الاثنين، 18 سبتمبر 2017

تسألونني عن الأهلة؟!

تسألونني عن الأهلة؟!

هذه مدونة طالما أجَّلت الكتابة فيها حتى ينضج تفكير أبنائي وبناتي السعوديين وعاطفتهم، وأظنُّهم كبروا ونضجوا حتى يعوا هذه الكلمات ويحفظوها ويبلغوها عني.

اعلموا -يا أبنائي- أن المرء فينا له مكانة عند ربه إذا انحاز إلى جانبه واختار طريقه دون كل الطرق. وما أشد على المرء أن يعادي أهله وأحباءه في أشياء قد جٌبلوا عليها وتربوا على نهجها! ولكن، لأن طريق الحق منير، فإنه لا محالة يجمع المتفرقين ويؤلف بين المتخاصمين.
فبصبر جميل وخلق جميل، تصل بفكرتك إلى قلوب الناس وكفى بالله وكيلاً.

نعود إلى الأهلَّة.. فأهلة المواقيت والحج ذكرها الله في سورة البقرة الآية 189: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".

أما الأهلة التي بصددها هذه المدونة، فهي أهلَّة الفرقة والشتات والضياع. الهلال السني والهلال الشيعي، أظنكم سمعتم عنهما من أبواق الإعلام ومنابر السياسة، أسماء ما أنزل الله بها من سلطان. أسماء لها أغراض سياسية، لا تصبُّ بحال في صالح الشعوب وتكرّس لحكم الطواغيت، يُلهون بها الناس عن المطالبة بحقوقهم في اختيار نوابهم وأولياء أمورهم وعن حقوقهم في ثروات بلادهم وفي معيشة كريمة آمنة مثل خلق الله في بلاد ليست بها أهلة.

الشباب يستطيعون أن يغيروا هذا النمط من التفكير، عليهم أن يتجاوزوا الماضي والحاضر؛ ليصنعوا المستقبل. فمثلاً شباب السنّة عليهم ألا يُغلقوا باباً للصلح. وتسميات القدماء لا تلزمنا بالأخذ بها، مثل الروافض والصفوية والسبئية والجهمية، وغيرها من توصيفات شغلت الناس قديماً، وها نحن نضيف إليها من قاموس الفرقة ما يزيد الثوب البلى ثقوباً وخرقاً.

نسمع عن شاب تسنَّن (يعني أصبح من أهل السنّة) ولم ندرك أن الله يأبى إلا الإسلام ديناً. ولكن في سوق الدعاة، هناك بضاعة تحتاج فرزاً وتنقية، جميل أن يعدل شاب عن سِباب عامة المؤمنين والصحابة، ولكن أليس من الأفضل أن نقول "عاد إلى رشده أو رجع إلى الحق".
ولكن، لأن أعلام أهل السنّة يرفعها، من لا يستوعب الأمر برمته تراه لا يلتفت إلا إلى مثل هذه المفردات.

أحب أن أرى شباب السنّة يطالبون بتحسين معيشة إخوانهم بالمناطق ذات الأغلبية الشيعية. سبحان الله، أليسوا إخوانك في الدين وأبناء وطنك؟! إذاً، فلم لا تقفون في صفهم إذا لحقهم ما لم يلحقك بسبب مذهبك. تعاونوا على البر والتقوى.

أما أبنائي الشيعة، فعليهم مثل أمثالهم السنّة مسؤولية الاستقلالية عن منابر الفرقة. أحب أن أراكم تصلّون مع إخوانكم السنّة في مساجدهم وتأتمون بأئمتهم. كنت دائماً أسأل نفسي كيف تلعثمت في صلاتي عندما صليت مصادفةً خلف إمام شيعي، إضافات لا أعلم من أين أتت؟! كيف يغفل عنها الشيعة وهم يعلمون أن المسلمين يأخذوا صلاتهم ممن شهد صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ووصفها كما هي؟!

الأمر غير عاطفي بقدر ما هو توصيل توصيف الصلاة كما كانت بحذافيرها. لكن الأمر يحتاج جهداً أكبر من مدونة مثل هذه. ثم إذا سمعت -يا ولدي ويا ابنتي- صاحب عمامة يسبُّ أمك عائشة، فأقل ما تصنع أن تغادر هذا المجلس حتى يخوضوا في حديث آخر، وأكثره أن تناشد هذا الرجل بأن يحفظ حرمة النبي وعِرضه وأن يكف عن هذا الفسوق. وإذا رأيت الناس يبكون الحسين، فلا تشاركهم اللطم ولكن احزن على سيد الشهداء واتبع طريقه في دفع الظلم ما استطعت.

لقد ثبت في عقيدتي أن شهادة الإسلام تجمعنا على كلمة سواء، وأن غير هذا لا أعتد به. والشيعة في معتقدي لا ينفكُّون عن الصوفية في الفلكلور الأدائي وعن السلفية في تشددهم المتغالي، وكلهم في قلبي يملكون حباً لا متعالياً أو متجافياً عن حق أو متطاولاً على عترة أهل البيت وأمنا عائشة في صميم قلبها. اللهم اهدنا فيمن هديت.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/magdy-hussein/-_13307_b_17968118.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات