الأحد، 26 نوفمبر 2017

الأخلاق

الأخلاق

هو موضوع يستخفُّ به جزء من الناس ولا يهتمون به على الإطلاق، اللهم إلا الفنان محمد صبحي، الذي أصبح "رئيس شرطة الأخلاق" كما تم تداول اسمه على شبكات التواصل الاجتماعي؛ لاهتمامه بالأخلاق في المجتمع.

اختلفت الأقاويل في تعريف الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الدين؛ فهناك من يقول إنها اللغة المشتركة بين كل العالم رغم اختلاف الثقافات واختلاف المعتقدات.

ويعتبرها أناس آخرون منظومة القيم التي يحتاجها مجتمعنا ويتفق عليها معظم العالم وعلى ضرورة وجودها في عالمنا.

أما عن رأيي الشخصي -الذي كوّنته بعد البحث في معظم الأفكار- فهي المعيار الرئيسي للسلوك الإنساني الذي تحكم به على الأشخاص وتفهم طريقة نشأتهم، ولكن ليس معتقداتهم وديانتهم.

واجتمع الفلاسفة وعلماء الدين على أن الأخلاق هي فطرة يولد الإنسان بها، يولد على مساعدة الآخرين واحترامهم، ولكن يشوه مجتمعُنا المريض شخصيتَه ويدمر هذه الفطرة التي من النادر -أو من شبه المستحيل- التمسك بها إلى يوم قَدَرِك.

وحثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على التمسك بالأخلاق الحميدة، فقال: "ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإنّ الله لَيبغضُ الفاحش البذيء".

وحثنا الله أيضاً على الأخلاق في سورة فصلت: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم".

وفي القرون الأخيرة، بدأ الاستعمار الفكري والاجتماعي على البلاد العربية من الغرب. وأصبح العرب يتأثرون سريعاً بالمعتقدات الغربية ومخالفة معتقداتهم وأخلاقهم (لمواكبة العصر).

وأخذ يتدرج هذا الاستعمار الفكري والأخلاقي عبر القنوات الفضائية والمنتجات الأجنبية ويدسّ فيهم معتقداتهم الرجعية ويتقبلها العرب.

وأصبح منهم من يعادي الأفكار الأخلاقية الإسلامية؛ لكونها "غير متحضرة"، كما يقولون. ويكمل مجتمعنا تقليد هذه الأفعال دون التفكير في حرمانيتها الإسلامية، فإن اعتياد الأفعال يؤثر على الأخلاق.

لقد سلب الاستعمار منا أخلاقنا وفطرتنا السليمة، وأصبح الناس في مستوى أخلاقي متدنٍّ لا يسرُّ عدواً ولا حبيباً. وأصبح لدينا مجتمع مريض بداء يصعب التخلص منه إلا عبر العلماء المتخصصين؛ ألا وهو داء الاستعمار.

لم يعد الغرب يستعمرنا بالشكل المعروف؛ لأنهم وضعوا فينا البذرة وجنوا حصادها، فهناك جوهر استعماري تم إنشاؤه ونحن من ساعدهم على ذلك. وكالعادة، استغل الغرب ذكاءهم، ففي ظل هذا الاستعمار الفكري سلبوا منا أخلاقنا ونسبوها لأنفسهم، وكما قال الإمام محمد عبده رحمه الله: "وجدت في أوروبا مسلمين بلا إسلام ووجدت في بلادي إسلاماً بلا مسلمين".

على سبيل المثال، بعض العائلات أصحاب الطبقة الاجتماعية العالية يتمسكون بالأخلاق المواكبة للعصر (الإتيكيت) دون أن يدركوا أنها متطابقة إلى حد كبير مع الأخلاق الإسلامية الحميدة ويمكن أن تكون الأخلاق الإسلامية أكثر أهمية من الإتيكيت، ولكن يأخذه الناس واجهة للتعبير عن مواكبة العصر.

وصل جزء كبير من المسلمين في البلاد العربية إلى حالة من الفجور شديدة المستوى ويصعب التخلص منها، والجزء الآخر -وهو الأكبر من وجهة نظري- أصبح لديه حالة من اللامبالاة، وترك كل شخص شأنه، وهناك أشخاص قليلون هم من يحاولون تغيير هذا الواقع.

أصبح الناس لا يبالون بالأخلاق الحميدة؛ لأن الأخلاق كلمة انعدمت في عصرنا الحالي وهربت منا في دروب الحياة، حتى تأتي علينا المواقف وتبين لنا كيف أننا نسينا الأخلاق التي هي أساس ديننا الإسلام.

فنحن نحتاج إلى الأخلاق أمسّ الحاجة، ويجب علينا التمسك بها في هذا الزمن الصعب المليء بالفتن والمصاعب والتي تحتاج مجهوداً منا للبحث عنها والتمسك بها؛ ليصبح لدينا مجتمع أكثر احتراماً وألفة.
فهل نجتهد للحصول على الأخلاق؟ أم نصبح فريسة للشيطان وأعوانه؟



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/taha-abougabal/post_16451_b_18646970.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات