساسية لتلك المجتمعات، فرأوا أن هذا الوقت المناسب الآن للقضاء على هذه الجماعة بتجديد إعلان الحرب عليها بشتى الطرق والوسائل وهذا ليس بجديد.
بيد أن الحد من التوسع الإيراني يعد من أولويات المملكة وبعض حلفائها، إلا أن القضاء على فكر جماعة "الإخوان المسلمين" يعد أولى بالنسبة لواشنطن والإمارات ويمثل حتى لدى الكثيرين من صناع القرار داخل المملكة السعودية كهاجس "العدو الأخطر".
إذ لا يخفى على أحد أن ما يصنعه السيسي في مصر وتحالفه مع حفتر في ليبيا وضربه مؤخراً لمدينة "درنة" لم يكن من قبيل المصادفات ولا العشوائية.
وأيضا ما تصنعه الإمارات من تقديم الدعم لانفصال الجنوب، ومحاولة تمرير السلطة لأحمد بن علي صالح من قبيل المصادفة.
وأخيراً لم تكن معاقبة قطر بقطع العلاقات معها إلا لأنها تستضيف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على أراضيها، وأنها تعد من الدول الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين.
بيان السمو والفخامة
لم تكن الإجراءات التي اتخذتها الجماعة في الآونة الأخيرة والتي أصفها بـ"المرنة" محل مصادفة، وإنما عن إدراك ووعي وحس سياسي وشعور بالخطر تجاه الأمة والنيل منها في شخص الجماعة.
وفي وقت سابق صدر عن جماعة "الإخوان المسلمين في مصر" بياناً خلال القمة العربية في دورتها الثامنة والعشرين المنعقد حينئذ في الأردن بتاريخ 29 مارس/ آذار 2017، وأثنت فيه على الزعماء العرب بحديث الفخامة والسمو؛ لتدرك به ما سوف تؤول إليه الأحداث من السير في إعداد مشروع "مُعلّب وجاهز" لإقراره، يتمثل في "إرهابية الجماعة"، الأمر الذي أزعج بعض أعضائها ومحبيها، تعليقاً على بعض ما جاء في البيان من ألفاظ، فأصدرت الجماعة بتاريخ 30 مارس/ آذار 2017 بيان اعتذار عن بعض الألفاظ التي وردت في البيان الأول لتهدئة الصف الداخلي وتمتص غضب بعض أعضائها وحمّلت فيه زعماء العرب مسؤولية ما آلت إليه الأمور في المنطقة بدعمها للسيسي وحفتر.
فلم يكن ما تدعو إليه الجماعة من الاصطفاف مع قوى ثورية أخرى في محاولة لرأب الصدع الثوري لمواجهة الانقلاب العسكري في مصر من قبيل المصادفة.
وفي نفس الوقت فلم تكن التغييرات التي طرأت على حركة "حماس" بإخراج وثيقة جديدة محل مصادفة.
إيران الطرف المسكين
أصبح الحديث الآن يدور حول ما الذي تبحث عنه المملكة السعودية وماذا تريد؟!
أصبحت أنظار الشعوب الآن بعد أن كانت مشغولة بالنظر إلى تهديدات التقسيم والخطر الإيراني والتوسع الشيعي في المنطقة، أصبحت موجهة إلى صنيع المملكة وحكّام العرب ومحاولاتهم المضنية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ومحاربة "الإخوان" والدول الداعمة لها.
وأصبحت إيران على الجانب الآخر تستثمر هذا التقارب وهذا التطبيع، بأنها هي مَن تقف في وجه الاحتلال، وأنها مع المقاومة الفلسطينية، وأنها ضد التدخلات الأميركية، وهي في نفس الوقت غارقة في دماء الشعوب السنّية.
ولأجل تشويه الصورة بدأ العمل على إلصاق التهم بكل مَن يخالف نهجهم بأنه موالٍ لإيران كمثل ما اتهموا قطر به، خلال الأزمة الخليجية الأخيرة على غرار قرصنة موقع وكالة "قنا" الرسمي للدولة.
تركيا الملاذ الآمِن
بحكم موقع تركيا الجيوسياسي الذي حملها على أن لا تبقى مكتوفة الأيدي أمام كل هذه التحديات التي تعصف بالمنطقة، وتحاول النيل من الأمة من كل الاتجاهات، لتمرير مشروعات التقسيم من جهة، ومروراً بالإسلاموفوبيا من جهة أخرى، وتكميم أفواه الشعوب وكسر إرادتهم من جهة ثالثة.
لذا استحقت أن تكون الملاذ والوجهة الآمِنة للحركة الإسلامية في العصر الحديث.
وليس بعيداً أو غريباً على تركيا أن تقف مع قطر وقفة جادة في محنتها وأزمتها الحالية مع دول الخليج.
وأخيراً.. جاءت اللمسات الترامبية الآمرة بالعمل على حصار "جماعة الإخوان المسلمين" والدول الداعمة لها وتسويف قضيتها العادلة في غياهب القوانين.
أما بالنسبة لإيران، فالخلاصة: أن الحرب بين ترامب وبينها حرب كلامية فقط ولا تتعدى أكثر من ذلك، وعندما يجف المال الخليجي حينها سيعلم الحكام ذلك.
أن إيران والإخوان هما الخطر الكبير الذي يهدد بقاءهم في الحكم ويجب التكاتف لأجل إزاحتهما والتصدي لهما بكل الوسائل، بل وعد البعض بأن الأخيرة الأخطر على الإطلاق، هذا وقد تم الاتفاق فيما بينهما على أن يتم وضعهما في كفة واحدة معاً.
الأمر الذي دعا بن زايد إلى أن يمهد لـ"بن سلمان" زيارة لمقابلة ترامب للتباحث حول المصالح المشتركة بين السعودية وواشنطن في المنطقة، والتي نتج عنها الآتي:
أبرز ما تم الاتفاق عليه:
- محاربة الإرهاب، سواء أكان تنظيم الدولة أو الحركات الإسلامية الأخرى التي لا تنصاع لهم، وعلى رأسها جماعة "الإخوان المسلمين"، والحركات والأحزاب التابعة لها.
- التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة.
- التطبيع مع الكيان الصهيوني والمشاركة معه لمواجهة العدو المشترك (إيران - الإخوان).
-عدم تنفيذ قانون "جاستا" ضد المملكة السعودية.
- تأجيل نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس، ودعم حليف آخر غير "أبو مازن" وسيأتي في حينه.
- محاولة الضغط على قطر لتغيير سياساتها المغايرة لهم، وقد بدا واضحاً في أزمتها الأخيرة مع المملكة السعودية والإمارات، وآخرها كان بقطع العلاقات معها.
- محاولة إيجاد سبيل لعرقلة السياسات التركية في المنطقة.
- ترتيب المحاور الرئيسية للقمة العربية التي عقدت في الأردن، بحضور دول محور التحالف السني الجديد (السعودية والإمارات والأردن ومصر)، والتمهيد لقمة إسلامية أميركية فيما بعد، وقد سبقت الأحداث حينها وكتبت مقالاً بعنوان "تحالف سُنّي جديد بلمسة ترامبية" عرجت فيه على القمة المرتقبة (التي عقدت)، وقارنت فيه بين التحالف السني السابق واللاحق.
- أن تستضيف المملكة الرئيس الأميركي كأول زيارة له خارجية في قمة الرياض التي عرفت حينها بـ"القمة العربية الإسلامية الأميركية"؛ لتحمل معها رسائل عدة، وعلى رأسها التأكيد على دعم المملكة السعودية، وقد دُعي لهذه القمة الكثير من زعماء الدول العربية والإسلامية، كنوع من أنواع "البروباغندا أو الشو"، لتقديم المملكة على أنها هي القائد والوكيل الحصري للعالم الإسلامي، أما غيرها من الزعماء فكانوا بمثابة "الزينة" للقمة.
الأمر الذي رحبت به المملكة عن طيب خاطر خلال زيارة ترامب بدفع "فاتورة حماية" كما يصفها بعض الكُتّاب تمثلت في إبرام صفقات قدرت بنحو 460 مليار دولار كمرحلة أولى بين الجانبين، وفي جلسة لبضع ساعات تسلّم ترامب 110 مليارات دولار كدفعة أولى من الصفقة المبرمة.
حملت الزيارة الخارجية الأولى لـ"ترامب" للمنطقة إثارة الكثير من التساؤلات، حول مصير الإسلام في كنف رجل ما نجح في الانتخابات إلّا ببرنامج عنصري هاجم فيه الإسلام ومعتنقيه!!
وتساءل الكثير من السياسيين والكتاب حول سر الحفاوة الكبيرة لزيارته! مع أن تاريخه معروف بتصريحاته العنصرية ضد الإسلام!
وكان منها ما ذكره ترامب في مارس/آذار 2016 خلال مقابلته مع السي إن إن: أن "الإسلام يكرهنا"، والكثير من التصريحات العنصرية، وأيضاً وفور وصوله لسُدة الحكم منع مواطني 7 دول إسلامية من الدخول للولايات المتحدة الأميركية.
زيارة ترامب لم تكن فريدة
الزيارة من وجهة نظري على الرغم من توقيتها لم أعدها غريبة أو فريدة من نوعها، فإدارة "باراك أوباما" السابقة كان لها السبق في ذلك، بدأ ولايته بمداعبة مشاعر العرب والمسلمين، عندما ألقى خطابه الشهير للعالم الإسلامي من تحت قبة جامعة القاهرة، والذي أرسل خلالها سلسلة من الوعود لم يعرف أي منها التحقيق.
ومن الملاحظ أن كل مَن يأتي على سُدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية "كرئيس" لا بدّ له من زيارة مشهودة وخطاب مشهود للعالم الإسلامي، لصنع تصالح زائف وهدنة مزعومة مع العالم الإسلامي عن طريق حلفائه حكام العرب.
وأما عن خطة الإدارة الأميركية الجديدة في المنطقة التي أطلقت عليها اسم "اللمسات الترامبيّة" والتي قد تم فيها توزيع الأدوار على بعض زعماء العرب، والسير على استراتيجية كيفية التعامل مع كل ما يستجد من أحداث في المنطقة، وعلى رأسها محاربة "الإرهاب"، على حد زعمهم.
عدم زيارة أردوغان كانت "متوقعة"
عدم تلبية أردوغان - متعللاً ببعض الأمور الداخلية - لدعوة الملك سلمان لحضور قمة الرياض "الإسلامية الأميركية" أراها كانت متوقعة، إذ لا يرضى لنفسه الأخير بأن يكون "مهمشاً" في قمة تم الاتفاق على كل ما جاء فيها في الغرف المغلقة سابقاً.
الإخوان نقطة اتفاق
لم تكن تلك القمم وهذه التحضيرات الجبارة تتمثل فقط في محاربة تنظيم الدولة فحسب، بل كان المقصد منها ما هو أبعد من ذلك؛ إذ الجميع يعلم أن خطر "تنظيم الدولة" محدود، بل وعلى العكس من ذلك قد يعد ورقة ثمينة لتبرير تدخلاتهم السافرة لقتل الأبرياء داخل الشعوب المقهورة.
لكن البعد الآخر من وجهة نظري لتلك القمم، جاءت لمحاربة إيران وهذا "شكلي"، بل إن شئت قلت لتلميع إيران، والتطبيع مع الكيان، ومحاربة الإخوان وهذا موضوعي.
ومن المعلوم أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل نقطة اتفاق وهدفاً استراتيجياً لتلك الدول، المخولة بصنع تحالف "سني" للقضاء على الإرهاب المزعوم.
إذ تمثل جماعة الإخوان داخل شعوب تلك الدول، مصر وليبيا واليمن.. وغيرها، ركيزة اجتماعية أساسية لتلك المجتمعات، فرأوا أن هذا الوقت المناسب الآن للقضاء على هذه الجماعة بتجديد إعلان الحرب عليها بشتى الطرق والوسائل وهذا ليس بجديد.
بيد أن الحد من التوسع الإيراني يعد من أولويات المملكة وبعض حلفائها، إلا أن القضاء على فكر جماعة "الإخوان المسلمين" يعد أولى بالنسبة لواشنطن والإمارات ويمثل حتى لدى الكثيرين من صناع القرار داخل المملكة السعودية كهاجس "العدو الأخطر".
إذ لا يخفى على أحد أن ما يصنعه السيسي في مصر وتحالفه مع حفتر في ليبيا وضربه مؤخراً لمدينة "درنة" لم يكن من قبيل المصادفات ولا العشوائية.
وأيضا ما تصنعه الإمارات من تقديم الدعم لانفصال الجنوب، ومحاولة تمرير السلطة لأحمد بن علي صالح من قبيل المصادفة.
وأخيراً لم تكن معاقبة قطر بقطع العلاقات معها إلا لأنها تستضيف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على أراضيها، وأنها تعد من الدول الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين.
بيان السمو والفخامة
لم تكن الإجراءات التي اتخذتها الجماعة في الآونة الأخيرة والتي أصفها بـ"المرنة" محل مصادفة، وإنما عن إدراك ووعي وحس سياسي وشعور بالخطر تجاه الأمة والنيل منها في شخص الجماعة.
وفي وقت سابق صدر عن جماعة "الإخوان المسلمين في مصر" بياناً خلال القمة العربية في دورتها الثامنة والعشرين المنعقد حينئذ في الأردن بتاريخ 29 مارس/ آذار 2017، وأثنت فيه على الزعماء العرب بحديث الفخامة والسمو؛ لتدرك به ما سوف تؤول إليه الأحداث من السير في إعداد مشروع "مُعلّب وجاهز" لإقراره، يتمثل في "إرهابية الجماعة"، الأمر الذي أزعج بعض أعضائها ومحبيها، تعليقاً على بعض ما جاء في البيان من ألفاظ، فأصدرت الجماعة بتاريخ 30 مارس/ آذار 2017 بيان اعتذار عن بعض الألفاظ التي وردت في البيان الأول لتهدئة الصف الداخلي وتمتص غضب بعض أعضائها وحمّلت فيه زعماء العرب مسؤولية ما آلت إليه الأمور في المنطقة بدعمها للسيسي وحفتر.
فلم يكن ما تدعو إليه الجماعة من الاصطفاف مع قوى ثورية أخرى في محاولة لرأب الصدع الثوري لمواجهة الانقلاب العسكري في مصر من قبيل المصادفة.
وفي نفس الوقت فلم تكن التغييرات التي طرأت على حركة "حماس" بإخراج وثيقة جديدة محل مصادفة.
إيران الطرف المسكين
أصبح الحديث الآن يدور حول ما الذي تبحث عنه المملكة السعودية وماذا تريد؟!
أصبحت أنظار الشعوب الآن بعد أن كانت مشغولة بالنظر إلى تهديدات التقسيم والخطر الإيراني والتوسع الشيعي في المنطقة، أصبحت موجهة إلى صنيع المملكة وحكّام العرب ومحاولاتهم المضنية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ومحاربة "الإخوان" والدول الداعمة لها.
وأصبحت إيران على الجانب الآخر تستثمر هذا التقارب وهذا التطبيع، بأنها هي مَن تقف في وجه الاحتلال، وأنها مع المقاومة الفلسطينية، وأنها ضد التدخلات الأميركية، وهي في نفس الوقت غارقة في دماء الشعوب السنّية.
ولأجل تشويه الصورة بدأ العمل على إلصاق التهم بكل مَن يخالف نهجهم بأنه موالٍ لإيران كمثل ما اتهموا قطر به، خلال الأزمة الخليجية الأخيرة على غرار قرصنة موقع وكالة "قنا" الرسمي للدولة.
تركيا الملاذ الآمِن
بحكم موقع تركيا الجيوسياسي الذي حملها على أن لا تبقى مكتوفة الأيدي أمام كل هذه التحديات التي تعصف بالمنطقة، وتحاول النيل من الأمة من كل الاتجاهات، لتمرير مشروعات التقسيم من جهة، ومروراً بالإسلاموفوبيا من جهة أخرى، وتكميم أفواه الشعوب وكسر إرادتهم من جهة ثالثة.
لذا استحقت أن تكون الملاذ والوجهة الآمِنة للحركة الإسلامية في العصر الحديث.
وليس بعيداً أو غريباً على تركيا أن تقف مع قطر وقفة جادة في محنتها وأزمتها الحالية مع دول الخليج.
وأخيراً.. جاءت اللمسات الترامبية الآمرة بالعمل على حصار "جماعة الإخوان المسلمين" والدول الداعمة لها وتسويف قضيتها العادلة في غياهب القوانين.
أما بالنسبة لإيران، فالخلاصة: أن الحرب بين ترامب وبينها حرب كلامية فقط ولا تتعدى أكثر من ذلك، وعندما يجف المال الخليجي حينها سيعلم الحكام ذلك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohamed-owis-sayed/-_11936_b_16952880.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات