في كثير من الحالات التي يصل فيها شخص ما إلى مستوى عالٍ من تحقيق الشهرة والمال والنجاح في مهنته، يقف فوق قمة ما حققه -لا سيما إن كان ما تحقق سريعاً- يشعر بأن القادم لا شيء، مهما حاول من بذل الجهد ومواصلة الكفاح في إنجاز ما يحبه، فبداخله شعور يجعل جهده وطموحه وحالته النفسية والمعنوية تختلف تماماً عما قبل.
نماذج كثيرة بعدما وصلت لشيء وضعت فيه سواعد العزم والإرادة والتعب في سبيل تحقيقه تراها تائهة أو بدأ نجمها يختفي تدريجياً باختلاف الروح التي تقدم به ذات الشيء، فأسوأ شيء يصل إليه الإنسان بعد تحقيق النجاح هو الشعور باللاشيء.
أما محمد رمضان فلا يعرف اللاشيء إلا وكان له هدف يسعى لتحقيقه من ورائه، هذا حدث بالفعل في فيلمه "آخر ديك في مصر" فأنا أراه فيلم اللاشيء، ولكن بالنسبة لمحمد رمضان هو عمل يعني الكثير لا في سبيل تحقيق مزيد من النجاح المادي والمعنوي، ولكن في سبيل تغيير ثقافة البعض عن محمد رمضان حتى وإن كانت إيرادات العمل في دور العرض تساوي لا شيء، هذا لم يعد الشاغل الأكبر عند محمد رمضان.
يعد فيلم جواب اعتقال هو محطة جديدة مهمة في مسار أعمال محمد رمضان السينمائية، ومسار تحول كبير لنجم أصبح يدرك مسؤولية ما يقدمه وواجبه تجاه تاريخه الفني القادم قبل أن يكون مؤدياً لواجبه تجاه جمهوره الذي لم يعد أمامه بعد هذا الفيلم سوى أن يبحث له عن بطل جديد يشبع رغباته في رؤية أدوار البطل الشعبي بكل ما كان يملكه رمضان من مقومات في نجاحه بتقديم ذلك النموذج، الذي استحوذ على قاعدة كبيرة من صغار الشباب، وإما أن يرتقي بذوقه قليلاً مع ارتقاء رمضان نحو تذوق الفن باعتباره فناً صافياً يخلو من مقومات الجذب الجماهيرية والشعبية السائدة خلال الفترة الأخيرة في مصر.
محمد رمضان بتقديمه لفيلم جواب اعتقال هو يخلق فئة جديدة من جمهوره، مع محاولة الحفاظ على جمهوره المعتاد الذي قد يخسر بعضه بسبب ضخامة وتعقيد المحتوى الدرامي ومناقشة قضية لا تشغل كثيراً شباب ما تحت العشرين، ولا يجدون في نموذج الشاب المضطرب نفسياً صاحب الازدواج الفكري بين فعل البلطجة في رداء الدين وبين الغموض المصاحب لشخصية خالد الدجوي حتى مع محاولة سرد نشأته والدوافع التي خلقت منه هذا الشخص قائد الجناح العسكري لجماعة إرهابية، فهو شخص لا يستهوي فئة كبيرة من جمهور رمضان، قد يدفع البعض للشعور بالملل والانصراف عن الفيلم في منتصفه، وهذا ما حدث بالفعل في كثير من دور العرض.
أما ذلك الجمهور الذي دائماً ما كان يطالب رمضان بالتخلي عن أدوار البلطجة لم يعد لديه هذا المبرر للهجوم على أفلام محمد رمضان، فقد أصبحت فترة من محاولة الوصول وإثبات الذات وانتهت، فهو الآن أمام عمل ضخم يقدم قضية ذات أهمية بين أوساط المثقفين والمهتمين بقضايا الإرهاب والتفكير الإجرامي تحت راية نصرة الشريعة والدين، وهو في حقيقته نوع من أنواع الشر يبحث في الدين عما يجعل هذا الشر ثوابه الفوز بالجنة.
نحن الآن أمام عمل اكتملت فيه عوامل النجاح السينمائية الفنية لأبطال وصلوا من النضج والتوهج والخبرة ما يمكنهم من إشباع المشاهد فنياً بما يخدم العمل السينمائي، ويجعلك تعيش داخل تلك الحالة التي يضعك فيها أبطال هذا العمل.
الفنان سيد رجب أصبح أيقونة الاستمتاع بأسلوب أدائه وتقديمه لأدواره؛ حيث ينفصل تماماً عن شخصيته الحقيقية فلا ترى أمامك سوى الشيخ عبد الله قائد الجماعة، وتمكن ببراعته في تقديم هذا الدور أن يقوم بما كان متوقعاً من محمد رمضان أن يقوم به، فقد استطاع أن يخطف الضحكة من الجمهور رغم صعوبة وتعقيد تلك الشخصية الجادة الحازمة، بل استطاع أن يخطف تصفيق الجمهور داخل القاعة بأحد المشاهد الأخيرة، وبذلك فإن سيد رجب هو الأعلى حضوراً وتمكناً داخل هذا العمل الكبير.
يأتي بعده صاحب الأداء السهل الممتنع الفنان إياد نصار، الذي قدم شخصية ضابط أمن الدولة بصورة تختلف عن الأكليشيهات القديمة والأنماط المحفوظة في السينما المصرية لضباط أمن الدولة، فقد استطاع أن يجعل من شخصية الضابط شخصية مرنة تقرأ الأحداث جيداً حتى ينتصر في أداء مهمته، وبلغت عبقرية إياد نصار أن تجعل الجمهور بآخر مشهد يعتقد أن البطل الحقيقي للعمل هو شخصية الضابط محمد الذي نجح في تنفيذ مخططه في ضرب جميع أفراد الجماعة.
أما صبري فواز فأراه قدم ما كان على الفنان عمرو سعد تقديمه في فيلم مولانا، الشيخ مصطفى الداعية الشهير صاحب الوجه البشوش والذكاء الدعوي في خدمة نشر أفكاره بين الشباب، وأداة جذب للعمل الجهادي خلف الكواليس.
هذا الثلاثي استطاع كتابة جواب اعتقال البطولة المطلقة والنجم الأوحد لممثل بحجم محمد رمضان، وأثبت هذا الثلاثي أن نجاح العمل لا يتوقف فقط على صاحب دور البطولة، فالممثل المتمكن من تجسيد دوره يخلق لنفسه بطولة خاصة في أداء العمل.
جواب اعتقال بشكل عام يجمع بين النجاح الجماهيري، ولكن ليست بالصورة المعتادة لأعمال محمد رمضان، وبين النجاح الفني، إلا أن الفيلم كان يحتاج إلى تقنيات أعلى ودخول أعمق في بعض التفاصيل، خصوصاً في شخصية خالد الدجوي التي انحصرت في علاقة مضطربة بجماعة إرهابية وتربيته لأخيه الأصغر الذي تستغله الجماعة في الانتقام منه، وبين حبه لابنة عمه التي يستخدمها الأمن في الإيقاع به، رغم أن الشخصية تحمل من التعقيدات والتفاصيل أكثر بكثير من الطريقة التي تم تقديمها بها، وكان أمام محمد رمضان مساحة من الإبداع واستخدام قدراته كممثل عبقري أكبر من تسطيح الدور، وترك المساحة الإبداعية لغيره من أبطال العمل.
نماذج كثيرة بعدما وصلت لشيء وضعت فيه سواعد العزم والإرادة والتعب في سبيل تحقيقه تراها تائهة أو بدأ نجمها يختفي تدريجياً باختلاف الروح التي تقدم به ذات الشيء، فأسوأ شيء يصل إليه الإنسان بعد تحقيق النجاح هو الشعور باللاشيء.
أما محمد رمضان فلا يعرف اللاشيء إلا وكان له هدف يسعى لتحقيقه من ورائه، هذا حدث بالفعل في فيلمه "آخر ديك في مصر" فأنا أراه فيلم اللاشيء، ولكن بالنسبة لمحمد رمضان هو عمل يعني الكثير لا في سبيل تحقيق مزيد من النجاح المادي والمعنوي، ولكن في سبيل تغيير ثقافة البعض عن محمد رمضان حتى وإن كانت إيرادات العمل في دور العرض تساوي لا شيء، هذا لم يعد الشاغل الأكبر عند محمد رمضان.
يعد فيلم جواب اعتقال هو محطة جديدة مهمة في مسار أعمال محمد رمضان السينمائية، ومسار تحول كبير لنجم أصبح يدرك مسؤولية ما يقدمه وواجبه تجاه تاريخه الفني القادم قبل أن يكون مؤدياً لواجبه تجاه جمهوره الذي لم يعد أمامه بعد هذا الفيلم سوى أن يبحث له عن بطل جديد يشبع رغباته في رؤية أدوار البطل الشعبي بكل ما كان يملكه رمضان من مقومات في نجاحه بتقديم ذلك النموذج، الذي استحوذ على قاعدة كبيرة من صغار الشباب، وإما أن يرتقي بذوقه قليلاً مع ارتقاء رمضان نحو تذوق الفن باعتباره فناً صافياً يخلو من مقومات الجذب الجماهيرية والشعبية السائدة خلال الفترة الأخيرة في مصر.
محمد رمضان بتقديمه لفيلم جواب اعتقال هو يخلق فئة جديدة من جمهوره، مع محاولة الحفاظ على جمهوره المعتاد الذي قد يخسر بعضه بسبب ضخامة وتعقيد المحتوى الدرامي ومناقشة قضية لا تشغل كثيراً شباب ما تحت العشرين، ولا يجدون في نموذج الشاب المضطرب نفسياً صاحب الازدواج الفكري بين فعل البلطجة في رداء الدين وبين الغموض المصاحب لشخصية خالد الدجوي حتى مع محاولة سرد نشأته والدوافع التي خلقت منه هذا الشخص قائد الجناح العسكري لجماعة إرهابية، فهو شخص لا يستهوي فئة كبيرة من جمهور رمضان، قد يدفع البعض للشعور بالملل والانصراف عن الفيلم في منتصفه، وهذا ما حدث بالفعل في كثير من دور العرض.
أما ذلك الجمهور الذي دائماً ما كان يطالب رمضان بالتخلي عن أدوار البلطجة لم يعد لديه هذا المبرر للهجوم على أفلام محمد رمضان، فقد أصبحت فترة من محاولة الوصول وإثبات الذات وانتهت، فهو الآن أمام عمل ضخم يقدم قضية ذات أهمية بين أوساط المثقفين والمهتمين بقضايا الإرهاب والتفكير الإجرامي تحت راية نصرة الشريعة والدين، وهو في حقيقته نوع من أنواع الشر يبحث في الدين عما يجعل هذا الشر ثوابه الفوز بالجنة.
نحن الآن أمام عمل اكتملت فيه عوامل النجاح السينمائية الفنية لأبطال وصلوا من النضج والتوهج والخبرة ما يمكنهم من إشباع المشاهد فنياً بما يخدم العمل السينمائي، ويجعلك تعيش داخل تلك الحالة التي يضعك فيها أبطال هذا العمل.
الفنان سيد رجب أصبح أيقونة الاستمتاع بأسلوب أدائه وتقديمه لأدواره؛ حيث ينفصل تماماً عن شخصيته الحقيقية فلا ترى أمامك سوى الشيخ عبد الله قائد الجماعة، وتمكن ببراعته في تقديم هذا الدور أن يقوم بما كان متوقعاً من محمد رمضان أن يقوم به، فقد استطاع أن يخطف الضحكة من الجمهور رغم صعوبة وتعقيد تلك الشخصية الجادة الحازمة، بل استطاع أن يخطف تصفيق الجمهور داخل القاعة بأحد المشاهد الأخيرة، وبذلك فإن سيد رجب هو الأعلى حضوراً وتمكناً داخل هذا العمل الكبير.
يأتي بعده صاحب الأداء السهل الممتنع الفنان إياد نصار، الذي قدم شخصية ضابط أمن الدولة بصورة تختلف عن الأكليشيهات القديمة والأنماط المحفوظة في السينما المصرية لضباط أمن الدولة، فقد استطاع أن يجعل من شخصية الضابط شخصية مرنة تقرأ الأحداث جيداً حتى ينتصر في أداء مهمته، وبلغت عبقرية إياد نصار أن تجعل الجمهور بآخر مشهد يعتقد أن البطل الحقيقي للعمل هو شخصية الضابط محمد الذي نجح في تنفيذ مخططه في ضرب جميع أفراد الجماعة.
أما صبري فواز فأراه قدم ما كان على الفنان عمرو سعد تقديمه في فيلم مولانا، الشيخ مصطفى الداعية الشهير صاحب الوجه البشوش والذكاء الدعوي في خدمة نشر أفكاره بين الشباب، وأداة جذب للعمل الجهادي خلف الكواليس.
هذا الثلاثي استطاع كتابة جواب اعتقال البطولة المطلقة والنجم الأوحد لممثل بحجم محمد رمضان، وأثبت هذا الثلاثي أن نجاح العمل لا يتوقف فقط على صاحب دور البطولة، فالممثل المتمكن من تجسيد دوره يخلق لنفسه بطولة خاصة في أداء العمل.
جواب اعتقال بشكل عام يجمع بين النجاح الجماهيري، ولكن ليست بالصورة المعتادة لأعمال محمد رمضان، وبين النجاح الفني، إلا أن الفيلم كان يحتاج إلى تقنيات أعلى ودخول أعمق في بعض التفاصيل، خصوصاً في شخصية خالد الدجوي التي انحصرت في علاقة مضطربة بجماعة إرهابية وتربيته لأخيه الأصغر الذي تستغله الجماعة في الانتقام منه، وبين حبه لابنة عمه التي يستخدمها الأمن في الإيقاع به، رغم أن الشخصية تحمل من التعقيدات والتفاصيل أكثر بكثير من الطريقة التي تم تقديمها بها، وكان أمام محمد رمضان مساحة من الإبداع واستخدام قدراته كممثل عبقري أكبر من تسطيح الدور، وترك المساحة الإبداعية لغيره من أبطال العمل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/mohamed-ghonem/story_b_17309590.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات