الأحد، 8 أكتوبر 2017

كيف أصبح "ريد بول" المشروب الغازي الأقوى تسويقاً في العالم؟ القصة المذهلة لرجل الأعمال النمساوي

كيف أصبح "ريد بول" المشروب الغازي الأقوى تسويقاً في العالم؟ القصة المذهلة لرجل الأعمال النمساوي

عندما يأتي في الوجدان مشروب "ريد بول"، نتذكر العبارة الدعائية الشهيرة "بيعطيك جوانح"؛ نظراً إلى الارتباط الوثيق بين هذه الجملة وانتشار المشروب الغازي الشهير على مستوى العالم.

فخلال فترة وجيزة، أصبح "ريد بول" واحداً من أنجح المشروبات الغازية وأكثرها مبيعاً على مستوى العالم؛ بل حصل عام 2016م على لقب "أكثر مشروب غازي مبيعاً على مستوى العالم"، بعدما نجحت الشركة في بيع أكثر من 6 مليارات عبوة.

لكن وراء الوصول إلى ذلك اللقب، رجل أعمال بعقلية تسويقية مُبهرة وهو النمساوي "ديتريتش ماتيشيتز"، عبقري التسويق ورئيس شركة "ريد بول"، الذي اكتشف هذا المشروب ونجح في جعله منتجاً عالمياً.



البداية من رحلة إلى تايلاند





وُلد "ديتريتش ماتيشيتز" عام 1944م بالنمسا لأبوين من أصول كرواتية يعملان مدرسَين، وبعد حصوله على شهادة التسويق من جامعة "فيينا" عُيّن في شركة "يونيليفر" للمنظفات، قبل أن ينتقل بعد ذلك للعمل في شركة "بلينداكس" لمستحضرات التجميل.

كانت الخطوة الأولى لـ"ريد بول" عام في 1982م في أحد أسفار "ماتيشيتز" التسويقية لشركة "بلينداكس" بتايلاند، عندما عانى اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، لكن بمجرد وصوله للبلد الآسيوي تناول مشروب "كراتينغ داينغ"، الذي جعله يستعيد عافيته بشكل كبير.



"كراتينغ داينغ" و"ريد بول".. كيف تكونت العلاقة؟







dietrich mateschitz
ديتريتش ماتيشيتز



كان التايلاندي "كاليو يوفيديا" أول من اكتشف مشروب "كراتينغ داينغ"، وتحديداً عام 1976م ويتكون بشكل أساسي من مشروب محلَّى غير غازي يحتوي على مادة "التورين" المُحفزة للطاقة، التي جعلت "ماتيشيتز" بمجرد تناوله هذا المشروب واستعادته عافيته، يتشجع لتسويقه ونقله إلى القارة الأوروبية.

اتفق "ماتيشيتز" مع "يوفيديا" على إنشاء شركة جديدة بينهما؛ بهدف تحويل هذا المشروب إلى منتج عالمي، كما اتفق الثنائي على أن يحصل كل منهما على 49% من نسبة أسهم الشركة، و تذهب الـ2% المتبقية إلى "تشاليرم"، الابن الأكبر لـ"يوفيديا"، على أن يتولى "ماتيشيتز" إدارة الشركة التي افتُتحت في 1 أبريل/نيسان 1987م بالنمسا.

بمرور الوقت ومع نجاح المشروب بشكل كبير في النمسا وتايلاند، بدأ "ماتيشيتز" و"يوفيديا" بالتفكير في نشر المشروب على مستوى القارة الأوروبية؛ ففي عام 1992م ظهر "ريد بول" في أسواق المجر وسلوفينيا، وبعدها نجحا في نقله إلى السوق الأميركية عام 1997م، ثم الانتقال إلى سوق الشرق الأوسط والبلاد العربية بداية من عام 2000م.



سياسة تسويقية مختلفة





استهدف "ماتيشيتز"، بشكل أساسي، في تسويقه "ريد بول"، شريحة الشباب المهتم بالرياضات التي تعتمد على الإثارة إلى حد كبير، مثل سباقات السيارات والتزحلق على الجليد وسباقات الدراجات النارية، لذلك بعدما أصبح "ريد بول" علامة تجارية معروفة إلى حد ما في سوق المشروبات الغازية.

سعى "ماتيشيتز" لأن ينتهج سياسة تسويقية مختلفة لم تتبنّها أي شركة مشروبات غازية من قبل، وذلك في سبيل تحقيق انتشار سريع لـ"ريد بول"، وتكوين قاعدة جماهيرية عريضة له.

كانت بداية تطبيق هذه السياسة التسويقية عام 1995م، عندما أبرم "ماتيشيتز" صفقة لرعاية فريق "ساوبر"، المنافس في سباقات "فورمولا-1" للسيارات، قبل أن يقرر عام 2001م إنهاء شراكته ورعايته له؛ بسبب بعض الخلافات الفنية مع ملّاك الفريق، ليشتري بعد ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2004م فريق "جاغوار"، ليُصبح اسمه "ريد بول"، كنوع من التسويق للمنتج بشكل جديد.

ولم تنته توسعاته عند هذا الحد؛ ففي سبتمبر/أيلول 2005م اشترى فريق "ميناردي" الإيطالي، المنافس في "فورمولا-1"، وجعل اسمه "سكوديريا تورو روسو" وتعني "تورو روسو" "ريد بول" باللغة الإيطالية.



redbull formula



لم يكن هدف "ماتيشيتز" من وراء شراء فريقي "جاغوار" و"ميناردي"، اللذين تحول اسماهما إلى "ريد بول" و"تورو روسو"، دعائياً فقط، فقد نجح في تحقيق نجاح كبير في سباقات "فورمولا-1" على مدار العقد الماضي، فتمكن من الجمع بين لقبي بطولة العالم للسائقين والصانعين لـ4 أعوام متتالية، بين عامي 2010 و2013م، وذلك بقيادة السائق الألماني الشهير "سيباستيان فيتيل" سائق فريق "فيراري" الإيطالي الحالي.

كما نجح "ماتيشيتز" في نشر "ريد بول" بالسوق الأميركية، بامتلاكه فريق "ريد بول"، المنافس في سباقات "ناسكار" الشهيرة للسيارات، خلال الفترة من 2006 إلى 2011م.



انتقال "ريد بول" إلى سوق كرة القدم





يبدو أن "ماتيشيتز" أدرك أن سوق سباقات السيارات لن يكون كافياً لنشر سلعة "ريد بول" على نطاق واسع، فسعى للانتقال إلى سوق جديدة في عالم الرياضة وهي كرة القدم، التي تعتبر على نطاق واسع الرياضة الأكثر انتشاراً في العالم.

بدأ "ماتيشيتز" حملته التسويقية لـ"ريد بول" في عالم كرة القدم من النمسا بشراء فريق "أستوريا سالزبورغ" النمساوي في أبريل/نيسان 2005 م، وحوّل اسمه إلى "ريد بول سالزبورغ"، وخلال الـ12 عاماً الماضية، تمكن فريق "ريد بول سالزبورغ" من انتداب بعض المدربين المعروفين في عالم التدريب بكرة القدم الأوروبية، إضافة إلى تدعيم الفريق بالعديد من المواهب، مما مكنه من الفوز بالمركز الأول في الدوري النمساوي خلال الموسم الماضي.

رغم الانتقادات التي وُجهت إلى "ماتيشيتز"؛ بسبب تغيير اسم وتاريخ نادٍ كبير في النمسا مثل "أستوريا سالزبورغ"، فإن الملياردير النمساوي سعى لتكرار التجربة مرة أخرى لكن هذه المرة في ألمانيا، ففي مايو/أيار عام 2009 م أسس نادي "ريد بول لايبزيج"، ليكون بمثابة البداية لقصة قد تكون قصيرة من النجاح للنادي الألماني الجديد.



redbull



تمكن نادي "لايبزيج" على مدار 7 أعوام من الترقي سريعاً في درجات دوريات كرة القدم الألمانية كافة، قبل أن ينجح في الصعود لدوري الدرجة الأولى الألماني "البوندسليغا"، بعد احتلال وصافة دوري الدرجة الثانية الألماني في موسم 2015م.

نجح "لايبزيج" مؤخراً في قيادة المدرب "رالف هازنهانتل" -وبوجود بعض أبرز مواهب الدوري الألماني، مثل "تيمو فيرنير" و"نابي كايتا"- إلى احتلال وصافة الدوري الألماني 2016-2017م، ليتحقق بذلك إنجاز تاريخي للفريق بتأهُّله للعب في دوري أبطال أوروبا.

من ثم، مع هذه النجاحات الكبيرة لـ"ماتيشيتز" في عالم الرياضة، ارتفعت ثروته الشخصية بشكل كبير كبير، كما ارتفعت القيمة التسويقية لـ"ريد بول"، وللفرق والأندية كافة التي يمتلكها، سواء بعالم سباقات السيارات أو في عالم كرة القدم.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/2017/10/05/story_n_18193582.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات