الثلاثاء، 20 فبراير 2018

علَّمني الطفل آدم

علَّمني الطفل آدم

أنا فتاة أبلغ من العمر بضعاً وعشرين، حياتي كلها عادية؛ نوم وأكل وشرب وخروج مع الأصدقاء، وهكذا روتين عادي.

إلى أن جاءت لي فرصة، أن أصبح محتجزة مع طفل لم يبلع السنتين من عمره لمدة تقارب الـ90 يوماً، لم يكن لديَّ أدنى معرفة عن الأمومة، فقط كل معرفتي تحمل في الطفل تسعة شهور، وتتألم في آخر الشهور، ويأتي وقت الولادة، قد تكون ولادتها طبيعية أو قد تكون قيصرية.. للأسف هذا كل ما أعرفه حتى عشتُ لحظة ما بعد الولادة وفترة الرضاعة.

آدم طفل لم يبلغ من العمر سنتين، واجبي نحوه أن أربّيه وأعتني به وأطعمه، لكن لم تكُن المهمة هكذا.

كان هذا الشكل الخارجي لأمومة آدم، لكن الحقيقة كانت تكريس حياتي وعمري فقط له، مراقبته 24 ساعة، لا علاقات، لا خروج، لا محادثات بين الأصدقاء، لا وقت لديَّ لنفسي، لا، لا، فقط حياتي آدم، ولا غير سوى آدم.

مع كل لحظة تمر ومع كل شيء جديد أتعامل معه، كانت بمثابة جندي يحارب في المعركة بدون سلاح، وكل أمنيته أن تنتهي المعركة في أسرع وقت بأقل خسارة ممكنة!

كنت أعتقد أن التربية أمر شبه عادي، وبالممارسة وبالخبرة نستطيع أن نربّي طفلاً وكان هذا أكبر خطأ، فالتربية هي علم وجب تدريسه وتعليمه، وبعد ما تتم دراسته تبدأ مرحلة التطبيق.

الأطفال في غالبية الوقت مفرطو الحركة، فطفلي آدم كنت أجلس معه أراقبه إلا أنه لم يفلت من أي وقعة ولا من أي خبطة إلى أن فقد سنته الأمامية، بعد كل وقعة تحدث له يبدأ بتحسس أسنانه، ويكأنه يقول: هل فقدت أخرى؟ وهو ينظر إلىَّ بحزن.

حتى أستطيع أن أسيطر عليه أثناء النوم وأُعلمه أن النوم يعني الأنوار مغلقة، عندما يُغلق النور لا بد من النوم فوراً، استغرقت أكثر من 20 يوماً مع كل يوم يأتي أبكي بداخلي لعجزي عن أنه لا يستطيع النوم إلا في ساعة متأخرة جداً جداً من الليل، ولأن البدايات أصعب فبعد مرور 30 يوماً أصبح ينتظر وقت النوم حتى أخبره: هيّا بنا للنوم فنغلق النور ونذهب للنوم!

الطعام.. رحلتي مع الطعام ليست رحلة عادية، فهو لا يريد أن يأكل، وإذا أكل يأخذ فقط لقيمات، قرأت عن الوجبات المفضلة للأطفال وكيفية إطعامهم والوقت المناسب وابتكار الوجبات وتجريبها، ومرات تفشل الوجبات ومرة تنجح، إلى أن توصلت إلى حل وهو عندما يستيقظ أُطعمه شيئاً خفيفاً ونلعب سوياً حتى يستغرق في اللعب، ونبدأ في تحضير الغداء، وأخبره أن الطعام جاهز وأتركه على الطاولة حتى يراه، وكأي طفل يريد أن يرى ما هذا ويجربه، ولأني أنهكته وجعلته يبذل مجهوداً، فما كان رده: سوى أريد المزيد.

فطريقتي معه وقت معين للغداء وتفريغ طاقته حتى يشعر بالجوع، بالطبع لم أنجح في هذا من أول الأمر، لكن لكل مجتهد نتيجة اجتهاده!

علَّمني آدم أشياء كثيرة وأكسبني الكثير من التجارب، ومنحني قدرة هائلة على تحمل تغيير الحفاضات، رحلت عن آدم ولم نصل بعد لمرحلة جديدة للتخلي عن الحفاضات.

فكل فتاة بداخها فطرة الأمومة لا تعلم بوجودها إلا عندما تتحمل مسؤولية طفل!

ما ذكرته في الأعلى ليس بالشيء الذي تواجهه الأم في مراحل الطفل، خاصة وإذا كانت تعمل، فالأمر أصعب من هذا وهذا...
فالطفل في أمسّ الحاجة إلى أمه في أول عمره، وفي أمسّ الحاجة أكثر إلى أحضانها، فأنتِ أيتها الأم راحتك النفسية يمتصها منكِ فيرتاح ويهدأ، وإذا كانت بخلاف ذلك فتسوء حالته ولا يهدأ.

شكراً لكل أُم تبذل مجهوداً رائعاً من أجل عناية وراحة أفضل لأبنائها، وكل الشكر لكل أب شارك زوجته في ذلك.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.


المصدر : http://www.huffpostarabi.com/batool-attia-hegazy/post_16959_b_19277258.html?utm_hp_ref=arabi&ir=Arabi


تعبيراتتعبيرات