السبت، 19 أغسطس 2017

الإنسان أولاً يا سيادة الرئيس

الإنسان أولاً يا سيادة الرئيس

شغلت قضية التنمية العديد من الكُتاب والباحثين في التخصصات والمجالات البحثية المختلفة، مما ترتبت على ذلك اختلاف وجهات النظر، للمساهمة في حل القضايا المطروحة الملحّة التي يُجابِهُها واقعنا المرير، مما يدفع الجميع إلى محاولة البحث والتنقيب عن حلول جذرية لتلك القضايا.

ونتبنّى وجهة نظر لا تختلف كثيراً عن وجهات النظر والتعريفات المطروحة للتنمية والتي تعرف بأنها: عملية توسيع القدرات التعليمية والخبرات للشعوب، والمستهدف بهذا هو أن يصل الإنسان بمجهوده ومجهود ذويه إلى مستوى مرتفع من الإنتاج والدخل، وينعم بحياة كريمة تتمثل في مأكل ومشرب وملبس ووسيلة مواصلات مناسبة.

وبالنظر إلى حالة المجتمع المصري يتضح أنه بحاجة ماسّة للنظر في العديد من القضايا التي تمس أساسيات التنمية مثل: قضية الحريات، الأمان، احترام الآخر، العدالة الاجتماعية، والاحتواء، جنباً إلى جنب مع الاهتمام بالاقتصاد، والمشروعات القومية، وأساسيات البنية التحتية، حيث لا يمكن قياس التنمية بمستوى الدخل فقط، كما أنها لا تقاس بالمتوسطات العامة التي قد تتضمن نسبة عالية من الحرمان والتوزيع غير العادل للفرص.

الجميع يدرك الأهمية والمنفعة المترتبة وراء المشروعات القومية التي أصبحت سياسة واضحة تنتهجها الحكومة الحالية، وبصرف النظر عن الانتماء الفكري أو التوجه السياسي لأنها في المقام الأول ذات عائد مشترك على الجميع، ومن البديهي والمنطقي أنه لا أحد يعترض على استزراع المناطق الصحراوية، أو زيادة الرقعة الزراعية، في الوقت الذي تم التعدي فيه على الأراضي الزراعية بشكل لافت للنظر، ولا يعترض أحد على تنمية المناطق الحدودية أو غيرها من المشروعات التي تحتاج إلى تضافر جهود الجميع من أجل تحقيقها والتي تهدف في النهاية إلى زيادة موارد الدولة وإيراداتها وزيادة التصدير وجذب رؤوس الأموال وغير ذلك من الآثار الإيجابية التي تنعكس على اقتصاد الدولة وسياستها.

وأورد بيان الحكومة أمام مجلس النواب (27/3/2016) بعضاً من هذه المشروعات ومنها: مشروع تنمية محور قناة السويس، وإنشاء جيل جديد من المدن الجديدة، ومشروع تنمية مليون ونصف المليون فدان، وتطوير الساحل الشمالي الغربي عن طريق إقامة مجموعة محاور عرضية وطولية فضلاً عن مشروعات صناعية وسياحية وعمرانية وزراعية وتوليد الكهرباء، والطرق الكبرى ومحاور التنمية الجديدة؛ حيث يجري حالياً تنفيذ شبكة طرق تضم محافظات مصر كافة مع تطويرها حيث يبلغ طولها نحو خمسة آلاف كم ومحور 30 يونيو، ومدينة الجلالة الجديدة، والذي يهدف إلى تطوير منطقة خليج السويس والعين السخنة، وجذب مزيد من الاستثمارات السياحية، وإتاحة فرص عمل جديدة.

وبالتزامن مع اهتمام القيادة ومتخذي القرار ورجال الاقتصاد بهذه المشروعات وجب الاهتمام بمجموعة القضايا سالفة الذكر حتى نحقق تنمية متكاملة حقيقية، مثل قضية الحريات، الأمان، احترام الآخر، العدالة الاجتماعية، والاحتواء، حيث تعتبر العدالة ركناً أساسياً من أركان التنمية، والمجتمع الذي تغيب فيه العدالة الاجتماعية لا يمكن وصفه بأنه مجتمع متقدم أو يتمتع بمستوى مرتفع من التنمية، كما أن احتواء الأفراد بإشراكهم في المجتمع وعدم استبعادهم بسبب الجنس، والدين أو الانتماء الطبقي أو العرقي، ضرورة حتمية يسعى إليها الجميع، وجاء ذلك حق أصيل لكل المصريين بنص المادة (53) من الدستور المصري 2014.

كما تعتبر "الحياة الآمنة حقاً لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها"، بنص المادة (59)، ضمن باب الحقوق والحريات والواجبات العامة التي تلتزم بها الدولة تجاه المواطنين؛ لأن الدستور يعد بمثابة العقد الذي يربط الحاكم بالمحكومين.

وفي الأخير فإن فكرة تبنّي مفهوم شامل للتنمية ليكون شعاره "الاقتصاد من أجل التنمية الإنسانية"، هي فكرة قديمة ترجع إلى التراث اليوناني القديم، عندما ذكر الفيلسوف أرسطو مقولته المشهورة: "من الواضح أن الثروة ليست هي المنفعة التي نسعى لتحقيقها، فهي مفيدة فحسب، بقصد الحصول على شيء آخر".





ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/kayaty-ashour/-_12881_b_17706108.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات