الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

ماذا قدمت قطر للصومال؟

ماذا قدمت قطر للصومال؟

قلة من المؤيدين الصوماليين لحصار قطر يروجون لدعم السعودية والإمارات للصومال، ويعددون تارة المساعدات الإنسانية، وتارة فتح أسواقهم للتجار والمواشي، أهم قطاع اقتصادي للبلد، ثم بعد هذه المقدمة الطويلة يختتمون بالسؤال البسيط: ماذا قدمت قطر للصومال؟

وحتى لا يكون الجواب طويلاً لا قيمة له، فأفَضِّل أن أسرد فقط بعض التاريخ، لكي يفهم القارئ شيئاً بسيطاً عن وقوف قطر مع الشعب الصومالي، رغم التغيرات الكبيرة على مستوى القيادات السياسية.

فالكل يعرف بعد سقوط النظام الديكتاتوري "سياد بري" عام 1991م أنه في نفس السنة انتخب الرئيس "علي مهدي محمد" في جيبوتي، وهو الرئيس الرابع الذي اعترفت به الكتلة العالمية، ولكن مع سوء الحظ لم يتلقّ أي دعم من المنظمات العالمية والإقليمية، وحتى من الدول العربية، والدليل على ذلك معاتبة رئيس وزرائه آنذاك "عمر عرتة غالب" للدولة السعودية، بعدم محاولتها حل الأزمة الصومالية، وعدم دعمها لحكومته الجديدة التي يرأسها، كما فعلت في لبنان بما يسمى "اتفاق الطائف"، كل هذا وأسوأ ذكر بحواره مع "مجلة الوسط" 1992م، كما نشرته "جريدة الحياة" برقم عددها 32.

دخلت الصومال الحرب الأهلية سنة كاملة، ودخلت أميركا في الخط بشعارها "إعادة الأمل"، وفشلت ومعها طبعاً التحالف الذي أسسته لنفس الغرض، وكان من ضمنها الدول العربية، المغرب، ومصر، والمملكة السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت.

وصار الصوماليون بمواصلة حربهم القبلية، حتى عقد مؤتمر مصالحة في "عرطة - جيبوتي" 2000م، وانتخب الرئيس الخامس "عبدي قاسم صلاد حسن".

والسؤال: لماذا استقبل "عبدي قاسم صلاد حسن" في المحافل الدولية بعد عشر سنوات من الحرب والهلاك والدمار ولم يستقبل الرئيس الذي قبله "علي مهدي محمد"؟ فالرجلان انتخبا في جيبوتي، وكان كل منهما معترفاً به من قبل المنظومة العالمية، والأغرب من ذلك كله أن كليهما لم يكن له سلطة على أرض الواقع، وكانت السلطة تتقاسمها ميليشيات المافيوية القبلية حينذاك، فأين المشكلة إذاً؟

من هنا تبدأ قصة دولة قطر القوية مع الصومال، فهي التي أيدت بقوة مؤتمر "عرطة" بعد عشر سنوات من الفوضى، ومؤتمر "عرطة" هو "المؤتمـر الوطني الصومالي للسلام" الذي عقد في جيبوتي 2000م، وكانت قطر الدولة الوحيدة العربية التي ساعدت جيبوتي بنجاح المؤتمر، كما أرسلت قناة الجزيرة مراسلها اليمني أنور العنزي، وكان الصحفي العربي الوحيد الذي أتى لتغطية فعاليات المؤتمر، وكنا نتابع الأخبار كطلبة مغتربين من خلال تغطيته المباشرة لحظة بلحظة، إلى أن انتخب الرئيس عبدي قاسم صلاد حسن.

فأرسلت قطر وفداً رفيع المستوي لحضور مراسم التنصيب، كما قررت قطر دعم الصومال بأضعف الإيمان، وهو تمكينها على الأقل لتشغيل كراسيها الفاضية لعشر سنوات في المحافل الدولية.

ورأينا كيف شـارك الرئيس "عبدي قاسم صلاد" في اجتمـاع قمـة جامعـــة الــدول العربيــة التي عقدت في القاهرة في عام 2000، ومؤتمر قمة منظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقـد في الدوحة في الفـترة مـن 12 إلى 14 نوفمبر/تشرين الثاني في نفس العام.

وكنا نشاهد مباشرة كيف رحب الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني بالرئيس قاسم، وكلمته المشهورة: "اليوم من دواعي سروري وللمؤتمر، أن نرحب بالرئيس عبدي قاسم صلاد حسن، والحمد لله أن يكون من بيننا رئيس يرأس الصومال بعد غياب طويل"، ثم رحب الرؤساء كلهم بتصفيق حار.

كما شـغل مــن جديــد مقعد الصومال في منظمة "إيغاد"، التي عقـدت في الخرطوم يومي 23 و24 نوفمبر/تشرين الثاني 2000م.

كل هذا الإصرار والدعم السياسي والدبلوماسي كان من ضمن وقوف قطر إلى جانب الشعب الصومالي مشكورة.

وبعد الرئيس "عبدي قاسم صلاد" انتخب الرئيس "عبدالله يوسف"، ولم يكن خافياً كيف تدهورت علاقات قطر مع هذه الحكومة الجديدة بسبب احتلال إثيوبيا للصومال بالقوة، وكانت قطر طبعاً مع أغلبية الشعب المغلوب.



أما بعد انتهاء حكم الرئيس "عبدالله يوسف"، فكان الدعم القطري ولا يزال سخياً، كونها تقف إلى جانب الشعب الصومالي بغض النظر عن الموجود في السلطة.

سواءً كان هذا الدعم إعلامياً، أو سياسياً، أو تنموياً، أو ثقافياً تعليمياً، مثل عقد الوزارات المختصة بين البلدين بمذكرات عدة، منها مذكرة تعاون بين الجامعة الصومالية وبين جامعة حمد بن خليفة، في مجالات الاختصاص المشترك، ومنها تحديد احتياجات الصومال في قطاعات التعليم العام والعالي والمهني، ثم دعمها من قبل صندوق قطر للتنمية.

جملة ما في الأمر أن قطر حاضرة في واقع الصومالي، وما لنا إلا أن نشكرها، ونستذكر طيبة قلبها، ولا ننكر الجميل التي ليست من شيمة طبع الصومالي، حتى تستكمل الباقي، ويأتي المستثمر القطري ويستثمر في جميع المجالات الغنية الصومالية، السياحة، والزراعة، والصناعة، وقد استأنفت أخيراً بعضاً منها مشكورة.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/abdulrahman-hadana/-_14405_b_18827786.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات