لم تكن هي الوحيدة التي تغير موقفها، ولكن السعودية قد تكون آخر من بدأ يرجح الانضمام إلى الحملة الروسية للإبقاء على رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة، بدلاً من البقاء على الجبهة الأخرى.
وتتعدد الدلائل التي تشير إلى تعاون الدول المتناحرة في سوريا، بما فيها السعودية، لتسوية الملف مع الإبقاء على الأسد في السلطة، والتي رصدتها وكالة بلومبرج الأمريكية.
فالسعوديون استضافوا اجتماعاً لفصائل المعارضة السورية الشهر الماضي (أغسطس/آب 2017)؛ في محاولة للتوصُّل إلى وفاقٍ بين الجماعات المناهضة للأسد مُتَصَلِّبة الرأي وأخرى أقل إصراراً على شرط رحيله الفوري.
ومن المُقرَّر أنَّ يزور وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الرياض؛ لإجراء المزيد من المباحثات على مدار الأيام المقبلة، وتأتي الزيارة قبيل زيارة الملك سلمان المُنتظرة إلى موسكو.
ويُسدِّد تبدُّل الموقف السعودي ضربةً جديدة إلى المعارضة السورية، التي شهدت بدورها استعادة الأسد، مدعوماً بسلاح الجو الروسي، السيطرة على أغلب مناطق البلاد في العامين الماضيين.
وفي وقتٍ سابق من العام الجاري (2017)، أوقَف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، برنامجاً يُقدِّم مساعدات عسكرية للمعارضة، مُبرِّراً ذلك بأنَّ هدف الولايات المتحدة الرئيسي في سوريا هو هزيمة تنظيم داعش، بينما رجعت تركيا أيضاً، وقد كانت من أكبر داعمي المعارضة السورية، عن موقفها وتعاونت مع الروس.
وقال مصطفى العاني، مدير قسم دراسات الدفاع والأمن بمركز الخليج للأبحاث في دبي: "يُدرِك السعوديون الآن أنَّ الروس هُم الطرف الوحيد القادر على تسوية النزاع السوري. وعلى ذلك فهُم لا يمانعون فكرة بقاء نظام الأسد".
حملة شرسة
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، صرح الشهر الماضي بأنَّ هدف السعودية طويل المدى يظل "إيجاد مستقبلٍ لسوريا بلا بشار الأسد". لكن المباحثات، المنعقدة في الرياض بتاريخ 22 أغسطس/آب، شهدت دفعاً من الجانب السعودي تجاه توحيد الجبهة بين الهيئة العليا للمفاوضات، وهي جماعة المعارضة الرئيسية التي اعتادت السعودية مساندتها، وكُتلتين أخريين ذواتي صلاتٍ أقرب مع موسكو.
ومن المُقرَّر عقد جولة أخرى من المفاوضات في العاصمة السعودية الرياض الشهر المقبل (أكتوبر/تشرين الأول)؛ بهدف الدمج بين فروع المعارضة الثلاثة لتشكيل وفدٍ مُوحَّدٍ للمعارضة السورية، من شأنه أن يشارك في المباحثات المعقودة بجنيف وتقودها منظَّمة الأمم المتّحدة.
ويقول المشاركون في عملية المفاوضات إنَّ تغيُّراتٍ قد طرأت على الوضع، وقال قدري جميل، وهو سوري شغل مسبقاً منصب نائب رئيس الوزراء ويرأس الآن كتلة المعارضة المدعومة من قِبل روسيا، في حوارٍ صحفي: "أرى تبدُّلاً في موقف الرياض. فُرَص التوصُّل إلى اتفاقيةٍ هذه المرة كبيرة جداً".
وفي هذه الأثناء، أشار يحيى العريضي، وهو عضوٌ بارز بالجماعة الرئيسية المناهضة للأسد، إلى أنَّ فصيله "قلِقٌ" من أنَّ السعوديين الذين دعموه سابقاً سيتوصَّلون إلى صفقةٍ ما مع روسيا. وقال: "هُناك حملةٌ شرسةٌ تهدف إلى إعادة تأهيل نظام الأسد".
وميدانياً كذلك، يصُب الواقع العسكري في مصلحة الأسد والروس. وهذا الأسبوع، أنهت القوات الحكومية الروسية حصاراً فرضه تنظيم داعش على مدينة دير الزور الشرقية ذات الأهمية الاستراتيجية، وكان قد استمر ذلك الحصار قرابة 3 أعوام.
وفي غير ذلك من مناطق البلاد، فإنَّ الفصائل الأخرى المقاتلة للأسد -الجهادية والمعتدلة على حدٍ سواء- اضطرت إلى التراجع لمناطقٍ أصغر من ذي قبل.
إيران "توحِّدهم"!
وقد تحسَّنَت العلاقات بين السعودية وروسيا على أصعدةٍ أخرى أيضاً؛ إذ تجاوزت الدولتان، وهُما أكبر دولتين مُنتجتين للنفط في العالم، اختلافاتهما في سبيل الاتفاق على الحدِّ من إنتاج النفط حسب صفقةٍ أتمَّتها منظمة الأوبك لزيادة أسعار النفط.
ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ أحد دوافع الوِفاق الجديد بين السعودية وروسيا هي رغبة السعوديين في مجابهة صعود الطرف الرئيسي الثاني في دعم الأسد، إيران.
وبالنسبة للسعوديين، قال العاني: "لم يَعُد نظام الأسد مشكلة، حتى الرئيس لم يَعُد مشكلة هو الآخر. المشكلة الآن هي مسألة وجود الإيرانيين على أرض سوريا"؛ إذ تطرح الولايات المتّحدة ومعها إسرائيل الآن أنَّ "على الروس العمل على إنهاء الوجود الإيراني في سوريا".
من جانبه، حذَّرَ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الإثنين 28 أغسطس/آب، من أنَّ إيران تُصنِّع صواريخ عالية الدقة في مصانعٍ بسوريا ولبنان. والخميس 7 سبتمبر/أيلول، حمَّلت حكومة الأسد إسرائيل مسؤولية قصفٍ تعرَّض له موقعٌ عسكري في شمال غربي سوريا.
الكلمة لـ"روسيا"!
وتعتبِر روسيا إيران حليفاً استراتيجياً في الشرق الأوسط، في حين أنَّها عدوَّة السعودية اللدودة. ومع ذلك، وفقاً ليوري بارمين، وهو خبيرٌ بشؤون الشرق الأوسط في المجلس الروسي للشؤون الدولية، فإنَّ "مصالح الدولتين قد تتقاطع" بسوريا.
قال بارمين: "القوة الملموسة على الأرض في سوريا هي روسيا، وهي مَن تتَّخذ القرارات. لكن الروس يعملون الآن على احتواء النفوذ الإيراني، وهذه المسألة شيءٌ يمكنهم التحدُّث بشأنه مع السعوديين".
وتسعى روسيا لاكتسابِ شرعيةٍ دولية لحملتها السورية ولتجنُّب استمرار نزاعٍ عسكري مفتوح، من خلال حثِّ الأسد على إتمام صفقةٍ مع معارضيه في جنيف.
وكان لافروف بالخليج الأسبوع الماضي، في جولةٍ كانت قطر إحدى محطاتها، وهي قوةٌ كُبرى أخرى من داعمي المعارضة. وقال لافروف إنَّه ورغم الاختلافات، فإنَّ هُناك اهتماماً عاماً بإنهاء الحرب السورية.
وقد اضطرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، وكذلك السعودية وتركيا، إلى تغيير موقفهم تجاه الأسد؛ إذ قال دبلوماسيان غربيان على صلةٍ وثيقةٍ بالأمر، إنَّ تلك الدول تتقبَّل الآن بقاءه خلال المرحلة الانتقالية.
وتحدَّثَ المبعوثان الدبلوماسيان شريطة الإبقاء على هويتهما مجهولة؛ لأنَّ المحادثات الجارية الآن سرية.
وتتعدد الدلائل التي تشير إلى تعاون الدول المتناحرة في سوريا، بما فيها السعودية، لتسوية الملف مع الإبقاء على الأسد في السلطة، والتي رصدتها وكالة بلومبرج الأمريكية.
فالسعوديون استضافوا اجتماعاً لفصائل المعارضة السورية الشهر الماضي (أغسطس/آب 2017)؛ في محاولة للتوصُّل إلى وفاقٍ بين الجماعات المناهضة للأسد مُتَصَلِّبة الرأي وأخرى أقل إصراراً على شرط رحيله الفوري.
ومن المُقرَّر أنَّ يزور وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الرياض؛ لإجراء المزيد من المباحثات على مدار الأيام المقبلة، وتأتي الزيارة قبيل زيارة الملك سلمان المُنتظرة إلى موسكو.
ويُسدِّد تبدُّل الموقف السعودي ضربةً جديدة إلى المعارضة السورية، التي شهدت بدورها استعادة الأسد، مدعوماً بسلاح الجو الروسي، السيطرة على أغلب مناطق البلاد في العامين الماضيين.
وفي وقتٍ سابق من العام الجاري (2017)، أوقَف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، برنامجاً يُقدِّم مساعدات عسكرية للمعارضة، مُبرِّراً ذلك بأنَّ هدف الولايات المتحدة الرئيسي في سوريا هو هزيمة تنظيم داعش، بينما رجعت تركيا أيضاً، وقد كانت من أكبر داعمي المعارضة السورية، عن موقفها وتعاونت مع الروس.
وقال مصطفى العاني، مدير قسم دراسات الدفاع والأمن بمركز الخليج للأبحاث في دبي: "يُدرِك السعوديون الآن أنَّ الروس هُم الطرف الوحيد القادر على تسوية النزاع السوري. وعلى ذلك فهُم لا يمانعون فكرة بقاء نظام الأسد".
حملة شرسة
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، صرح الشهر الماضي بأنَّ هدف السعودية طويل المدى يظل "إيجاد مستقبلٍ لسوريا بلا بشار الأسد". لكن المباحثات، المنعقدة في الرياض بتاريخ 22 أغسطس/آب، شهدت دفعاً من الجانب السعودي تجاه توحيد الجبهة بين الهيئة العليا للمفاوضات، وهي جماعة المعارضة الرئيسية التي اعتادت السعودية مساندتها، وكُتلتين أخريين ذواتي صلاتٍ أقرب مع موسكو.
ومن المُقرَّر عقد جولة أخرى من المفاوضات في العاصمة السعودية الرياض الشهر المقبل (أكتوبر/تشرين الأول)؛ بهدف الدمج بين فروع المعارضة الثلاثة لتشكيل وفدٍ مُوحَّدٍ للمعارضة السورية، من شأنه أن يشارك في المباحثات المعقودة بجنيف وتقودها منظَّمة الأمم المتّحدة.
ويقول المشاركون في عملية المفاوضات إنَّ تغيُّراتٍ قد طرأت على الوضع، وقال قدري جميل، وهو سوري شغل مسبقاً منصب نائب رئيس الوزراء ويرأس الآن كتلة المعارضة المدعومة من قِبل روسيا، في حوارٍ صحفي: "أرى تبدُّلاً في موقف الرياض. فُرَص التوصُّل إلى اتفاقيةٍ هذه المرة كبيرة جداً".
وفي هذه الأثناء، أشار يحيى العريضي، وهو عضوٌ بارز بالجماعة الرئيسية المناهضة للأسد، إلى أنَّ فصيله "قلِقٌ" من أنَّ السعوديين الذين دعموه سابقاً سيتوصَّلون إلى صفقةٍ ما مع روسيا. وقال: "هُناك حملةٌ شرسةٌ تهدف إلى إعادة تأهيل نظام الأسد".
وميدانياً كذلك، يصُب الواقع العسكري في مصلحة الأسد والروس. وهذا الأسبوع، أنهت القوات الحكومية الروسية حصاراً فرضه تنظيم داعش على مدينة دير الزور الشرقية ذات الأهمية الاستراتيجية، وكان قد استمر ذلك الحصار قرابة 3 أعوام.
وفي غير ذلك من مناطق البلاد، فإنَّ الفصائل الأخرى المقاتلة للأسد -الجهادية والمعتدلة على حدٍ سواء- اضطرت إلى التراجع لمناطقٍ أصغر من ذي قبل.
إيران "توحِّدهم"!
وقد تحسَّنَت العلاقات بين السعودية وروسيا على أصعدةٍ أخرى أيضاً؛ إذ تجاوزت الدولتان، وهُما أكبر دولتين مُنتجتين للنفط في العالم، اختلافاتهما في سبيل الاتفاق على الحدِّ من إنتاج النفط حسب صفقةٍ أتمَّتها منظمة الأوبك لزيادة أسعار النفط.
ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ أحد دوافع الوِفاق الجديد بين السعودية وروسيا هي رغبة السعوديين في مجابهة صعود الطرف الرئيسي الثاني في دعم الأسد، إيران.
وبالنسبة للسعوديين، قال العاني: "لم يَعُد نظام الأسد مشكلة، حتى الرئيس لم يَعُد مشكلة هو الآخر. المشكلة الآن هي مسألة وجود الإيرانيين على أرض سوريا"؛ إذ تطرح الولايات المتّحدة ومعها إسرائيل الآن أنَّ "على الروس العمل على إنهاء الوجود الإيراني في سوريا".
من جانبه، حذَّرَ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الإثنين 28 أغسطس/آب، من أنَّ إيران تُصنِّع صواريخ عالية الدقة في مصانعٍ بسوريا ولبنان. والخميس 7 سبتمبر/أيلول، حمَّلت حكومة الأسد إسرائيل مسؤولية قصفٍ تعرَّض له موقعٌ عسكري في شمال غربي سوريا.
الكلمة لـ"روسيا"!
وتعتبِر روسيا إيران حليفاً استراتيجياً في الشرق الأوسط، في حين أنَّها عدوَّة السعودية اللدودة. ومع ذلك، وفقاً ليوري بارمين، وهو خبيرٌ بشؤون الشرق الأوسط في المجلس الروسي للشؤون الدولية، فإنَّ "مصالح الدولتين قد تتقاطع" بسوريا.
قال بارمين: "القوة الملموسة على الأرض في سوريا هي روسيا، وهي مَن تتَّخذ القرارات. لكن الروس يعملون الآن على احتواء النفوذ الإيراني، وهذه المسألة شيءٌ يمكنهم التحدُّث بشأنه مع السعوديين".
وتسعى روسيا لاكتسابِ شرعيةٍ دولية لحملتها السورية ولتجنُّب استمرار نزاعٍ عسكري مفتوح، من خلال حثِّ الأسد على إتمام صفقةٍ مع معارضيه في جنيف.
وكان لافروف بالخليج الأسبوع الماضي، في جولةٍ كانت قطر إحدى محطاتها، وهي قوةٌ كُبرى أخرى من داعمي المعارضة. وقال لافروف إنَّه ورغم الاختلافات، فإنَّ هُناك اهتماماً عاماً بإنهاء الحرب السورية.
وقد اضطرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، وكذلك السعودية وتركيا، إلى تغيير موقفهم تجاه الأسد؛ إذ قال دبلوماسيان غربيان على صلةٍ وثيقةٍ بالأمر، إنَّ تلك الدول تتقبَّل الآن بقاءه خلال المرحلة الانتقالية.
وتحدَّثَ المبعوثان الدبلوماسيان شريطة الإبقاء على هويتهما مجهولة؛ لأنَّ المحادثات الجارية الآن سرية.
المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/09/08/story_n_17936422.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi
تعبيراتتعبيرات