أضحى من المؤكد أن الملف اليمني، بات رهينة بيد اللاعبين الإقليميين والدوليين، الذين يمارسون الانفصام السياسي بحق مستقبل اليمنيين، والمصابين بانهيار في العمق القيمي، تجاه تطلعات وآمال الشعب اليمني؛ حيث يتسابقون في تأسيس واقع سياسي جديد، مطعّم بتشكيلات وقوى محلية غير متجانسة، وملطّخ بكيانات تخدم أجندة إقليمية ودولية، تحدّ من دور وقوة الدولة اليمنية المنشودة، كمؤسسة سياسية وطنية، ذات سيادة ومستقلة القرار، وحامية لليمن الأرض والإنسان.
بعد عامين ونيّف من الحرب في اليمن، يجزم غالبية اليمنيين بأن سلطتهم الشرعية رئاسةً وحكومةً، ليس بمقدورها رسم السياسات واتخاذ القرارات بمنأى عن النفوذ الإقليمي السعودي والإماراتي، المهيمن على المشهد اليمني عسكرياً وسياسياً، الذي أصبح أسير فوبيا حركات الإسلام السياسي، الأمر الذي أدّى بالرياض وأبوظبي إلى انقلاب في أولوياتها وأجندتها الضاغطة، أفرز تناقضاً وتنافُراً في إدراك كُنه وطبيعة الملف اليمني وقضاياه الاستراتيجية، ودفع بتقييد السلطة الشرعية بقيود الارتهان السياسي والعسكري والاقتصادي للسعودية والإمارات، لدرجة كبيرة أفقدتها توجيه الأحداث والتحكّم بها، بما يخدم استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وانحصر دورها في المراقبة والتذمّر في أحسن أحوالها.
ثمة مؤشرات دالّة على انحراف واضح لا يعوزه دليل، عن الأهداف التي أعلنها التحالف العربي لتدخلّه العسكري في اليمن، فالوضع الميداني دليل كافٍ على هذا الانحراف، سواء تعلّق ذلك بضربات التحالف الجوية، أو بأداء الشرعية في جبهات القتال ومناطق النزوح، أو متابعتها لأحوال الناس في المناطق الخاضعة لها، والتي يعمِها الانفلات الأمني والغياب الشبه التام للخدمات، حتى ملف الإغاثة الإنسانية لم تستطِع الشرعية إدارته، على النحو الذي يمنع بعض القوى المحلية المتسترة خلف بعض منظمات الإغاثة العاملة في الميدان، من استغلاله كأداة للابتزاز أو الاستغلال السياسي، أو يحد من استخدامه كمصدر للثراء لبعض المتنفذين.
هناك بَون شاسع بين الشرعية المبدئية والقدرة عليها؛ أي على إثباتها، وهذا ما تفتقر إليه منظومة الشرعية اليمنية، التي فشلت حتى اللحظة الراهنة في قيادة معركة إنهاء الانقلاب، فها هي بنفس مناطقي بغيض تصرف مرتبات موظفي المحافظات، وتدير ظهرها لقرابة عام لمئات الآلاف من الموظفين المدنيين في المحافظات الشمالية، ممتنعة عن صرف رواتبهم، معلقة صرفها بشرط تدرك تمام الإدراك أنه لا يمكن تحقيقه؛ يتمثل في توريد الميليشيات للموارد التي تستولي عليها في معظم المحافظات الشمالية للشرعية، وهي بذلك تتنصل من مسؤولياتها القانونية والدستورية، في تسليم رواتب موظفي الدولة، وتنكث بوعودها وتعهداتها أمام المجتمع الدولي، عندما نقلت البنك المركزي إلى عدن، في صرف رواتب الموظفين في كل المحافظات اليمنية بلا استثناء.
لئن كانت السلطة الشرعية تمتلك الاعتراف الإقليمي والدولي، وحق تمثيل الشعب اليمني والحديث باسمه في كافة المحافل، ولئن كانت شرعية تدخّل التحالف مكتسبة من شرعية السلطة الشرعية، إلا أن ما يدور على الأرض، وتنبئ به الأحداث، يشي بأن هناك نفاقاً سياسياً يمارَس على الشعب اليمني، تحت عنوان كبير (استعادة الشرعية وإسقاط الانقلاب)، ومن المؤسف أن تتحول الشرعية باسم شرعيتها، إلى منظومة فشل وفساد، وسمسرة لأجندات شخصية ومناطقية أو لحسابات في أسواق النخاسة السياسية الإقليمية والدولية، ولو كان ذلك ضد التعجيل بإسقاط الانقلاب، وعلى حساب حصد مزيد من أرواح اليمنيين.
يقدّر اليمنيون رمزية وجود الرئيس عبدربه منصور هادي كرئيس للشرعية، بيد أنهم أصبحوا أكثر إدراكاً أن هذه الرمزية تنفذ من خلالها أدوات الاسترزاق السياسي، ومشاريع التقسيم والتمزيق، وعبرها يتم استهداف الروافع الاجتماعية والسياسية الحاملة لأهداف ثورة 11 فبراير/شباط 2011م؛ ولذلك بات من الضروري اختراق الشرعية، ببدائل كفؤة أكثر مسؤوليةً وفاعليةً، مصحوبةً بآلية عمل واضحة، تعمل على تغيير الموازين لصالح إعادة الأمل لليمنيين، وتخترق مرتكزات قوة الميليشيات؛ لتسريع خُطى القضاء على الانقلاب، وبسط سلطة الدولة في عموم أرجاء اليمن.
سخطنا على الشرعية ومن خلفها التحالف أصبح مشروعاً وواقعياً، يعكس مدى شعورنا بعجزها عن إدارة المرحلة، وعدم وجود رؤية وطنية لها ذات برنامج محدد الخطوات والمعالم والأهداف، يخلصنا من وضع كارثي شاركت في وصولنا إليه، شرعية ركيكة متخبطة، ومتلكئة، تغرّد خارج سرب احتياجات المرحلة، كما أنه لا يوجد لدينا معنى لشرعية لا تصرف راتباً، ولا تبسط أمناً واستقراراً، ولا تقاسمنا همومنا وجراحنا، ولا تشاطرنا بؤس وشظف الحياة، صبرنا لن يطول، ولم نعد نحتمل مزيداً من المعاناة، وليست دماؤنا رخيصةً وتضحياتنا عبثاً في طاولة القمار السياسي والهواجس، التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، تحتاج الشرعية لتصحيح المسار، وإلى أكثر من المراجعة والتقييم، قبل فوات الأوان، وقد أعذرَ مَن أنذرَ.
بعد عامين ونيّف من الحرب في اليمن، يجزم غالبية اليمنيين بأن سلطتهم الشرعية رئاسةً وحكومةً، ليس بمقدورها رسم السياسات واتخاذ القرارات بمنأى عن النفوذ الإقليمي السعودي والإماراتي، المهيمن على المشهد اليمني عسكرياً وسياسياً، الذي أصبح أسير فوبيا حركات الإسلام السياسي، الأمر الذي أدّى بالرياض وأبوظبي إلى انقلاب في أولوياتها وأجندتها الضاغطة، أفرز تناقضاً وتنافُراً في إدراك كُنه وطبيعة الملف اليمني وقضاياه الاستراتيجية، ودفع بتقييد السلطة الشرعية بقيود الارتهان السياسي والعسكري والاقتصادي للسعودية والإمارات، لدرجة كبيرة أفقدتها توجيه الأحداث والتحكّم بها، بما يخدم استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وانحصر دورها في المراقبة والتذمّر في أحسن أحوالها.
ثمة مؤشرات دالّة على انحراف واضح لا يعوزه دليل، عن الأهداف التي أعلنها التحالف العربي لتدخلّه العسكري في اليمن، فالوضع الميداني دليل كافٍ على هذا الانحراف، سواء تعلّق ذلك بضربات التحالف الجوية، أو بأداء الشرعية في جبهات القتال ومناطق النزوح، أو متابعتها لأحوال الناس في المناطق الخاضعة لها، والتي يعمِها الانفلات الأمني والغياب الشبه التام للخدمات، حتى ملف الإغاثة الإنسانية لم تستطِع الشرعية إدارته، على النحو الذي يمنع بعض القوى المحلية المتسترة خلف بعض منظمات الإغاثة العاملة في الميدان، من استغلاله كأداة للابتزاز أو الاستغلال السياسي، أو يحد من استخدامه كمصدر للثراء لبعض المتنفذين.
هناك بَون شاسع بين الشرعية المبدئية والقدرة عليها؛ أي على إثباتها، وهذا ما تفتقر إليه منظومة الشرعية اليمنية، التي فشلت حتى اللحظة الراهنة في قيادة معركة إنهاء الانقلاب، فها هي بنفس مناطقي بغيض تصرف مرتبات موظفي المحافظات، وتدير ظهرها لقرابة عام لمئات الآلاف من الموظفين المدنيين في المحافظات الشمالية، ممتنعة عن صرف رواتبهم، معلقة صرفها بشرط تدرك تمام الإدراك أنه لا يمكن تحقيقه؛ يتمثل في توريد الميليشيات للموارد التي تستولي عليها في معظم المحافظات الشمالية للشرعية، وهي بذلك تتنصل من مسؤولياتها القانونية والدستورية، في تسليم رواتب موظفي الدولة، وتنكث بوعودها وتعهداتها أمام المجتمع الدولي، عندما نقلت البنك المركزي إلى عدن، في صرف رواتب الموظفين في كل المحافظات اليمنية بلا استثناء.
لئن كانت السلطة الشرعية تمتلك الاعتراف الإقليمي والدولي، وحق تمثيل الشعب اليمني والحديث باسمه في كافة المحافل، ولئن كانت شرعية تدخّل التحالف مكتسبة من شرعية السلطة الشرعية، إلا أن ما يدور على الأرض، وتنبئ به الأحداث، يشي بأن هناك نفاقاً سياسياً يمارَس على الشعب اليمني، تحت عنوان كبير (استعادة الشرعية وإسقاط الانقلاب)، ومن المؤسف أن تتحول الشرعية باسم شرعيتها، إلى منظومة فشل وفساد، وسمسرة لأجندات شخصية ومناطقية أو لحسابات في أسواق النخاسة السياسية الإقليمية والدولية، ولو كان ذلك ضد التعجيل بإسقاط الانقلاب، وعلى حساب حصد مزيد من أرواح اليمنيين.
يقدّر اليمنيون رمزية وجود الرئيس عبدربه منصور هادي كرئيس للشرعية، بيد أنهم أصبحوا أكثر إدراكاً أن هذه الرمزية تنفذ من خلالها أدوات الاسترزاق السياسي، ومشاريع التقسيم والتمزيق، وعبرها يتم استهداف الروافع الاجتماعية والسياسية الحاملة لأهداف ثورة 11 فبراير/شباط 2011م؛ ولذلك بات من الضروري اختراق الشرعية، ببدائل كفؤة أكثر مسؤوليةً وفاعليةً، مصحوبةً بآلية عمل واضحة، تعمل على تغيير الموازين لصالح إعادة الأمل لليمنيين، وتخترق مرتكزات قوة الميليشيات؛ لتسريع خُطى القضاء على الانقلاب، وبسط سلطة الدولة في عموم أرجاء اليمن.
سخطنا على الشرعية ومن خلفها التحالف أصبح مشروعاً وواقعياً، يعكس مدى شعورنا بعجزها عن إدارة المرحلة، وعدم وجود رؤية وطنية لها ذات برنامج محدد الخطوات والمعالم والأهداف، يخلصنا من وضع كارثي شاركت في وصولنا إليه، شرعية ركيكة متخبطة، ومتلكئة، تغرّد خارج سرب احتياجات المرحلة، كما أنه لا يوجد لدينا معنى لشرعية لا تصرف راتباً، ولا تبسط أمناً واستقراراً، ولا تقاسمنا همومنا وجراحنا، ولا تشاطرنا بؤس وشظف الحياة، صبرنا لن يطول، ولم نعد نحتمل مزيداً من المعاناة، وليست دماؤنا رخيصةً وتضحياتنا عبثاً في طاولة القمار السياسي والهواجس، التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، تحتاج الشرعية لتصحيح المسار، وإلى أكثر من المراجعة والتقييم، قبل فوات الأوان، وقد أعذرَ مَن أنذرَ.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/abdelwasea-fataki/story_b_17847296.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات